قد يبدو سوق الأسهم والمعاملات المالية و خوارزميات البورصة غامضًا لدى العديد من الأشخاص الذين لا يعرفوها بشكل جيدًا، بل قد تبدو مخيفة لهم خصوصًا أن التداولات والمعاملات المالية تتغير وتتبدل في الثانية الواحدة. ثانية واحدة قد تحدث فرقًا بين ربح أو خسارة. أدى ظهور الذكاء الاصطناعي والمعلوماتيّة الرقمية إلى إيجاد تقنيات وطرق جديدة فيما يختص بالأسواق المالية عبر ” التداول بالخوارزميات”.
يشار إليها أحيانًا بـ ” التداول الآلي” أو ” تداول الصندوق الأسود (black-box trading) وهو برنامج قادر على تداول الأسهم المالية بسرعة عالية، بما يتوافق مع أحدث مجريات الأسواق. على نحو مبسط تُعرّف خوارزميات التداول بأنها خوارزمية تقوم بتنفيذ الأوامر والتعليمات ذات الصلة بعمليات التداول المالية المبرمجة مسبقًا بناء على معطيات معتمدة على الوقت والسعر والحجم، وتعتبر وسيلة فعالة بحيث يمكن للمتداولين متابعة ومراقبة الأسهم المالية في وقتها الفعلي.
اذن السؤال، كيف تعمل هذه البرامج؟
آلية عمل برامج التداول – خوارزميات البورصة
على سبيل المثال لو أن تاجرًا أراد شراء 50 حصة سهمية من الشركة عندما تكون المتوسطات المتحركة/ المتداولة تساوي 50 يومًا، عندما تكون المتوسطات المتحركة أعلى من 200 يومًا.وهي مؤشر فني على أن السهم الحالي سيترفع خلال وقتٍ قصير. بدوره سيقوم ذلك التاجر ببيع هذا السهم عندما يكون المتوسط المتحرك يساوي 50 يومًا أقل من المتوسط المتحرك لـ 200 يومًا أو عندما تكون الأسهم الداخلة في اتجاه هبوطي.
تعتبر هاتين الحالتين إحدى الأساسيات البسيطة للتداول في الوضع الطبيعي، التي تتطلب من الشخص المُتداول أن يكون على اطلاع ومتابعة دورية لكميات كبيرة من البيانات باستمرار. ولهذا يعد التداول بالخوارزميات طريقة فعالة للقيام بهذه العملية. حيث يقوم مبرمج بتصميم برنامج يقوم بعمليات البيع والشراء وفقًا لمجموعة من الشروط والتعليمات المحددة. كما في المثال السابق. وستتم عملية متابعة ومراقبة البيانات بناءً عليها دون الحاجة لمراقبتها من قبل المتداول.
أساسيات التداول بـ خوارزميات البورصة
باستخدام خوارزميات التداول يمكن التأكد من اجراء الصفقات وتنفيذ المعاملات التجارية في وقتها الفعلي وفي نفس اللحظة. حيث يمكن للشخص المتداول التحقق من جميع مؤشرات السوقيّة وبالتالي تقليل المخاطر والأخطاء المحتملة مقارنة إذا ما تمت بوجود الشخص المتداول أو البشر.
مقالات شبيهة
شاهد روبوت يقوم بتغير شكله حسب الحاجة وفقا للظروف
ويمكن تطبيقها على نطاق صغير، لكن معظم التداول بالخوارزميات الحديثة يتم من خلال تطبيق ما يسمى بـ التداول عالي التردد (High-Frequency Trading: HFT) الذي يتميز بالسرعة العالية في اجراء الصفقات التجارية وارتفاع معدلات الدوران والطلب على التداول. (العائد من استثمار مبلغ صغير يكون كبيرًا)
أصبحت هذه التقنية إحدى أكثر التقنيات التداولية الحديثة شيوعًا وباتت تستخدم في أكبر البورصات العالمية، لما تشكله من حافز للشركات من أجل زيادة سيولة أسهمها وبيعها بطريقة أكثر سهولة. على سبيل المثال بورصة نيويورك التي تتضمن مجموعة من الشركات التي تساهم في زيادة المنافسة والسيولة على عطاءات أسهمها في سوق التداول بين الوسطاء والمتداولين.
يسمح وجود الأسهم السائلة للمستثمرين مزيدًا من الأمان والثقة لأن لديهم حرية الخروج إن تطلب الأمر في المستقبل. تعمل السيولة العالية على حدوث تداول عالي التردد، أي مزيدًا من الأرباح!
الفائدة الحقيقة من ادخال التداول عالي التردد (HFT) في الأسواق هو مساهمتها في رفع معدلات العرض والطلب، مما يدر أرباحًا كبيرة على المستثمرين. بالرغم من قيام هذه الخوارزميات بتنفيذ آلاف المعاملات والتحركات المالية في غضون دقائق إلا أن الأسواق لا تزال عرضة للارتفاع والانخفاض في أجزاء من الثانية.
على سبيل المثال في مايو/2010 انخفضت قيمة مؤشر داو جونز (DOW Jones) حوالي 10% (1000 نقطة) خلال 20 دقيقة من ارتفاعها مجددًا. في وقت لاحق اتضح أن طلبًا كبيرًا تسبب في تسارع الخوارزميات أدت إلى توقف عمليات البيع.
بالحديث أكثر عن الجوانب العملية والتفصيلية لعمل الخوارزميات فإنه يمكننا التطرق لأهم وأكثر الاستراتيجيات شيوعًا وهي استراتيجية الاتجاه التالي/ تداول الاتجاه (trend-following strategy) وهي تعني أن الخوارزميات تقوم بالبيع والشراء بالاعتماد على طريقة المتوسطات المتحركة/ المتداولة، الاختراق (وجود حركات مفاجئة في السوق ” ارتفاع أو انخفاض”)، تحركات الأسعار والمؤشرات المالية المختلفة. تعتبر هذه الاستراتيجية شائعة نظرًا لاعتمادها على البيانات المتوفرة حاليًا مع اجراء القليل من التحليلات المعقدة. هذا يعني بشكل مبسط أن فرصة جني المال باستخدام هذه الاستراتيجية ليست مرتفعة ولكنها توفر درجة أمان أعلى.
استراتيجية التداول باستخدام موازنة سعر الصرف:
وهي استراتيجية شائعة في تداول الخوارزميات باستخدام موازنة (مراجحة) سعر الصرف. أي تداولًا بفرق السعر، هذا يعني لو أن محلًا تجاريًا يبيع صنفًا من الحلويات بسعر واحد دولار ونفس الحلويات يقوم متجرًا آخر ببيعها ب 2 دولار فيمكن شراء كميات كبيرة من المتجر الأول وبيعيها إلى الآخر مع فرق ربح 1 دولار لكل قطعة حلوى.
تقوم خوارزميات الموازنة بنفس الفكرة لكن على نطاق الأسهم نظرًا لأن البورصات والأسواق المالية مختلفة. يمكن تطبيق الخوارزمية للاستفادة من اختلاف وفروقات الأسعار وزيادة الأرباح.
يساعد تداول الخوارزميات على زيادة الأرباح المحتملة نظرًا لأن عمليات المراجحة تتم بسرعة عالية ولا يمكن للإنسان القيام بها بنفس السرعة لكن تقوم هذه الخوارزميات باقتناص فرص اختلاف الأسعار و مراقبة الأسواق والتداولات المالية لتحقيق ربح أعلى وأداء أسرع على حدٍ سواء.