مزارعو الكاكاو الذين لم يتذوقوا طعم الشيكولاتة طوال حياتهم هم أساس صناعة تقدَّر بـ113 مليار دولار تجنيها الأسواق العالمية في تجارة الشيكولاتة كل عام، لكن لا يعود سوى 6% من القيمة النهائية لقطعة الشيكولاتة على المزارعين الذين لا يكسب 90% منهم دخلًا معيشيًا كافيًا، بينما يحصل تجَّار التجزئة على 45%، وتحصل المصانع على 35%.
يلتهم الطلب العالمي على الشيكولاتة، خاصة خلال موسم الأعياد، الغابات الاستوائية حيث تنمو أشجار الكاكاو، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي، أكبر مشترٍ للكاكاو في العالم إلى الإقرار مؤخرًا بمنع استيراد السلع المرتبطة بتدمير الغابات أو تدهورها، من بينها الكاكاو الذي تُصنع منه الشيكولاتة، بالإضافة إلى اللحوم وفول الصويا والبن، فما الذي تعنيه جهود الاتحاد الأوروبي للحد من فقدان الغابات بالنسبة للمزارعين ومَنْ يحبون الشيكولاتة منا؟
التكاليف الخفية للشيكولاتة
تأتي الشيكولاتة من القرون التي تنمو على أشجار الكاكاو في المناطق الاستوائية حصرًا، وتبدأ هذه الرحلة بحبوب الكاكاو التي يحصدها ملايين المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، ولا سيما في غرب إفريقيا، مصدر ثلثي الكاكاو في العالم، ويخضع الكاكاو الطازج لعملية تخمير لستة أيام ثم يُجفف لأسبوع آخر، ليكون جاهزًا لبيعه، وعادةً يبيع معظم المزارعين إلى وسيط يبيع بدوره إلى شركة تجارية كبيرة.
تعد صناعة الكاكاو محركًا رئيسيًا لإزالة الغابات ، وفقدان موائل الحياة البرية، وانقراض الكائنات الحية النادرة، وانتهاكات حقوق الإنسان حول العالم، خاصة في غرب إفريقيا، وهي رابع أكبر مصدر لإزالة الغابات على مستوى العالم، بعد لحوم البقر وفول الصويا وزيت النخيل، وأدَّت إلى إزالة الغابات في كل بلد تقريبًا يُنتج فيه، إذ تُقطع الغابات المطيرة لإفساح المجال لزراعة حبوب الكاكاو.
على مدى العقد الماضي، تسارعت وتيرة إزالة الغابات في غرب إفريقيا، حيث تُزرع أكثر من 60% من حبوب الكاكاو في ساحل العاج وغانا، وبحسب التقديرات، تسارعت وتيرة فقدان الغابات الاستوائية المطيرة في كلتا البلدين أكثر من أي مكان آخر في العالم، وينتج فقدان حوالي ثلث الغابات في هذه المناطق عن زراعة الكاكاو بحسب تقديرات الاتحاد الوطني للحياة البرية في الولايات المتحدة.
على مدى الـ60 عامًا الماضية، كان إنتاج الكاكاو السبب الرئيسي لإزالة الغابات في ساحل العاج، التي فقدت غاباتها بمعدل أسرع من أي دولة أفريقية أخرى ، أقل من 4% من البلاد اليوم مغطاة بالغابات المطيرة، بعد أن كانت تغطي ربعها تقريبًا، لكن مزارعي الكاكاو دمَّروا الغابات القديمة، وغرسوا مكانها أشجارهم، ما تسبب في انحسار الغابات الاستوائية بنسبة 94% منذ استقلال البلاد، التي سُميت على اسم أنياب مئات الآلاف من الأفيال التي جابت المنطقة ذات مرة.
اليوم، لم ينج سوى حوالي 200-400 فيل في أعقاب تدمير الموائل الطبيعية وعمليات الصيد الجائر، ودفعت إزالة الغابات الشمبانزي إلى عدد قليل من الجيوب الصغيرة، وتراجعت أعداد من الرئيسيات، مع تعرض العديد من الأنواع الأخرى للخطر أيضًا.
وبين عامي 2000 و2019 فقط، تمت إزالة 2.4 مليون هكتار من الغابات لإفساح المجال لإنتاج الكاكاو لمصنِّعي الشيكولاتة في أوروبا، وهي مساحة تقارب مساحة رواندا، بحسب تحليل أجرته مبادرة “Trase” التي تتتبع تأثير السلع العالمية على الغابات، وتمثل هذه المساحة 45% من إجمالي إزالة الغابات وتدهورها في البلاد، وهذا يعني أن ساحل العاج لن تنتج الكاكاو بعد عدة سنوات، ما لم تتوقف عن وقف إزالة الغابات، وذلك بسبب اختلال النظام البيئي الإستوائي.
في عام 2019، كان 25% من مساحة إنتاج الكاكاو في ساحل العاج يقع ضمن مناطق “محمية” بموجب القانون ومحميات غابات حسب تصنيف التشريعات البيئية المحلية، لكن ضعف الحوكمة يعني أن هذه القوانين نادرًا ما يتم إنفاذها.
كانت السلطات تغض الطرف عن تلك الممارسات، لأن الكاكاو يمثل النسبة الأكبر من صادرات البلاد، ويؤِّمن فرص عمل لـ6 ملايين شخص، لكنها لجاءت في بعض الأحيان لفرض إجراءات قاسية من بينها تهجير السكان وسط الغابات المحمية، بهدف إبعاد كابوس حقيقي عن هذا البلد الذي يعد أكبر منتج للكاكاو في العالم، ويصدِّر حوالي ثلثي الكاكاو إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حيث يُستخدم لصنع الشيكولاتة.
الدولة ومصنِّعو الشيكولاتة أدركوا خطورة الموقف قبل فوات الأوان، ففي وقت سابق من عام 2019، اجتمع وزراء وصناعيون ونجوم محليون لزراعة مليون شجرة على امتداد البلاد، وفي مبادرة أخرى بدأ المزارعون بغرس الأشجار حول حقوق الكاكاو، باعتبار أن تجاور الغابات والأرض الزراعية نهج معتمد في العالم من أجل تحسين إنتاجية الأرض، لكن على الرغم من كل هذه المبادرات لحماية الغابات، تجاوز معدل إزالة الغابات معدل التشجير.
وفي حين ركزت حرائق الغابات في السنوات الأخيرة الانتباه على غابات الأمازون المطيرة في البرازيل ، كانت منطقة غرب إفريقيا نقطة اضطراب رئيسية أخرى، وفقدت غانا 80% من غاباتها، ووفقًا لتقدير وزير الأراضي والموارد الطبيعية، تم قطع الأشجار في منطقة بحجم نيوجيرسي ، حيث تعيش حوالي مائة ألف أسرة على هذه الزراعة، وعلى الرغم من أن التعدين غير القانوني مسؤول عن بعض الدمار، إلا أن الكثير منه من عمل مئات الآلاف من مزارعي الكاكاو الفقراء الذين يسعون إلى توسيع أراضيهم عن طريق قطع الأشجار الناضجة، غالبًا في الحدائق والغابات المحمية.
على الصعيد العالمي ، فإن وتيرة إزالة الغابات تنذر بالخطر، وتقريبًا في كل مرة يقضم أحد قطعة شيكولاتة تُقطع شجرة وتُستبدل بها شجرة كاكاو، ففي عام 2017، فقد العالم 40 ملعب كرة قدم من الغابات الاستوائية كل دقيقة ، مدفوعة بالطلب المتزايد ليس فقط على الكاكاو ، ولكن أيضًا على زيت النخيل وفول الصويا والأخشاب ولحم البقر والمطَّاط ، وفقًا لمنظمة “Global Forest Watch”، وهي منظمة غير ربحية لديها بيانات عبر الإنترنت و أدوات لمراقبة الغابات.
,, يعيش حوالي نصف السكان الذين يعتمدون في معيشتهم على زراعة الكاكاو تحت خط الفقر، لدرجة أنهم لا يستطيعون تحمل نفقات تناول قطعة واحدة من الشيكولاتة. ,,
وبشكل عام، تتعرض الغابات اليوم لخطر جسيم، حيث فقدت 420 مليون هكتار (1.6 مليون ميل مربع) من مساحتها بين عامي 1990 و2020، وهي تعادل مساحة الاتحاد الأوروبي، وتعادل فقدان مساحة 800 ملعب كرة قدم من الغابات كل ساعة بحسب بيانات البنك الدولي، وأدَّى الكاكاو إلى إزالة الغابات في مناطق جغرافية أخرى مثل الكاميرون وبيرو والإكوادور وإندونيسيا.
وتعد الانبعاثات الناتجة عن تغير استخدام الأراضي، والتي ترجع في الغالب إلى إزالة الغابات، ثاني أكبر سبب لتغير المناخ بعد حرق الوقود الأحفوري، ويُقدِّر الخبراء أن إزالة الغابات مسؤولة عما يقرب من 12% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية التي تغذي أزمة المناخ.
وتتكاثر الأضرار البيئية، حيث يُزرع الكثير من الكاكاو اليوم في أنظمة الزراعة الأحادية، وتتضمن هذه الممارسة زراعة محصول واحد كل عام في نفس الحقل، مما يؤدي إلى تعطيل النظم الغذائية للحياة البرية والبشر والكائنات الحية في التربة، وغالبًا ما تتم زراعة الكاكاو الأحادية بالاعتماد الشديد على مبيدات الآفات الضارة والفطريات والمواد الكيميائية الأخرى، مما يؤدي إلى تلوث أنظمة المياه ويزيد من تعريض الحياة البرية للخطر.
