تعتبر أجهزة الواقع الافتراضيVirtual Reality – VR، أحدث ما توصّل إليه العلم في عالم التقنيات المرئية والمسموعة والملموسة أيضًا، وقد تطوّرت هذه التقنيات كثيرًا، إلى درجةٍ بدأ معها حلم الإنسان بربط عالم الواقع بالعالم الافتراضي، يتحوّل إلى حقيقة.
تقريرٌ حديثٌ نشره باحثون على موقع Science Robotics في 18 نيسان/أبريل الجاري، أفاد بأن جعل مؤثرات اللمس أكثر واقعيةً في الواقع الافتراضي، قد لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين التجربة، فهناك خيطٌ رفيعٌ بين الشعور بالاندماج والشعور بالتوتر، وإذا زاد مستوى الواقعية في المؤثرات اللمسية عن حده، فقد يفسد شعور المستخدم بالاندماج في الواقع الافتراضي.
وقبل أن ندخل في تفاصيل البحث، الذي دعمه الباحثون بالتجارب، دعونا أولًا نوضّح ما المقصود بظاهرة Uncanny Valley أو الوادي غريب الأطوار، وهو مصطلحٌ ظهر حديثًا، يستخدم لوصف الرعب الذي يسببه استخدام أيّ آلةٍ تشبه في شكلها الطابع البشري، كالروبوتات التي تبدو على هيئةٍ بشرية، والتي تبدو مخيفةً للناس أكثر من نظيراتها التقليدية.
وبالعودة إلى تفاصيل البحث والتجربة، فقد ارتدى المشاركون سماعات رأس الواقع الافتراضي، وأمسكوا بجهاز تحكمٍ على هيئة آلهةٍ تخيليةٍ تحمل طرفي عصا، وفي البداية، لم يشعر المستخدمون بأي إحساسٍ باللمس، ثم بدأت أجهزة تحكّم اليد تعطي اهتزازاتٍ قويةٍ متساويةٍ كل نصف ثانية، وأخيرًا، تم ضبط الاهتزازات بدقة، لإيهام المشاركين بأن العصا الافتراضية كانت تمس نقاطًا مختلفة، (على سبيل المثال، أعطت اهتزازاتٌ أشدّ في وحدة التحكم اليمنى، انطباعًا بأن العصا قد تمّ دفعها من هذا الجانب).
وبعد التجربة، أفاد المشاركون بأن تلك اللمسات والاهتزازات جعلتهم أقل اندماجًا في البيئة الافتراضية، مقارنةً بالمرات التي لم تستخدم فيها تقنيات اللمس والطنين.
ويوضّح مار غونزاليس فرانكو، الباحث في التفاعل بين الإنسان والحاسوب في Microsoft Research في ريدموند بواشنطن، وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، بأن هذه النتيجة تبيّن بوضوحٍ أن ظاهرة Uncanny Valley تنطبق أيضًا على مؤثرات اللمس في الواقع الافتراضي.
وفي نهاية التجربة، تمّ إطلاع المشاركين على قطعة الرخام المعلقة بالعصا الافتراضية، التي أعطتهم شعورًا باللمسات الموضعية، لتتغير بعدها إفادات المشاركين حول التجربة ذاتها، فيصفونها بأنها كانت ممتعةً للغاية وأشعرتهم بالاندماج في الواقع الافتراضي، دون أي إزعاجات!
وعن ذلك يقول الباحث فرانكو: “يحتاج هذا النوع المتطور من المؤثرات اللمسية في الواقع الافتراضي، إلى الربط بإشاراتٍ حسيةٍ واضحةٍ تشرح مصدر الشعور الغريب، لتفادي ترويع المستخدمين وإفساد اندماجهم”.
وذات الأمر يوضّحه شون فولمر، الباحث في مجال التفاعل بين الإنسان والحاسب في جامعة ستانفورد، بعبارةٍ أخرى، فيقول: “إن استيعاب المطورين لحقيقة أن المؤثرات اللمسية العالية قد تفسد متعة المستخدمين في الواقع الافتراضي، قد يساعدهم على خلق بيئاتٍ افتراضيةٍ أكثر جاذبية، فيما يخصّ الألعاب وبقية تطبيقات الواقع الافتراضي”.