تتميز الشوكولاته بخاصية مميزة تعطيها القدرة على إشعال حواسنا وإعطائنا المتعة أثناء تذوقها، فعلى الرغم من أنها تمتلك لسطح صلب في درجة حرارة الغرفة، إلّا أنها تذوب بسرعة وتتحول إلى الحالة السائلة بمجرد وضعها في الفم، مطلقة بذلك العصارة ذات الطعم المعقد الذي يتكون من مزيج من المذاق الحلو والمر الباعث على الدفء، ولكن ما قد لا تكون تعرفه هو أن خاصية الذوبان هذه يتم التلاعب بها من خلال بلورات زبدة الكاكاو التي تعطي الشوكولاته شكلها المتماسك.
هناك ستة أنواع من بلورات زبدة الكاكاو، وكل منها تمتلك لدرجة ذوبان وكثافة وقوة ميكانيكية مختلفة عن الأخرى، ومعظم مصنعي الشوكولاته يسعون لتصنيعها باستخدام البلورات من النوع الخامس (V) الذي يعطي الشوكولاته سطح قاسي لامع مع فرقعة مرضية عند الكسر، كما أن هذا النوع من البلورات يمتلك أيضاً لدرجة انصهار أعلى من الأنواع الباقية (I-IV)، لذلك فهي لا تذوب إلّا في الفم، ولكن ليس من السهل إنتاج البلورات من نوع (V) وكذلك ليس من السهل الحفاظ عليها في حالتها المستقرة، فهي حساسة للغاية لتغيرات درجة الحرارة والرطوبة.
غالباً ما يكون يتغير لون الشوكولاته الداكنة إلى اللون الأبيض في حالة عدم القدرة على الحفاظ على الشوكولاته بشكل ملائم، ويعود تغير اللون عادة إلى خروج الدهون أو السكر من البنية البلورية للكاكاو، ويمكن ملاحظة التحول بوضوح عند ترك لوح من الشوكولاته في سيارة ساخنة، أو الاحتفاظ بها لفترة طويلة في مكان دافئ.
عندما تقضم قطعة من لوح شوكولاته وتأكلها، فإن بلورات زبدة الكاكاو تذوب في فمك، ولكن لتستطيع الذوبان فيه فإنها بحاجة إلى الحرارة التي تحصل عليها من لسانك، وهذا يؤدي إلى انخفاض حرارة الفم، مما يعطي شعوراً واضحاً من البرودة في الفم، وهذا التباين بين الحرارة التي يفرزها اللسان لإذابة الشوكولاته وشعور التبريد الذي يترافق معه يساهم في إعطاء الطعم الفريد للشوكولاته.
بمجرد أن تذوب بلورات زبدة الكاكاو، يتم الإفراج عن خليط من المذاقات المتفجرة من الفواكه والمكسرات من داخل المواد الصلبة للكاكاو، وهذه يعطي الشوكولاته نكهة معقدة تترافق فيما بعد مع النكهات الحلوة الناتجة عن السكريات التي توجد فيها، والإحساس الكريمي المحروق الدافئ في الجزء الخلفي من الحلق، هذا المذاق الفريد يجعل من التجربة برمتها تشبه القبلة، ولهذا دائماً ما يتم ربط الشوكولاته بالرومانسية.
ما يحدث بعد ذلك هو أن المكونات الكيميائية للشوكولاته والتي تمتلك لتأثير واضح على العقل تدخل إلى مجرى الدم، وأحد أهم هذه المواد هي الثيوبرومين، وهو جزيء يشبه الكافيين ويعمل كمنبه معتدل، وبالإضافة إلى هذه المادة فإن الشوكولاته تحتوي أيضاً على مواد مخدرة، وهي ذات الجزيئات المسؤولة عن ارتفاع الرغبة بتدخين المخدرات، ولكن الجرعة التي تحتويها الشوكولاته من هذه المواد ضئيلة جداً بحيث أنها ليست كافية للتسبب بالإدمان الذي يجعل الكثيرين يسعون للحصول على المزيد من الشوكولاته.
غالباً ما تكون جميع أنواع الشوكولاته بما فيها تلك التي يتم إضافة السكر إليها ذات طعم مرّ جداً لكثير من الأشخاص، والجدير بالذكر أن السويسريين هم أول من صنعوا نسخة معتدلة المرارة من الشوكولاته التي تسمى بشوكولاتة الحليب، وقد قاموا بذلك من خلال إضافة مسحوق الحليب إلى الخليط، وهذه الصيغة ما تزال هي أساس صناعة شوكولاتة الحليب في أوروبا حتى الآن، حيث أن إضافة الحليب يعطي الشوكولاته طعماً كريمياً لذيذاً.
في الولايات المتحدة يتم إزالة بعض الدهون من الحليب باستخدام الإنزيمات، وهذا يعطي شوكولاته الحليب نكهة أقرب للجبنة، أما في المملكة المتحدة يتم تركيز الحليب السائل والسكر ومن ثم يتم اضافتهما إلى مزيج الشوكولاته، وهذا يعطي الشوكولاته طعماً أكثر اعتدالاً ونكهة أشبه بطعم الكراميل، وإن تقرير أي من هذه الطريقتين هي الأفضل سيبقى أمراً غير محسوم، فتماماً مثل العديد من الأطعمة، هناك دائماً خلافات على النكهة، فإذا كان الشخص قد كبر وترعرع مع مذاق معين فمن المحتمل جداً أن يكون قد اعتاد عليه، وربما يجد باقي أنواع شوكولاته الحليب غير لذيذة بالنسبة له وهذا أمر طبيعي، ولكن هذا الأمر بالذات يطرح تحدياً كبيراً بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات المصنعة للشوكولاته، فبالنسبة لهم، فإن توحيد الطعمات وخاصة عبر القارات يبدو مغرياً للغاية من الناحية الاقتصادية، ولكن هذه الفكرة قد تتعارض مع عادات وأذواق العديد من الأشخاص.