ويشير الاقتصاديون إلى هذه التكاليف الخفية للشيكولاتة على أنها عوامل خارجية، مما يعني أنها لا تُحسب في السعر الفعلي للمنتج النهائي لكنها تُدفع في هذه الحالة من الغابات والكائنات الحية التي تعيش فيها.
لحسن الحظ، يمكن زراعة الكاكاو بطرق تعزز التنوع البيولوجي وتدعم النظم البيئية الصحية. بالنسبة للحياة البرية، تأتي أجود أنواع الكاكاو من زراعة الغابات الشجرية، وتستلزم الحراجة الزراعية زراعة الكاكاو في المزارع وبين الأشجار والمحاصيل المتنوعة، وتشمل الفوائد البيئية لهذه الممارسة عزل الكربون، وصحة التربة، وتثبيت النيتروجين، وتنظيم المياه، والتحكم في التعرية والمناخ المحلي، وزيادة التنوع البيولوجي، يمكن أن تساعد أنظمة الكاكاو في الحراجة الزراعية المزارعين أيضًا، من خلال تسهيل تنويع الدخل وتحسين الأمن الغذائي.
الوجه المظلم للشيكولاتة
أدَّى الفشل في إحراز تقدم ملحوظ ضد إزالة الغابات إلى تشويه صورة صناعة الشيكولاتة ومصداقيتها في وقت كانت تتعرض فيه بالفعل لانتقادات بسبب ممارساتها في غرب إفريقيا.
يُنتج ما يصل إلى 70% من الكاكاو في العالم بواسطة مليوني مزارع في حزام يمتد من سيراليون إلى الكاميرون، لكن ساحل العاج وغانا، أول وثاني أكبر منتجين في العالم، هما أيضا أكبر ضحايا إزالة الغابات التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على سبل عيش أكثر الناس ضعفًا، بما في ذلك الشعوب الأصلية، الذين يعتمدون بشكل كبير على النظم الإيكولوجية للغابات.
يعتبر قطاع الكاكاو مهمًا للغاية بالنسبة لاقتصادات هذه الدول، حيث يشكِّل أكثر من 20% من إجمالي قيمة الصادرات، فضلاً عن كونه مصدرًا لتوفير فرص العمل.
في عامي 2018 و2019، ذهبت 65% و54% من صادرات كوت ديفوار وغانا إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ومن بين المستوردين الرئيسيين الآخرين الولايات المتحدة وماليزيا والبرازيل.
هذا “الذهب البني” يعود بالنفع خصوصًا على الصناعيين في البلدان الغربية، الذين يحوَّلونه إلى ألواح شيكولاتة وبسكويت وقوالب حلوى باهظة الثمن يتناولها مليارات المستهلكين حول العالم.
تبلغ قيمة قطاع الكاكاو العالمي أكثر من 44 مليار دولار سنويًا، لكن هذه الحبوب لا تدر سوى القليل من المال على السكان المحليين والمزارعين، ووفقًا للبنك الدولي، يعيش حوالي نصف السكان الذين يعتمدون في معيشتهم على زراعة الكاكاو تحت خط الفقر، لدرجة أنهم لا يستطيعون تحمل نفقات تناول قطعة واحدة من الشيكولاتة.
,, ساعد الفقر في تفسير سبب إنجاب العديد من المزارعين لأطفال يعملون في المزارع، ويُعتقد أن حوالي مليوني طفل يعملون في أعمال خطرة في قطاع الكاكاو.,,
هؤلاء الذين لم يتذوقوا طعم الشيكولاتة طوال حياتهم هم أساس صناعة تقدر بـ113 مليار دولار تجنيها الأسواق العالمية في تجارة الشيكولاتة كل عام، لكن لا يعود سوى 6% من القيمة النهائية لقطعة الشيكولاتة على المزارعين الذين لا يكسب 90% منهم دخلًا معيشيًا كافيًا، بينما يحصل تجَّار التجزئة على 45%، وتحصل المصانع على 35% بحسب دراسة نشرتها منظمة التجارة العادلة الدولية في يونيو/ حزيران 2021.
وغالبًا ما تنطوي زراعة الكاكاو على انتهاكات حقوقية وتحديات اجتماعية، حيث يتقاضى معظم مزارعي الكاكاو في المتوسط أجرًا أقل بقليل من دولار واحد في اليوم، وتكسب كثير من المزارعات أقل من نصف دولار في اليوم، وهو أقل من عتبة خط الفقر المدقع التي حددها البنك الدولي بـ1.9 دولار، لأن سعر الكاكاو قد انخفض إلى هذا الحد.
ظلت أسعار الكاكاو تنخفض بشكل مطَّرد منذ عقود، ومع ارتفاع التضخم، بما في ذلك ارتفاع تكاليف النقل، سقط الأشخاص الذين يزرعونه في أوقات أصعب من أي وقت مضى، وحفزتهم الأسعار المنخفضة على تدمير المزيد من الغابات لإنتاج المزيد من الكاكاو، فعندما يتعين على المزارعين الاختيار بين إطعام أسرهم وعدم قطع الأشجار قديمة النمو فلن يكون لديهم خيار.
