ما هو التصوير بالأشعة المقطعية؟
هو تصوير مقطعي مُحوسب (يتم عن طريق الكمبيوتر)، كان يشار إليه سابقاً باسم التصوير الطبقي المحوري المحوسب (CAT)، وهو عبارة عن إجراء يستخدم الأشعة السينية ويقوم بالجمع بين العديد من صور الأشعة السينية باستخدام جهاز كمبيوتر لتوليد رؤية مقطعية عرضية للجسم، وإذا لزم الأمر، صور ثلاثية الأبعاد للأجهزة للهياكل الداخلية للجسم أيضاً، كما أن التصوير المقطعي المحوسب معروف أكثر بأسمائه المختصرة (CT) و(CAT)، وعادة ما تُستخدم الأشعة المقطعية لتحديد البنى الهيكلية الطبيعية والغير طبيعية في الجسم و / أو المساعدة في إجراء العمليات الجراحية من خلال المساعدة على توجيه الأطباء والجراحين بدقة إلى المكان المطلوب معالجته.
يقوم جهاز أشعة سينية ضخم على شكل كعكة دونات أو ماسح ضوئي بأخذ صور أشعة سينية من العديد من الزوايا المختلفة لجميع أنحاء الجسم، ومن ثم تتم معالجة هذه الصور عن طريق جهاز كمبيوتر لإنتاج صور مقطعية للجسم، وتكون كل صورة من الصور الملتقطة للجسم بشكل شريحة لصورة أشعة سينية، ومن ثم يتم تجميع هذه الصور وتسجيلها على فيلم، وتسمى هذه الصورة التي تم تسجيلها بالصور المقطعية.
لتسهيل فكرة التصوير المقطعي، تخيل الجسم كما لو أنه قطعة من خبز الصمون “خبز افرنجي”، وأنك تنظر إلى هذه القطعة من الطرف الذي يقع في نهايتها، فإذا قمت بتقسيم هذه القطعة وإزالة كل شريحة من الخبز لوحدها، يمكنك عندها رؤية سطح شريحة الخبز كاملاً من القشرة إلى المركز، وبطريقة مماثلة، يبدو الجسم في التصوير المقطعي بشكل شرائح، حيث تظهر كل شريحة الجسم ابتداءً بالجلد إلى الجزء المركزي من الجسم، وعندما يتم وضع المزيد من هذه المستويات معاً، يمكن حينها الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد للجهاز أو بنية الجسم الغير طبيعية.
لماذا يتم إجراء التصوير بالأشعة المقطعية؟
يتم إجراء التصوير بالأشعة المقطعية لتحليل الهياكل الداخلية للأجزاء المختلفة من الجسم، وهذا يشمل الرأس، حيث يمكن معرفة إمكانية وجود إصابات رضية (مثل جلطات الدم أو كسور الجمجمة) أو وجود الأورام والالتهابات، كما يشمل أيضاً العمود الفقري، حيث يمكن مراقبة الهيكل العظمي للفقرات بدقة، كما أنه يستطيع أن يظهر تشريح الأقراص الفقرية والنخاع الشوكي، كما بالإمكان استخدام أساليب التصوير بالأشعة المقطعية لقياس كثافة العظام بدقة لتقييم مدى تقدم حالة هشاشة العظام لدى المرضى.
أحياناً، يتم حقن مادة ظليلة (وهي نوع من الصباغ خاص بالأشعة السينية) داخل السائل الشوكي للتعزيز من وضوح الفحص وإظهار التفاصيل الهيكلية المختلفة للعمود الفقري والحبل الشوكي والأعصاب، وعادة ما يتم حقن المادة الظليلة عن طريق الوريد أو من خلال مسارات أخرى قبل الخضوع للأشعة المقطعية، كما يتم استخدام الأشعة المقطعية أيضاً على الصدر للتعرف على الأورام أو الخراجات أو الالتهابات التي قد يشتبه بظهورها في الصدر، وبالإضافة إلى ذلك فإن إجراء التصوير بالأشعة المقطعية للبطن قد يكون مفيد للغاية في إعطاء نظرة واضحة عن تشريح أجهزة الجسم، بما في الكبد والمرارة والبنكرياس والطحال والشريان الأورطي والكلى والرحم والمبايض، وتستخدم الأشعة المقطعية في هذا المجال للتحقق من وجود أو عدم وجود أي ورم أو عدوى أو أمر غير طبيعي في تشريح العضو، أو أي تغيرات في الجسم قد تكون ناجمة عن الصدمات الرضية.
هذه التقنية تعتبر من التقنيات التي لا تسبب الألم، كما أنه يمكن من خلالها توفير صور دقيقة للغاية عن هيكل الجسم تساعد طبيب الأشعة على تحديد النهج الذي يجب اتباعه مع المريض، مثل ضرورة أخذ الخزعات عند الاشتباه بوجود سرطانات، أو إزالة السوائل الداخلية من الجسم، أو تجفيف الدمامل التي قد تكون موجودة عميقاً في الجسم، والجدير بالذكر أن العديد من هذه الإجراءات هي إجراءات بسيطة جداً وقد استطاعت خفض الحاجة لإجراء عملية جراحية كبيرة بشكل ملحوظ لتحقيق الهدف ذاته.
هل هناك مخاطر من إجراء تصوير بالأشعة المقطعية؟
يعتبر التصوير بالأشعة المقطعية من الإجراءات المنخفضة الخطورة، ولكن المشكلة الأكثر شيوعاً عند إجراء هذا النوع من الفحوصات تكمن في ردة الفعل السلبية التي يمكن أن يعاني منها بعض الأشخاص تجاه المادة الظليلة التي يتم حقنها في الوريد، والمادة الظليلة عادة ما تكون عبارة عن سائل قائم على اليود بشكل أساسي يتم إعطاؤه للمريض عن طريق الوريد، وهذه المادة تساعد على جعل العديد من الأجهزة والهياكل في الجسم مثل الكلى والأوعية الدموية تظهر بشكل أكثر وضوحاً عند إجراء التصوير بالأشعة المقطعية، وقد تشمل ردات الفعل السلبية لهذه المادة حدوث حكة أو طفح جلدي أو الإصابة بالشرى أو الإحساس بالدفء في جميع أنحاء الجسم، وهذه الردود عادة ما تكون محدودة وتختفي لوحدها بسرعة، ولكن إذا لزم الأمر، يتم إعطاء مضادات للمساعدة في التخفيف من الأعراض، أما عندما تكون ردة الفعل التحسسية أكثر حدة تجاه المادة الظليلة فتسمى عندها بفرط التحسس الحاد (anaphylactic)، وعندما يحدث هذا، فإن المريض قد يعاني من الإصابة بالشرى الحاد و / أو صعوبة بالغة في التنفس، وعلى الرغم من أن رد الفعل هذا يعتبر نادر الحدوث، إلّا أنه إذا ما حدث فقد يكون مهدداً للحياة إذا لم تتم معالجته بسرعة، وذلك عن طريق إعطاء الأدوية التي قد تشمل على الستيرويدات، أو مضادات الهيستامين، أو الأدرينالين.
يعتبر تسمم الكلى وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث الفشل الكلوي من مضاعفات المادة الظليلة النادرة للغاية، والأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، أو الذين يعانون من الجفاف، أو المرضى الذين يعانون بالفعل من ضعف في وظائف الكلى هم الأكثر عرضة لهذا التفاعل، ولكن يمكن القول إن المواد الظليلة الحديثة التي تم تطويرها مؤخراً مثل الـ(Isovue)، لم تعد تسبب أي نوع يذكر من هذه المضاعفات.
تعتبر كمية الإشعاع التي يتلقاها الشخص خلال التعرض لفحص الأشعة المقطعية ضمن الحد الأدنى المسموح به، حيث لم يظهر وجود أي آثار ضارة لاستخدام هذا النوع من الأشعة على الرجال والنساء غير الحوامل، ولكن إذا ما كانت المرأة الحامل فقد يكون هناك مخاطر محتملة على الجنين، وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، فإذا كانت المرأة حاملاً ينبغي عليها إبلاغ طبيبها عن حالتها ومناقشة إمكانية وجود أساليب أخرى محتملة من التصوير، مثل الموجات فوق الصوتية، والتي تعتبر غير ضارة على الجنين، ولكن مع ذلك، فإن التعرض للإشعاع أثناء فحص الـ(CT) قد يسبب زيادة صغيرة جداً في خطر تطوير الشخص لمرض السرطان، وغالباً ما يكون هذا القلق أكثر أهمية عند الأطفال، لأن خطر الإصابة بالسرطان الناجم عن التعرض للإشعاع يكون أعلى لدى المرضى الصغار بالسن، ولكن يمكن تعديل الأشعة المقطعية لتصبح أكثر ملاءمة للأطفال، وبشكل عام يشير معظم الأطباء أن تعرض جميع المرضى للإشعاع يجب أن يبقى في أدنى حد ممكن له.
كيف يتم تحضير المريض للخضوع للتصوير بالأشعة المقطعية وكيف يتم إجراء هذا الفحص؟
من أجل الاستعداد لإجراء تصوير بالأشعة المقطعية، عادة ما يطلب من المرضى تجنب تناول الطعام، وخصوصاً عندما يكون هناك احتمال لاستخدام المادة الظليلة، حيث يتم حقن المادة الظليلة عن طريق الوريد أو عن طريق الفم أو عن طريق حقنة شرجية من أجل زيادة التمييز بين مختلف الأجهزة أو المناطق في الجسم، لذلك، قد يطلب من المريض الامتناع عن تناول السوائل والطعام لعدة ساعات قبل إجراء الفحص، أما إذا كان المريض لديه تاريخ من الحساسية تجاه المادة الظليلة (مثل اليود)، فيجب عندها أن يتم إخبار الطبيب وموظفي الأشعة بذلك، وقبل الخضوع للتصوير مباشرة تتم إزالة كافة المواد المعدنية وبعض قطع الملابس من جميع أنحاء الجسم لأنها يمكن أن تتداخل مع وضوح الصور.
يتم وضع المرضى على طاولة متحركة، ومن ثم يتم إدخال الطاولة إلى مركز آلة كبيرة لها شكل كعكة الدونات تقوم بالتقاط صور الأشعة السينية لجميع أنحاء الجسم، ويمكن أن يستغرق هذا الإجراء من نصف ساعة إلى ساعة ونصف، وإذا ما تم إجراء اختبارات محددة مثل أخذ الخزعات، أو القيام بتدخلات من قبل طبيب الأشعة خلال الفحص بالأشعة المقطعية فقد تكون هناك حاجة لقضاء المزيد من الوقت تحت الآلة، ومن المهم أن يقلل المريض من حركته أثناء إجراء التصوير بالأشعة المقطعية وأن يحافظ على أكبر قدر ممكن من الهدوء، حيث أن هذا يزيد بشكل كبير من وضوح صور الأشعة السينية.
عند التقاط الصور للصدر والبطن يقوم تقني الأشعة بإخبار المريض عن الوقت الذي يجب عليه فيه أن يحبس نفسه وعن الوقت الذي يمكنه فيه أن يتنفس، وإذا حدث أي مشكلة أثناء إجراء فحص الأشعة المقطعية فينبغي إبلاغ التقني على الفور، والذي يراقب المريض مباشرة من خلال نافذة المراقبة، كما يكون هناك نظام اتصال داخل غرفة التصوير المقطعي لضمان سلامة المرضى.
استطاعت الأشعة المقطعية التحسين من قدرة الأطباء على اكتشاف الكثير من الأمراض في مراحلها المبكرة وبخطر أقل بكثير من الطرق السابقة، وما زالت التحسينات مستمرة لتطوير تكنولوجيا المسح الضوئي بالأشعة المقطعية وهذا بالطبع يَعِدُ بالحصول على جودة أفضل للصورة والعناية بشكل أكبر بسلامة المرضى، فمثلاً يمكن للأشعة المقطعية المعروفة باسم “الحزمة الأسطوانية الحلزونية الطبقية” أن توفر صوراً أسرع وأكثر دقة للأعضاء الداخلية، وحالياً تستخدم العديد من المراكز هذه الأشعة للحصول على تشخيص أسرع للإصابات الداخلية التي يمكن أن تحدث بعد تعرض الجسم لصدمة خطيرة، كما وتم استخدام الأشعة المقطعية العالية الدقة (HRCT) لإجراء تقييم أدق لالتهاب الرئتين وتندبها، وهناك الكثير من آلات التصوير بالأشعة المقطعية التي يجري تطويرها حالياً، ولكن تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه الأجهزة لا تكون قادرة على استيعاب المرضى الذين تزيد أوزانهم عن 400 رطل.