إن طريقة تحضير كوكب قابل للسكن من قبل البشر هي بسيطة جداً، نحن بحاجة فقط لصنع الماء ولبث الغازات في الغلاف الجوي، ومن المعلوم أن كوكب المريخ يمتلك الماء والغازات، وهذا يتضح من آثار هذه المواد الموجودة عليه حتى الآن، والتي ترجع إلى أربعة مليارات سنة، عندما كان هذا الكوكب يمتلك جوا دافئاً و رطباً.
يقول (كريس مكاي) البيولوجي الفلكي في وكالة ناسا، أنه عندما يتعلق الأمر بكوكب المريخ لا تعود فكرة تحضير كواكب للعيش فيها مثل كوكب الأرض أمراً بعيداً عن المنال، حيث يمكن للبشر أن يقوموا بتبديل جو كوكب المريخ ليصبح دافئاً، وأيضاً من الممكن استعادة كثافة غلافه الجوي وذلك في غضون عدة عقود، إلا أن إنتاج مستويات ملائمة من غاز الأكسجين اللازم للتنفس قد يستغرق 100,000 سنة بالنظر إلى التكنولوجيا المتوافرة بين يدينا حالياً، ولكن هذه المدة قد تكون أقصر في حال تطور التكنولوجيا في المستقبل.
ولكن، ما هي الخطوات التي يمكن أن يتم انجازها بهدف تهيئة كوكب المريخ ليصبح مكاناً صالحاً للسكنى ؟
الخطوة الأولى: رفع درجة حرارة الكوكب
أثبتت الأبحاث أن درجة الحرارة على كوكب المريخ تبلغ حوالي 80 درجة فهرنهايت، إلا أنه يمكننا رفع درجة الحرارة عن طريق استعمال الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تحتوي تربة المريخ على كربونات الفلور الأوليّة، ويمكننا أن نقوم باستخراج كربونات الفلور من تربة المريخ عن طريق استخدام الحرارة العالية، وعندما تتحرر كربونات الفلور وتنتشر في الغلاف الجوي للمريخ، ستبدأ عملية الاحتباس الحراري، ويبدأ سطح الكوكب بالذوبان، مما سيؤدي إلى تحرير غاز ثاني أكسيد الكربون المجمد في القمم الجليدية وفي التربة، ويقوم غاز ثاني أكسيد الكربون بدوره بتسريع عملية الاحتباس الحراري من خلال احتباس الطاقة الشمسية المنعكسة على سطح الكوكب، وهذا تماماً ما حدث على كوكب الأرض وأدى إلى ظاهرة الإحتباس الحراري.
الخطوة الثانية: بناء الغلاف الجوي
حالياً، فإن سماكة الغلاف الجوي للمريخ تعادل حوالي 1% فقط من سماكة الغلاف الجوي للأرض، ولكن العلماء يعتقدون أن المريخ كان في يوم ما يمتلك غلافاً جوياً سميكاً ، ويمكن اعتبار الكوكب صالحاً للسكنى من هذه الناحية في حال استطاع العلماء إعادة بناء غلافه الجوي لتعادل سماكته 30% من سماكة الغلاف الجوي للأرض، لأن هذه النسبة تعتبر كافية لإبقاء الماء بحالته السائلة.
في شهر تشرين الثاني من هذا العام سيقوم القمر الصناعي (Maven) بأخذ عينات من الغلاف الجوي العلوي للمريخ، لمعرفة كيف نضبت الغازات منه، فإذا ما تفاعل غاز ثاني أكسيد الكربون مع العناصر الموجودة على سطح المريخ، وقام بحصرها في التربة، فإن هذا الكوكب لن يكون صالحاً للسكن فيه، كون مصير أي غاز سيتم إطلاقه في كوكب المريخ سيكون الاحتباس في التربة ، أما إذا كان سبب فقدان الغازات من كوكب المريخ هو قيام الأشعة فوق البنفسجية أو الرياح الشمسية بتدمير الغازات أو نفخها بعيداً عن الكوكب، فإن إعادة بناء الغلاف الجوي للمريخ قد يكون أمراً ممكناً.
الخطوة الثالثة: تحرير المياه
قد يبدو الكوكب الأحمر جافاً، إلّا أن العديد من البعثات الفضائية أكدت أنه يحتوي على الكثير من المياه، حيث قام مسبار (Mars Reconnaissance) بالتقاط العديد من الصور للمنطقة القريبة من خط الاستواء في الكوكب، والتي تشير إلى وجود تدفق للمياه خلال فصلي الربيع والصيف، وتشير رادارات المسبار إلى احتمال وجود خزانات ضخمة من المياه الجوفية المتجمدة في جوف المريخ، وفي الواقع فإن مسبار (Curiosity) قد أظهر أن تربة المريخ تحتوي على قطرتين من الماء في كل قدم مكعب من التربة، أي أنه بمجرد إذابة الرواسب التي تقوم بتغطية المياه، يمكننا جمع السوائل الموجودة على الكوكب في خزانات ليتم استخدامها للشرب وفي الأغراض الزراعية, وفي نهاية المطاف لا بد أن تساعد دورة المياه على نشوء النباتات وعلى تحفيز هطول موجات المطر المريخية.