جادل تقرير حديث أعدَّته عدة مجموعات غير ربحية بأن زيادة دخل المزارعين سيقطع شوطًا طويلاً لحماية الغابات، وقد سعت سلطات ساحل العاج إلى ذلك بالفعل في سبتمبر/ أيلول 2022، عندما حددت سعر بيع الكيلو جرام الواحد من حبوب الكاكاو بـ900 فرنكًا إفريقيًا (ما يعادل 1.33 دولار)، رافعة إياه بنسبة 9% مقارنة بالموسم السابق، لكنه ظل دون السعر السائد قبل 5 سنوات بمقدار 1100 فرنك.
أدَّى هذا الفشل الذي يكمن وراء سوء التوزيع العادل للأرباح إلى إغراق مزارعي الكاكاو في فقر مدقع جعلهم غير قادرين على تحمل نفقات تطوير أنظمة الزراعة الحراجية، واُضطر الكثير منهم أيضًا إلى التواطؤ مع قاطعي الأشجار والصيادين غير القانونيين مقابل الغذاء أو المال، كما ساعد الفقر في تفسير سبب إنجاب العديد من المزارعين لأطفال يعملون في المزارع، ويُعتقد أن حوالي مليوني طفل يعملون في أعمال خطرة في قطاع الكاكاو، بحسب مسح حول عمالة الأطفال أجرته جامعة تولين الأمريكية عام 2014.
إذن، الأمر لا يتوقف عند حد انتهاك هذه الصناعة “للمساواة في الظلم” بين الجنسين، بل تمتد إلى انتهاك حقوق الأطفال، حيث يشارك اثنان من كل خمسة أطفال في المجتمعات الزراعية في أشكال خطيرة من عمالة الأطفال، رغم كونها كارثة تندد بها المنظمات الدولية وغير الحكومية منذ عقود، ويأتي العديد من الأطفال الذي يتم استغلالهم في مزارع الدول المنتجة للكاكاو من بوركينا فاسو ومالي والبلدان الفقيرة المجاورة.
لسوء الحظ، الفقر وعمالة الأطفال ليسا الشواغل الوحيدة لحقوق الإنسان المرتبطة بإنتاج الكاكاو، الاتجار بالبشر والعبودية الحديثة هما أيضا حقيقة قاتمة تفسر سبب تزايد الضغط على هذه البلدان، وعلى شركات الشيكولاتة أيضًا، حيث يطالب المستهلكون بمنتج أخلاقي يتم تصنيعه دون استغلال الأطفال أو الإضرار بالبيئة، فبين عامي 2012 و2020، أُدين حوالي 300 شخص بالإتجار بالأطفال من بين 600 شخص قُدِّموا للعدالة في ساحل العاج.
ومنذ عام 2019 حتى عام 2021، تم إخراج حوالي ألفي طفل من مزارع الكاكاو في ساحل العاج، جميعهم نُقلوا إلى مركز استقبال الأطفال الذي اُفتتح عام 2018، حيث يتم الاستماع إليهم وتوعيتهم من قبل المعلمين وعلماء النفس، وفي حالات خطيرة كسوء المعاملة أو العمل القسري، يبقى الأطفال الأميُّون بشكل عام في المراكز لبضعة أشهر.
نتيجة لذلك، سعت دول غرب إفريقيا، ومنها ساحل العاج التي توفر نحو 40% من الكاكاو العالمي، إلى تسريع وتيرة إصلاحات الكاكاو بشكل ملحوظ في السنوات، وتحسين ظروف المزارعين، لكن وعود المسؤولين تبقى في أغلب الأحيان حبرًا على ورق، ولا يزال هناك الكثير الذي يتعين عليهم القيام به.
إلى أين يذهب الكاكاو؟
كانت بعض دول غرب إفريقيا في الوقت السابق تكتفي بتصدير الكاكاو الخام الذي يُصنع في أماكن أخرى، لكنها سعت في السنوات الأخيرة لدخول مجال التصنيع، فقد دفع زيادة الإنتاج إلى تشجيع إنتاج الشيكولاتة، ففي غانا مثلاً، تنتج شركة واحدة 200 طن من منتجات الشيكولاتة، كما تساهم الدولة في الدفع لزيادة الإنتاج وتصنيع الكاكاو والشيكولاتة من خلال الإعفاء من الضرائب على معدات وآلات تصنيع الشيكولاتة المستوردة.
تم تحرير سوق الكاكاو الغاني جزئيًا من خلال مجلس الكاكاو الغاني (COCOBOD)، الذي تسيطر عليه الحكومة، ويشرف على أجزاء كثيرة من سلسلة التوريد، ويسيطر بشكل مباشر على تصدير جميع الحبوب الخام تقريبًا التي تمثل 71% من صادرات الكاكاو، لكن تبقى إمكانات تصنيع الشيكولاتة محدودة مقارنة بالشركات التجارية الكبرى.
تقوم بعض هذه الشركات بمعالجة الكاكاو في غانا قبل التصدير. على سبيل المثال، كانت أكثر من 45% من حيث الوزن و60% من حيث القيمة من صادرات الشركة الفرنسية البلجيكية “باري كاليبوت” (Barry Callebaut) وشركة “كارجيل” (Cargill) الأمريكية، في شكل منتجات معالَجة (معجون الكاكاو والزبدة والمسحوق). في المقابل، صدَّرت الشركتان الفرنسيتان “توتون” (Touton) و”سوسدين” (Sucden) الكاكاو بشكل حصري تقريبًا كحبوب خام، رغم أن صادرات حبوب الكاكاو الخام تضيف قيمة أقل لاقتصاد الدول المنتجة.
في ساحل العاج، يشتري التجَّار ترخيصًا من “مجلس الكاكاو والقهوة” لتصدير كمية معينة من الكاكاو بسعر مرجعي متفق عليه مسبقًا، وتتعامل أكثر من 120 شركة مع صادرات الكاكاو، على الرغم من أن السوق يتركز في أيدي عدد قليل منها، حيث تتعامل عشر شركات مع ثلثي إجمالي الصادرات.
داخل الاتحاد الأوروبي، تأتي هولندا في مقدمة الدول المستوردة للكاكاو، ففي عام 2018، بلغت وارداتها 1.1 مليار كيلوجرام، جاء أكثر من نصفها من ساحل العاج، وتتم معالجة حوالي ثلاثة أرباع الحبوب التي تصل إليها داخل البلد، ويتم إعادة تصدير الباقي إلى بلدان أخرى داخل أوروبا وخارجها، بحسب بيانات هيئة الإحصاء الهولندية (سي بي إس).
الجدير بالذكر أن سويسرا، وهي مُصنِّع رئيسي للشيكولاتة، دولة غير ساحلية ولا تستورد الكاكاو مباشرة، وبدلاً من ذلك، تتلقى الكاكاو المستورد في مراكز إعادة التصدير مثل هولندا وألمانيا وفرنسا.
نتيجة لهذه الممارسات، أصبحت ثروة “الذهب البني” محور محادثات تاريخية، في سبتمبر/ أيلول عام 2019، بعد تهديد غانا وساحل العاج بتعليق بيع الكاكاو، لرفع الحد الأدنى لسعره للمساعدة في محاربة فقر المزارعين، وغالبيتهم من أصحاب الأراضي الصغيرة، الذين يُنتجون غالبية المكون الرئيسي لصناعة الشيكولاتة العالمية.
,,
في عام 2017، أصبح الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مدمِّر للغابات الاستوائية بعد الصين، وساهمت وارداته في 16% من إزالة الغابات على المستوى العالمي.
,,
يستند هؤلاء في تهديدهم إلى أن نسبة ضئيلة فقط من الأرباح العالمية تصب في جيوب المنتجين، وهو وضع لم تتقبله غانا وساحل العاج، وطالبتا بحد أدنى للأسعار يقدر بـ2600 دولار للطن الواحد، ولاقى هذا المطلب ترحيبًا واسعًا لدى نقابات مزارعي الكاكاو، لكن زيادة الأسعار لا تعني المزارعين فحسب، ويخشى المنتجون أن تؤدي زيادة الأسعار إلى ركود في حركة النشاط الاقتصادي.
في تصعيد آخر للخلاف بين منتجي الكاكاو وعمالقة الشيكولاتة: شركة “مارس” (Mars) و”هيرشي” (Hershey) و”أولام” (Olam)، هدَّد مزارعو الكاكاو في ساحل العاج، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2020، بوقف أنشطة الإنتاج “من عام إلى عامين”، والتركيز في المقابل على إنتاج الكسافا (المَنِيْهُوت أو البَفرة) ومحاصيل أخرى في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
وبقدر حاجة البلدان المنتجة للكاكاو في المنطقة إلى سوق الاتحاد الأوروبي تحتاج أوروبا إلى مورديها من غرب إفريقيا. ومع ذلك، فإن الشركات التجارية الكبرى تتحكم في قواعد اللعبة، فهي تمتلك مخزون كبير من الكاكاو يمكنها من الانتظار حتى تضطر حكومات الدول المنتجة للكاكاو إلى البيع بسعر منخفض.
كانت النتيجة الحتمية هي عدم استجابة شركات الشيكولاتة بالفعل لهذا التهديد الذي يُضاف إلى إجراء سابق اتخذه المنظمون في كلتا الدولتين في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لإلغاء مخططات الاستدامة التي تديرها شركة “هيرشي”، المتهمة بتوريد كميات كبيرة من الكاكاو في بورصة العقود الآجلة لشركة “إنتركونتيننتال إكستشينج” (ICE) الأمريكية المدرجة على قائمة “فورتشن 500″، من أجل تجنب دفع ضريبة “تباين الدخل المعيشي” التي أُضيفت إلى سعر الكاكاو المستورد من غانا وساحل العاج.
