يمكن للصيام في فترة شهر رمضان أن يكون مفيداً للصحة، ولكن فقط إذا ما تم القيام به بالشكل الصحيح، فعندما يبدأ الجسم بالتضور جوعاً، تبدأ خلاياه بحرق الدهون لتتمكن من تحويلها إلى طاقة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوزن، ولكن مع ذلك، فإذا استمر الصيام لفترة طويلة جداً سيبدأ الجسم في نهاية المطاف بتحليل بروتين العضلات للحصول على الطاقة، وهذا أمر غير صحي.
تبعاً للدكتور (رزين معروف) أخصائي التخدير من جامعة أكسفورد، فإن هناك علاقة قوية بين النظام الغذائي والصحة، فعلى الرغم من أن الجانب الروحي هو الجانب الأكثر أهمية خلال شهر رمضان، إلّا أن هذا الشهر هو فرصة رائعة للحصول على الفوائد البدنية أيضاً.
إن التغيرات التي تطرأ على الجسم أثناء الصيام تعتمد على طول فترة مواصلة الصيام، حيث أن الجسم يدخل في حالة صوم لمدة ثماني ساعات أو نحوه بعد الوجبة الأخيرة التي يتناولها الشخص، وهي المدة التي تقوم الأمعاء خلالها بالانتهاء من امتصاص المواد المغذية من الطعام.
في الحالة الطبيعية، تعتبر سكريات الجسم -والتي تكون مخزنة عادة في الكبد والعضلات- مصدر الجسم الرئيسي للطاقة، وما يحدث أثناء الصيام، هو أن الجسم يستخدم هذا المخزن من الجلوكوز أولاً ليوفر الطاقة اللازمة له، وبعد انتهاء هذا المخزون في وقت لاحق من الصيام، يتجه نحو الدهون التي تصبح هي مصدر الطاقة للجسم، ولكن إذا ما استمرت فترة الصيام لعدة أيام أو أسابيع فإن الجسم يبدأ باستخدام البروتين ليكون مصدراً بديلاً لتوفير الطاقة، وهذا هو الوصف التقني لما يعرف باسم “التضور من الجوع”، وبالطبع فإن هذا الأمر غير الصحي، حيث أن تحليل البروتين يسبب انهيار العضلات، وهذا هو السبب الذي يجعل الأشخاص الذين يتضورون جوعاً يبدون نحيلين جداً وضعفاء للغاية، ولكن من غير المحتمل أن تصل إلى مرحلة الجوع خلال شهر رمضان، وذلك لأنه يتم كسر الصيام يومياً خلال الإفطار والسحور في هذا الشهر.
إن الصيام في رمضان لا يدوم سوى من الفجر وحتى المغرب، لذلك يمكن استعادة طاقة الجسم خلال وجبة السحور ووجبة الإفطار، وهذا يوفر انتقالاً لطيفاً من استخدام الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة، إلى استخدام الدهون، ويمنع تحليل بروتين العضلات.
بحسب الدكتور (معروف) فإن استخدام الدهون للحصول على الطاقة يساعد على فقدان الوزن، كما أنه يحافظ على العضلات ويقلل في نهاية المطاف من مستويات الكولسترول في الدم، وبالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الوزن يحسّن أيضاً من السيطرة على مرض السكري ويخفض من ضغط الدم، كما أن الصيام يساهم في عملية إزالة السموم أيضاً، لأن جميع السموم المخزنة في الدهون يتم تحليلها وإزالتها من الجسم، وبعد مضي بضعة أيام من الصيام، تبدأ مستويات الأندورفين بالارتفاع في الدم، وهذا يجعلك أكثر يقظة ويعطيك شعوراً عاماً بالصحة النفسية الجيدة.
يعتبر تناول الغذاء المتوازن وشرب السوائل من الأمور المهمة جداً بين فترات الصيام، فعلى الرغم من أن الكلى تعتبر فعالة جداً في الحفاظ على مياه الجسم وأملاحه مثل الصوديوم والبوتاسيوم، إلّا أن التعرّق يمكن أن يؤدي لخسارة الكثير من الترطيب والأملاح المهمة للجسم، ولمنع انهيار العضلات، يجب أن تحتوي وجبات الطعام على ما يكفي من الغذاء المعزز للطاقة، مثل الكربوهيدرات وبعض الدهون.
أخيراً يشير الدكتور (معروف) إلى أن الطريقة التي يجب إتباعها في تناول الطعام أثناء الصيام يجب أن تكون مماثلة تماماً للطريقة التي يتم فيها تناول الطعام خارج شهر رمضان، حيث يجب أن يكون النظام الغذائي متوازناً، ومحتوياً على نسب صحيحة من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات.