هل تساءلت يوماً كيف يمكن لتغيير الطقس أو القفز من الغرف الباردة إلى الجو الحار والعكس أن يؤثر على صحتنا ويسبب الإنفلونزا؟ يبدو أننا لا نكون فقط أكثر عرضة للإصابة بالمرض في الفترة التي يتحول فيها الطقس من الحار إلى البارد، فهناك الكثير من الحالات الصحية التي ترتبط مع تغيّر الفصول.
أولاً، يبدو أن هناك بعض الحقيقة وراء حكايات العجائز التي تقول بأن الإصابات القديمة يمكنها أن تخبرنا عندما يكون المطر على وشك الإنهمار، فحتى قبل 400 عام قبل الميلاد، كان الأشخاص يشتكون من أن تغير الطقس يسبب الألم لمفاصلهم، وذلك تبعاً لبحث عن العلاقة بين الطقس والألم.
هناك الكثير من القصص، ولكن هذا لا يعني أن هناك الكثير من الأدلة، وحتى الآن، نحن لا نزال غير متأكدين بالضبط لماذا تزداد الأوجاع والآلام عندما يهطل المطر، ولكن من المحتمل أن يكون ذلك لأن الطقس البارد يجعل الضغط الجوي ينخفض، وعلى الرغم من أن الضغط الجوي موجود دائماً، ولكن عندما ينخفض فجأة، فإن الغاز داخل أجسامنا يمكن أن يبدأ بالتوسع، وهذا التوسع يشمل الغاز الذي يوجد في السائل حول المفاصل، مما يطبق مزيداً من الضغط فجأة على الإصابات القديمة التي لم تلتئم بشكل صحيح وكامل، كما يمكن للضغط المنخفض أيضاً أن يسبب الصداع.
بطبيعة الحال، فإن هناك علاقة بين الطقس والمزاج، فالاضطرابات العاطفية الموسمية – وهو شكل منخفض الدرجة من الاكتئاب يحدث عادة عندما يحل الظلام والبرد – هي أمر شائع، ولكن حالات الانتحار تصبح في الواقع أكثر عرضة للحدوث في فترات الربيع وأوائل الصيف، وهناك نظريتين لتفسير ذلك، حيث تشير الأولى، بأن الدفء المفاجئ الذي يحمله الربيع والصيف يمكن أن يخلق نوعاً من الهوس، مما يزيد من خطر الانتحار، كما يمكن للربيع أيضاً أن يزيد من سوء الالتهابات، وهناك علاقة معروفة بين الانتحار والالتهابات، أما النظرية الثانية فهي تميل في الغالب لتكون نفسية وتسمى بنظرية “الوعود”، حيث أن الشخص يتوقع بأن تصبح حالته أسوء في فصل الشتاء وأفضل عندما يأتي الربيع، ولكن عندما يأتي الربيع ويستمر سوء حال الشخص، فإنه يمكنه أن يشعر بأن حالته ميؤوس منها لأنه يفترض بأن الجميع يشعرون بالسعادة في الطقس الحار. (على الرغم من هذا لا يجب أن ننسى بأن بعض الأشخاص يصابون بـ “الاكتئاب الصيفي” أيضاً.)
يرتبط الطقس البارد أيضاً بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية، وذلك وفقاً لدراسة نشرت في مجلة (BMJ)، والسبب الأكثر احتمالاً وراء هذه الظاهرة هو أن الكثير من الأشخاص لا يمارسون ما يكفي من التمارين الرياضية في فصل الشتاء، فالقليل منا فقط يحافظون على أجسامهم في الشتاء، أما الأغلبية فيبقون دون حركة معظم الوقت حتى تأتي عاصفة ثلجية، ويكون عليهم عندها التحرك بسرعة لتأمين المنزل، وهذا يمكن أن يؤذي القلب، وهو السبب الذي يجعلنا كثيراً ما نسمع عن الأشخاص توفوا بنوبات قلبية خلال العواصف الكبرى.
أما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مرض السكري، فيمكن للطقس الحار أن يؤدي لحدوث تعقيدات لديهم، فوفقاً لدراسة تم نشرها في مجلة (Nature)، فإن عدد الأشخاص الذين يتم نقلهم إلى المستشفيات نتيجة مشاكل متعلقة بالسكري يزداد في الطقس الحار، فالأشخاص الذين يعانون من مرض السكري يعانون من مشكلة في إدارة مستويات السكر في الدم، وهذه المشاكل بمستويات السكر في الدم يمكن أن تجعل من الصعب على الشخص أن يتعرق، ويجعله يتبول أكثر من الحد الطبيعي، وهذا يجعل مريض السكري أكثر عرضة لارتفاع درجة الحرارة أو الإصابة بالجفاف.
لذلك اسمحوا لهذا بأن يكون بمثابة تحذير لنا جميعاً، فعلى الرغم من أنه من المغري أن نعتقد بأننا لا نقهر، وبأنه يمكننا استمداد القوة من خلال الثلج أو الحرارة، إلّا أننا في الحقيقة قد نكون تحت رحمة الضغط وتغيرات درجات الحرارة في الغلاف الجوي بشكل أكبر مما كنا نعتقد.