كان مجلس القهوة والكاكاو الإيفواري ومجلس الكاكاو بغانا أعلن هذه الضريبة بقيمة 400 دولار لكل طن في عام 2019، في محاولة للمساعدة في محاربة فقر المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة، لكن الشركات المُصنّعة للشيكولاتة سعت لتجنب دفعها من خلال شراء الكاكاو في سوق العقود الآجلة بدلًا من تجار السلع في خطوة أزاحت المنتجين في غرب أفريقيا.
منتجات خالية من إزالة الغابات.. هل هذا ممكن؟
ينظر الأوروبيون إلى استدامة الكاكاو من خلال إزالة الغابات، بينما تنظر ساحل العاج وغانا إلى ذلك من خلال عائدات المزارعين، رغم ذلك، يُعد منع قطع وتدهور الغابات الكبرى في العالم جزءًا أساسيًا من خطة الاتحاد الأوروبي لمعالجة حالة الطوارئ المناخية، ويرجع ذلك إلى أن تدهور حوالي 70% من التربة الأوروبية نتيجة للزراعة والتلوث والزحف العمراني، بينما يتم تجريف مليار طن من التربة كل عام من خلال التعرية، وهي كمية تعادل عمق متر واحد من التربة في أنحاء برلين.
وبين عامي 1990 و2008، أدَّى استهلاك الاتحاد الأوروبي إلى إزالة 10% من الغابات العالمية، وفقًا لتقديرات المفوضية الأوروبية، وفي عام 2017، أصبح الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مدمِّر للغابات الاستوائية بعد الصين، وساهمت وارداته في 16% من إزالة الغابات على المستوى العالمي، بحسب تقرير صادر عن “الصندوق العالمي للطبيعة” (World Wildlife Fund).
اتخذ الاتحاد الأوروبي مجموعة متنوعة من الإجراءات التنظيمية وغير التنظيمية للتعامل مع تحديات إزالة الغابات وتدهورها، وبينما زاد الغطاء الحرجي في الاتحاد الأوروبي خلال العقود الأخيرة، فإن معدل إزالة الغابات في مناطق أخرى، وتحديدًا في المناطق الاستوائية، لا يزال مستمرًا عند مستويات مثيرة للقلق.
أول هذه الإجراءات يعود إلى أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021، فبعد أسبوعين من توقيع قادة العالم على خطة لوقف إزالة الغابات والعمل على سلامتها في قمة غلاسكو لمواجهة تغير المناخ “Cop26″، حدَّد المسؤول التنفيذي في الاتحاد الأوروبي مشروع قانون يطالب الشركات بإثبات أن السلع الزراعية المخصصة لـ450 مليون مستهلك في السوق الأوروبية الموحدة ليست مرتبطة بإزالة وتدهور الغابات في أي مكان في العالم.
اقتصرت هذه الخطة حينها على حظر واردات الاتحاد الأوروبي من لحوم البقر وزيت النخيل وفول الصويا والخشب والكاكاو والقهوة، لكن المثير للجدل أن الخطة استبعدت منتجات تثير بالفعل مخاوف بيئية، مثل المطَّاط والجلود والذرة وأنواع أخرى من اللحوم، وربطت الخنازير والدجاج بإزالة الغابات من خلال استخدام فول الصويا كعلف للحيوانات.
لنأخذ المطَّاط أو “الهيفيا” كمثال على أثره في تقلص مساحات الغابات، فقد تسبب في إزالة 5 ملايين هكتار من الغابات في السنوات الأخيرة، ففي الكاميرون مثلاً، تتعرض الغابات لتهديد كبير، حيث تقوم عشرات الشركات متعددة الجنسيات كل عام بإزالة عشرات الهكتارات من هذه الغابات لاستغلالها في زراعة أشجار المطَّاط التي تدر الكثير من الأرباح، وتأتي شركة “سود إيفيا” في المقدمة، وتسيطر على مساحة تقدَّر بمائة ألف هكتار، أي 75% من الغابات، وتستولي على الأراضي، وتصادر أملاك السكان الأصليين، بحسب تحقيق لقناة “فرانس 24”.
استند قرار استبعاد المطَّاط جزئيًا إلى بحث أكاديمي قيَّم مخاطر إزالة الغابات التي تشكلها ثماني سلع بما في ذلك فول الصويا ولحم البقر وزيت النخيل والخشب، وخلص مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أن الذرة والمطَّاط يمثلان جزءًا صغيرًا فقط من إزالة الغابات، في حين أن التجارة الإجمالية في هذه السلع كبيرة، ما يعني أن “جهدًا كبيرًا للغاية سيولد عائدًا ضئيلًا” من حيث الحد من إزالة الغابات التي يقودها استهلاك الاتحاد الأوروبي، لكن الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي أشارت في عام 2019 إلى الذرة والمطَّاط كجزء من المشكلة.
