ضرب الزلزالان المدمران اللذان حدثا في نيبال يومي 25 نيسان و 12 أيار- بقوة 7.8 و7.3 على التوالي- على الحدود بين صفيحتين من الصفائح الأرضية التكتونية -الصفيحة الهندية الإسترالية والصفيحة الأوراسية-، ويمكن تعريف الصفيحة بأنها هياكل جامدة تتكون من القشرة الأرضية والطبقة العليا من وشاحها، يمكنها أن تنتقل ككيانات منفردة، وهناك سبع صفائح كبيرة على الأرض، وهي أفريقيا، القارة القطبية الجنوبية، أوراسيا، الهند واستراليا، أمريكا الشمالية، المحيط الهادئ، وأمريكا الجنوبية، ومجموعة من الصفائح الثانوية الصغيرة، وفي المتوسط تتحرك هذه الصفائح بالتناغم مع بعضها بسرعة مماثلة لمعدل نمو الأظافر، أي بضع سنتيمترات في السنة، ولكن هذا المتوسط يمكن أن يكون مضللاً، حيث أن الصفائح القاسية يمكن في كثير من الأحيان أن تراكم الضغوط والتوترات التي تحدث على الحدود بينها لعدة قرون قبل تطلقها دفعة واحدة، وهذا هو بالضبط ما يسبب حدوث الزلازل.
هناك ثلاث طرق يمكن من خلالها للصفائح أن تتحرك بالتناغم مع بعضها البعض، حيث أنها يمكن أن تبتعد عن بعضها البعض، أو تنزلق إلى جانب بعضها، أو تصطدم ببعضها، وكل طريقة تحدث نوع مختلف من الزلزال، فالأماكن التي تبتعد فيها الصفائح عن بعضها هي “التلال المتباعدة” والتي عادة ما توجد في المحيطات على طول الخط الذي تتشكل عليه القشرة المحيطية الجديدة –والتي تكون أرق وأكثر كثافة من تلك التي تتألف منها الصفيحة القارية-، وتميل الزلازل التي تحدث على هذه الحدود لأن تكون بوتيرة أكبر وأصغر، لذا فهي غير مؤذية بشكل عام، كما أن الزلازل لا تؤدي عادة لحدوث التسونامي، ولكن الأماكن التي يحدث فيها انزلاق للصفائح الأرضية يمكن أن تكون أكثر مدعاة للقلق، وهذا هو ما يحدث على طول صدع سان أندرياس في كاليفورنيا، حيث أن صفيحة المحيط الهادئ التي تتحرك شمالاً) تحتك بالصفيحة الأمريكية التي تتحرك جنوباً.
ولكن تحركات الصفائح التي تنتج الزلازل التي تؤدي لحدوث أضرار كبيرة جداً هي تلك التي تتحرك خلالها الصفيحتين باتجاه بعضها البعض، وعادة عندما يحدث هذا، تبدأ إحدى الصفيحتين بالانزلاق تحت الأخرى، وهذا الاحتكاك الناتج عن عملية “الاندساس” يؤدي لحدوث زلازل مثل تلك التي ولدت التسونامي قبالة الشواطئ اليابانية في عام 2011 وقبالة شواطئ اتشيه في عام 2004، والبراكين التي تتغذى نيرانها على ذوبان القشرة العميقة، كما أن مناطق الاندساس على حافة صفيحة المحيط الهادئ هي السبب في تشكل “الحزام الناري” حول المحيط.
يكون حدوث الاندساس سهلاً نسبياً عند تكون إحدى الصفيحتين المعنيتين في العملية مصنوعة من القشرة المحيطية الكثيفة، حيث أنها تكون بالتالي قادرة على أن تغوص في الطبقات الكامنة تحت الوشاح.
عندما بدأت الصفيحة الهندية الاسترالية التي تضم الهند تتجه نحو الصفيحة الأوراسية قبل عشرات ملايين السنين، كانت القشرة المحيطية التي تقع على شمالها الهند تنزلق إلى الأسفل تحت الحافة الجنوبية من الصفيحة الأوراسية، وخلال هذه العملية توضعت الكثير من رواسب القاع البحرية على حافة القارة الشمالية، بشكل مشابه لتوضع الطين على شفرة الجرافة، ولكن عندما اقترب الجزء الأكثر هشاشة من الصفيحة والذي يحمل الهند من آسيا، بدأت الأمور تتغير، حيث أن تلك الصفيحة لم تعد قادرة على الركوب ببساطة فوق الصفيحة الهندية، مما جعل الصفيحة الأوراسية تتراجع، وهذا أدى بدوره لجعل الرواسب البحرية تعلق على حافتها لتشكل أحد أضخم سلاسل جبال في العالم، وبالمقابل تباطأت السرعة التي كانت تتقارب فيها القارتين من بعضهما، وازدادت المقاومة وسمك القشرة بينهما أكثر من أي وقت مضى، وذلك بسبب الضغط الذي أنتجتاه على بعضهما البعض.
لا تزال الصفيحة الهندية الاسترالية تتحرك شمالاً، وما يزال الضغط عليها من قبل الصفيحة الأوراسية مستمراً أيضاً، لذلك يمكن أن نعتبر أن الزلزالين الأخيرين اللذين حدثا في نيبال هما نتيجة للحركات المفاجئة على “الانحشار الأمامي الرئيسي”، وهو نظام من أخطاء موازية لجبهة جبال الهيمالايا وهي العلامات الحدودية بين الصفائح، وعلى الرغم من أن هذه الصدمات الكبيرة ليست شائعة، لكنها ستستمر على نحو متقطع لملايين السنين القادمة، ولكن في مرحلة ما، ستصل القارة الهندية إلى الحد الذي لا يمكن من بعده دفعها أكثر نحو الشمال أو إلى الأسفل، وعند ذلك من المرجح أن تتمزق الصفيحة الهندية الاسترالية، وفي ذلك الوقت سيستمر الجزء الشرقي الذي يحمل أستراليا بالاتجاه شمالاً إلى اندونيسيا، في حين سيتوقف الجزء الغربي الذي يحمل الهند عن التحرك، وعند هذه النقطة ستتشكل الحدود الجديدة ومعها، نطاق جديد للزلازل بين الشطرين.