كل جهاز متصل بالإنترنت يجب أن يعرّف عن نفسه بطرق مختلفة لمساعدة المواقع على تقديم خدماتها بالشكل الأمثل، لذا فإن أغلب المواقع الالكترونية تقوم بحفظ قطع من البيانات البسيطة التي تقوم بأخذها من أجهزة المستخدمين، وذلك بهدف التعريف عن المستخدم، حيث يفيدها هذا التعريف لمعرفة الحجم المناسب الذي يجب عرض الصفحة فيه للمستخدم، كون طريقة عرض الصفحة تختلف إذا كنت تتصفح الانترنت من جهاز محمول أو من هاتف ذكي أو من كومبيوتر لوحي، كما يمكن استخدام هذه المعلومات لمعرفة الطريقة الأمثل التي يجب أن يقوم بها الموقع بعرض ملفات الفيديو على أجهزة التلفزيون الذكية، والكثير من المعلومات الأخرى.
بالغالب فإن هذا التعريف يتم عن طريق ملفات تعريف الارتباط (Cookies) والمواقع التي تقوم بالحصول على هذه المعلومات مجبرة على أخذ موافقة المستخدمين، عن طريق إشعار ملفات الارتباط (Cookie Policy Notice)، والتشريعات الأوربية تجبر الشركات التي تقوم بتخزين معلومات بسيطة من الكمبيوترات على الحصول على موافقة المستخدمين، وهذا السبب في أن معظم المواقع التي يتم الوصول إليها تحتوي على رسالة صغيرة إما في أسفل أو في أعلى الموقع، تطلب من خلالها الإذن من المستخدمين لاستخدام الكوكيز أو ملفات تعريف الارتباط، أو تشرح للمستخدم أن الموقع يستخدم سياسة الكوكيز وأن الاستمرار في استخدام الموقع يعني الموافقة على مشاركة بعض البيانات من جهازه مع الموقع.
ولكن منذ تطبيق سياسية الموافقة على تمكين ملفات تعريف الارتباط في عام 2012، بدأت شركات الإنترنت بالعمل على تطوير وسيلة للتعرف على المستخدمين بدون الاعتماد على ملفات تعريف الارتباط، وذلك هرباً من الحصول على الموافقة، فبعض المواقع مثل غوغل وفيسبوك ومايكروسوفت تقوم بالحصول على معلومات عن أجهزة المستخدمين، عن طريق عمليات تقنية أخرى مختلفة، حيث تعمد أغلب هذه المواقع على استخدام تقنية بصمة الجهاز الالكترونية (Device Fingerprinting)، وتقوم المواقع من خلال هذه العملية بجمع المعلومات حول أجهزة المستخدمين بصمت، وبدون تنبيه المستخدم إلى أن هنالك معلومات يتم أخذها من أجهزتهم.
إن المعلومات البسيطة التي تقوم المواقع بجمعها من أجهزة المستخدمين خارج نطاق سياسة الكوكيز، ليست قادرة على تعيين جهاز المستخدم من بين باقي الأجهزة المتصلة بالانترنت، ولكن جمع هذه المعلومات البسيطة مع بعضها البعض تشكّل ما يسمى ببصمة الجهاز الالكترونية، التي تكون قادرة على تعيين أجهزة المستخدمين بشكل محدد، والمواقع التي تستخدم هذه السياسة، بما في ذلك غوغل ومايكروسوفت وفيسبوك، قادرة مثلاً على التعرف على نوع الاتصال الذي يستعمله المستخدم ، فهي تقوم بجمع المعلومات من قبل أي جهاز يتصل بالانترنت، حيث تقوم بتعقب المستخدمين وهم يلعبون أو يتصفحون أو يشاهدون الأفلام أو حتى وهم يقومون بالشراء عبر الانترنت، والهدف من ذلك في المقام الأول استخدام هذه المعلومات لأغراض الدعاية والإعلان.
تفضل الشركات استخدام سياسة بصمة الجهاز الالكترونية بدلاً من استخدام سياسة ملفات تعريف الارتباط، كونه من الصعب للغاية على المستخدمين أن يمنعوا الموقع من جمع المعلومات عن أجهزتهم عندما يستخدم هذا الموقع تقنية بصمة الجهاز، أما في حال استخدام سياسة ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) فيمكن للمستخدم ببساطة أن يمنع المواقع من جمع المعلومات من جهازه من خلال إعدادات المتصفح، حتى ولو لم تقم المواقع بعرض إشعار الموافقة على تمكين ملفات تعريف الارتباط، علماً أنه لتجنب أخذ بصمة الجهاز يجب على المستخدمين أن يستعملوا أدوات معقدة غير معروفة للكثير من المستخدمين التقليديين، وتشمل هذه الأدوات استخدام برامج إخفاء هوية المستخدم مثل برنامج تور (TOR).
تعتبر بريطانيا من الدول الرائدة في مجال حماية خصوصية المستخدمين، حيث صرح مكتب مفوضي المعلومات (Ico) (منظمة بريطانية مستقلة تعنى بمجال أمن المعلومات والخصوصية)، بأن قانون ملفات تعريف الارتباط يجب أن ينطبق على أي تقنية مشابهة تقوم بجمع المعلومات من أجهزة المستخدمين، وبصمات الأجهزة الرقمية تعتبر من هذه التقنيات، كونها تقوم بالوصول إلى المعلومات المخزنة على أجهزة المستخدمين بطريقة مشابهة للطريقة التي تصل بها ملفات تعريف الارتباط لمعلومات المستخدمين، كما أنها تقدم للمواقع ذات الفوائد التي تقدمها ملفات تعريف الارتباط، لذا فمن المنطقي أن نعتبر أن القانون ينطبق على بصمات الأجهزة الرقمية بذات الطريقة التي ينطبق بها على ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز).