انطلق مسبار الفضاء المسمى بالدولية لاستكشاف الشمس والأرض 3 (ISEE3) إلى الفضاء في أواخر السبعينات، وتحديداً في عام 1978، وكانت مهمته الأساسية دراسة التفاعل ما بين المجالات المغناطيسية لجاذبية الأرض والرياح الشمسية، يعتبر مسبار (ISEE3) أول مسبار يتلاقى مع مذنب فضائي، حينما مر بجانب مذنب (جياكوبوني زينر) Giacobini-Zinner عام 1985، وفي عام 1986 تلاقى معه مذنب (هالي) Halley، بعدها استقر المسبار في مدار شمسي متواز مع محور الأرض، بهدف جمع البيانات حول الأشعة الشمسية والأشعة الكونية، وفي عام 1999 تم الاستغناء عن خدمات المسبار.
العالمان و المغامران (دينيس وينجو) و (كيث كوينغ) يضغطون حالياً على المعنيين من أجل إعادة تشغيل مسبار (ISEE3)، فكرتهما تتركز على أن يتم استثمار هذه المركبة كمشروع تعليمي ومنصة بحث علمي تُقدم للعلم الشعبي (وهو بحث علمي يتم من قبل الهواة وغير المختصين).
المشكلة تكمن بأن بطارية (ISEE3) متوقفة منذ زمن طويل، ولكن بفضل ألواح خلايا الطاقة الشمسية التي يتمتع بها المسبار، فإنه ما يزال على قيد الحياة، المشكلة الأكبر تكمن بأنه من غير الممكن حالياً الاتصال بالمسبار، وهنا يأتي دور (وينجو) و (كوينغ)، فكون الأول هو مالك لشركة (Skycorp) التي تزوّد ناسا بمعدات بأدواتها، والثاني هو عالم فضائي سبق له العمل كموظف في وكالة ناسا، فإن الأنظار تتجه نحوهما لانقاذ المسبار.
حالياً، فإن الخطة المتبعة في ارجاع المسبار إلى الأرض، هي الاعتماد على ماسبق للدكتور (روبرت فاركوهار) –مهندس البعثات في ناسا- وأن قام به، فالأخير قام عمداً بادخال المسبار(ISEE3) في مدار مذنب هالي، وذلك بهدف إعادته إلى الأرض، عن طريق ولوجه إلى مدار الأرض L1، وهو ما سيتحقق في الصيف الحالي بعد أن يكمل المسبار دورته حول القمر ليندمج بعدها بمدار الأرض، وفي هذه المرحلة يتعين على (وينجو) و (كوينغ) في الفترة الواقعة ما بين أواخر أيار وأوائل حزيران أن يقوما بالاتصال بالمسبار بهدف تفعيل الصاروخ المرتبط له لإعطائه دفعة قادرة على دخوله في مدار الأرض، وإلا فإن المسبار سيبقى يدور في ذات المدار، وإن جرت الأمور على ما يرام فإن (ISEE3) سيكون على الأرض بحلول شهر آب القادم.
على الرغم من حصول (وينجو) و (كوينغ) على موافقة ناسا على مشروع ارجاع (ISEE3) إلى الأرض، إلا أنهم لم يحصلوا على الدعم المالي اللازم من الوكالة الفضائية لتمويل مشروعهم، وذلك بسبب سياسية التخفيض بالانفاق التي اتبعتها ناسا منذ فترة قريبة، لذا فقد اعتمد (وينجو) و (كوينغ) لتمويل المشروع على التمويل من قبل العامة، وتطبيقاً لذلك فقد شرعا بمشروع (RocketHub) الذي يسعيان به إلى جمع 125.000 دولار أميريكي لتمويل المشروع، فضلاً عن قيامها بتسويق مشروعهما على شبكة الانترنت ونشر كافة التفاصيل المتعلقة به طمعاً بكسب ثقة العامة، زد على ذلك بأن استكمال المشروع يحتاج إلى دعم تقني من مبرمجين مختصين بتصميم برامج الاتصالات، فكون المسبار قديم الصنع، فهو لا يحتوي على أجهزة كومبيوتر على متنه، وإنما يعتمد تشغيل نظامه على سلسلة من الادخالات المتعاقبة التي يتم استقبالها عن طريق موجات الراديو، والفكرة تتمثل بأنه بدلاً من إعادة تصميم أجهزة اتصال جديدة، يتم تصميم برنامج محاكاة لإرسال إشارات راديو إلى المسبار، ، وذلك للتحقق من الوظائف والتقنيات التي لا تزال تعمل على متن المسبار كل على حدة، علماً أن ما يملكه القائمان على المشروع من معلومات تتمثل فقط بمعرفة أن موجتي البث والاستقبال ما تزلان تعملان في المسبار، وأي معلومات أخرى عن فعالية باقي الوظائف لا يمكن لهما معرفتها إلا بعد دخول المسبار إلى مدار الأرض L1.
بطبيعة الحال، فإن البدء بمشروع (وينجو) و (كوينغ) يتطلب الحصول على مقر، ومبدئياً، سيعتمد العالمان على مقر مقدم لهم كهبة من جامعة مورهيد في ولاية كنتاكي بالولايات المتحدة الأميركية، وهذا المقر مجهّز بصحن ارسال فضائي بقطر 21 متراً بغية إرسال موجات التحكم عن طريقه لـ(ISEE3)، وستذهب جزء من التبرعات التي سيتقدم بها العامة للمشروع لشراء المعدات اللازمة لتجهيز مقر مورهيد، ولكن في نهاية المطاف لن يكون مقر مورهيد كافياً لاتمام المشروع، نظراً لضآلة صحن الارسال الفضائي الذي يحتويه، لذا فمن المقترح أن يظل مركز الإدارة الاساسي للمشروع في مقر مورهيد، ويتم استكمال المشروع بمساعدة مراكز أخرى، منها مرصد (بوخوم) في ألمانيا.
في النهاية، وفي حال نجاح المساعي بإرجاع المسبار (ISEE3) إلى الأرض، فإن خطة (وينجو) و (كوينغ) تقتضي جعله منصة للجمهور ليتم استغلاله من خلال مشروع العلم الشعبي، فضلاً عن إمكانية قيام مطوري البرامج، بتصميم برنامج على الهواتف الذكية من شأنها تمكين الطلاب من تشغيل آليات وأنظمة المسبار، خاصة في ظل وجود بعض الآليات التي ما زالت فعّالة مثل آلية قياس البلازما، آلية الجزيئات النشطة، وآلية الأمواج الصوتية، وآلية مجالات الطاقة، ويختم (وينجو) و (كوينغ) بالقول (إن إرجاع (ISEE3) لا يحقق حلمنا وحلم الكثير من الناس فقط، وإنما يحقق أحلام (فاركوهار) الذي انتظر لمدة 30 عاماً لتحقيق حلم عودة المسبار إلى الأرض).