كذلك اقتصرت مقترحات الاتحاد الأوروبي على تعريف ضيق للغابات، وتجاهلت الأراضي الرطبة والنظم البيئية الهشة المهددة بالانقراض، مثل أراضي سيرادو الشاسعة في البرازيل، وهي أكبر غابات حشائش السافانا في أمريكا الجنوبية، وموطن لـ10000 نوع من النباتات، نصفها لا يوجد في أي مكان آخر في العالم.
كما تجاهلت مسودة اللائحة التي طال انتظارها الأراضي الرطبة في منطقة محمية بانتانال الواقعة في غرب وسط البرازيل، المهددة باستغلال فول الصويا ولحوم البقر، والتي تمتد إلى بوليفيا وباراغواي، وهي واحدة من أكبر الأراضي الرطبة في العالم وموطن لأنواع مهددة بالانقراض مثل أرماديلو (المدرَّع) العملاق وثعالب الماء (القُضاعات) العملاقة.
تقليص نطاق قانون مكافحة إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي وصفه علماء بأنه “أمر مضلل”، لأنه استبعد أيضًا الأراضي الخثية في جنوب شرق آسيا، وهي مخزن غني للكربون والحياة النباتية والحيوانية، فرغم أنها لا تغطي سوى 3% من سطح الأرض، فإنها تخزن ما يقرب من 550 مليار طن من الكربون، أي ضعف ما هو عليه الحال في جميع غابات العالم بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
هناك العديد من الثغرات الأخرى، فالقانون لم يستهدف القطاع المالي على وجه التحديد، وهو ما يمثل ضربة للناشطين الذين جادلوا بأن البنوك الأوروبية تلعب دورًا في تأجيج إزالة الغابات من خلال القروض التي تقدمها.
على الرغم من ذلك، رحَّبت المنظمات المدافعة عن البيئة والتنوع البيولوجي بالخطط، حيث سيحاول الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى تنظيم المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات بالكامل، لكن هذه المحاولة تقلل التجارب السابقة في هذا المجال من جدواها، فمنذ أكثر من عقد من الزمان، أحبطت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا، خططًا لقانون حماية التربة في الاتحاد الأوروبي.
في حين وافق الاتحاد الأوروبي على خطة لمعالجة قطع الأشجار غير القانوني في عام 2003، كان الاتحاد أبطأ في محاولة منع إزالة الغابات بسبب التجارة المشروعة، ونظرًا لأن أوروبا تزرع المزيد من الأشجار في الداخل، فقد تعرض السياسيون لضغوط متزايدة لمعالجة الكيفية التي تؤدي بها شهية الاتحاد الأوروبي للحوم البقر والكاكاو والقهوة وزيت النخيل إلى إزالة الغابات خارج حدودها.
ويقول دعاة حماية البيئة إن هذه الخطوة يمكن أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة للأنظمة البيئية المهددة في بلدانهم، لأن بعض الدول الحرجية الكبيرة، مثل البرازيل، قللت من الحماية القانونية، كما صُنفت بوليفيا كواحدة من أكبر خمس دول أزيلت منها الغابات في العالم، بعد أن شرع الرئيس السابق خوان إيفو مورالس في توسيع كبير للأراضي الزراعية على حساب الغابات، وساهمت عمليات القطع والحرق لإنشاء الأراضي الصالحة للزراعة في حرائق الغابات المدمرة التي استهلكت ما لا يقل عن 5.3 مليون هكتار (13 مليون فدان) من الغابات والسافانا في عام 2019 وحده.
بعد عام تقريبًا من طرح مشروع القانون، وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعهَّد المشرِّعون بعد مفاوضات طويلة بين البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بمعالجة مخاطر إزالة الغابات في سلاسل التوريد للعديد منتجات الأراضي التي أُزيلت منها غابات بعد ديسمبر/ كانون الأول 2020، ووقعوا على اتفاقية وُصفت بـ”التاريخية” قبل أيام فقط من انعقاد مؤتمر الأطراف “كوب15” حول التنوع البيولوجي في مونتريال.
سيتعين على الشركات التي تستورد الكاكاو وتبيع الشيكولاتة في الكتلة المكونة من 27 دولة تَتَبُع الأراضي التي تُزرع فيها حبوب الكاكاو والتأكد من عدم تجريف أي غابات لزراعتها، وسيتعين على حكومات البلدان التي تُباع فيها هذه الشيكولاتة إجراء فحوصات عشوائية، مما يعني مراقبة الأراضي في بلدان المنشأ عبر الأقمار الصناعية وتتبع الموقع الجغرافي.
ورغم أن النص النهائي للاتفاقية يشمل “ضمانات لحماية حقوق الشعوب الأصلية”، ويفرض على المستوردين “التحقق من الامتثال لتشريعات بلد الإنتاج في ما يتعلق بحقوق الإنسان”، إلا أن بعض المنظمات البيئية رأت أن نص الاتفاقية “غير كامل”، بسبب استبعاد إدراج غابات السافانا، واقتصار تعريف إزالة الغابات على “التحويل” في أراضي المحاصيل، والذي لا يشمل جميع الأضرار داخل مناطق الغابات.
كيف سيؤثر القرار الأوروبي في الشيكولاتة؟
مع وضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة مؤخرًا على لائحة حظر استيراد السلع المزروعة على الأراضي التي أزيلت منها الغابات، والتي تتطلب من الشركات إجراء العناية الواجبة لسلاسل التوريد الخاصة، سيكون أمام الشركات والتجار 18 شهرًا لإثبات أن الشيكولاتة التي يبيعونها خالية من إزالة الغابات.
مع انتهاء الفترة المحددة، ستصنِّف المفوضية الأوروبية الدول المنتجة التي تبيع هذه السلع في الاتحاد الأوروبي على أنها منخفضة أو متوسطة أو عالية المخاطر بناءً على معدل إزالة الغابات وتدهورها مع وجود ضوابط على الصادرات ذات الصلة اعتمادًا على وضعها.
يشير تحليل “Trase” إلى أن الشركات ستكافح لتجنب الوقوع تحت طائلة القانون، لأن أكثر من 55% من الكاكاو من ساحل العاج لا يمكن تعقبه، إما لأنه يتم الحصول عليه بشكل غير مباشر من وسطاء محليين أو يتم تصديره من قبل التجَّار الذين لا يكشفون عن أي معلومات عن مورديهم.
من خلال تحليل إنتاج الكاكاو وبيانات التجارة لعام 2019 جنبًا إلى جنب مع رسم خرائط الأقمار الصناعية لإزالة الغابات خلال الفترة بين 2000-2015 لربط المناطق التي يتم فيها حصاد الكاكاو بأسواق التصدير حيث يتم استهلاكه، تظهر النتائج أن الاتحاد الأوروبي يتسبب في إزالة 838 ألف هكتار من أشجار الكاكاو الإيفواري بنسبة 56% من مصادر لم يتم تعقبها.
وتتوزع هذه النسبة بين 3 شركات عالمية تتحكم في حوالي نصف سوق الكاكاو العالمي، فقد تعرضت صادرات شركة “كارجيل” (Cargill) إلى 183 ألف هكتار من الغابات، تليها شركة “أولام” (Olam) بمساحة 165 ألف هكتار، و”باري كاليبو” (Barry Callebaut) بمساحة 185 ألف هكتار، و”توتون” بمساحة 99 ألف هكتار. بشكل عام، فإن 58% من التعرض لإزالة الغابات يأتي من مصادر لم يتم تعقبها، والتي تكون إما غير مباشرة أو غير معروفة.
رغم كل الجهود المبذولة حتى الآن، لا يمكن ضمان الحفظ والاستخدام المستدام للغابات من خلال السياسات الحالية، ولا يبدو أن عمل الاتحاد الأوروبي وحده سيحل المشكلة، كما يقول مفوض شئون البيئة والمحيطات ومصايد الأسماك بالاتحاد الأوروبي، فيرجينيوس سينكيفيتشوس، ويضيف: “نحتاج أيضًا إلى أسواق رئيسية مثل الولايات المتحدة والصين لتنظيم سلسلة التوريد الخاصة بهم ونحتاج إلى المنتجين لتكثيف حماية الغابات”.
لكن حتى الولايات المتحدة لم تتمكن من تحقيق ما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقه، ويمكن معرفة ما يفكر فيه المشرعون بشأن الجهود المبذولة لتنظيم سلسلة توريد الشيكولاتة بالعودة إلى عام 2021، عندما اقترح الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون من شأنه أن يقيد بعض السلع من دخول السوق إذا تم زراعتها على أرض أزيلت عنها الغابات بشكل غير قانوني، لكنه لم يحظ بدعم الجمهوريين وظل حبيس الأدراج المغلقة.
سبق ذلك محاولة أخرى لتنظيم سلسلة توريد الشيكولاتة التي تتسم بقدر كبير من التعقيد في ظل وجود العديد من الوسطاء، وجاءت في أعقاب الوعود الطوعية التي أطلقها صانعو الشيكولاتة الكبار لإنقاذ الغابات في البلدان المنتجة للكاكاو في العالم، وعلى رأسها ساحل العاج وغانا ونيجيريا، لكن رغم العدد المتزايد لالتزامات الاستدامة، ظلوا بعيدين عن تحقيق هذا الهدف الطموح، واستمرت المعاناة من الفقر المستمر وعمالة الأطفال وإزالة الغابات الإستوائية التي من متوقع أن تختفي كليًا بحلول عام 2030 إذا استمر الطلب العالمي على الشيكولاتة، وفقًا لتحقيق نشرته مجموعة “مايتي إيرث” البيئية.