ربما كنت من الذين ينتظرون المطر كي تملأ صدرك برائحة ما بعد المطر المتفردة تلك وتجددها مرة أخرى في ذاكرتك، لكن، هل تساءلت مرة كيف تحدث هذه الرائحة الخلابة؟
فقد قال الباحثان يونج سو جونج وكولن بوي أنهما وجدا سر هذه الرائحة، فبينما كانا يلتقطان صوراً بالكاميرا فائقة السرعة للمطر المتساقط، وجدا أن القطرة حين تصطدم بالتربة المسامية تتشتت، وأثناء ذلك تنحبس بعض فقاعات الغاز فيها، وهذه الفقاعات قادرة على حمل الرذاذ لأعلى في الهواء، فيطير حاملاً معه ميكروبات التربة ومواداً كيميائية من التربة ،ولولا هذه الفقاعات الغازية المحبوسة لما كان الرذاذ قادراً على هذا التطاير ولا استطعت أنت شم هذه الرائحة، كل هذا يحدث في مجرد ميكرو ثانية.
ما ستشاهده في الفيديو هي بضع لقطات من الكثير من اللقطات التي صورها الباحثان لمئات من قطرات المطر المتساقطة على 16 نوعاً مختلفاً من التربة في ولاية ماساتشوستس و12 سطحاً صناعياً آخر، وهي تصور الاصطدام والتشتت ثم الرذاذ الدقيق الصاعد إلى الأعلى.
وهل تذكر متى كنت تستطيع أن تخرج وتشم هذه الرائحة أكثر؟ بعد مطر ثقيل وغزير أم بعد مطر هادئ؟
صحيح ! نحن نفتقد هذه الرائحة بعد المطر الغزير والكثيف، وذلك لأن المطر يكون سريعاً جداً في سقوطه على التربة فلا يكون هناك وقت لتكون فقاعات الغاز، والتي هي كلمة السر في كل هذا.
كما أن الباحثين رجحوا أن نوع التربة أيضاً له تأثير بعدما أجروا التجارب على أنواع مختلفة من التربة.
هذا البحث المثبت بالصور، لا يمكنه الجزم بأن هذا الرذاذ المتطاير هو سبب هذه الرائحة الجميلة بعد بشكل مؤكد، لكنه يستطيع الجزم بشئ آخر، فما أثبتته هذه الصور بشكل قاطع هو تفسير وصول بكتيريا أو فطريات من التربة إلينا، فقبل ذلك لم نكن نعرف كيف يمكن لبكتيريا التربة أن تصعد إلى الأعلى وتنتشر في الهواء وتسبب العدوى لنا، لكن هذا يحمل تفسيراً مقنعاً، فهي لا تطير لوحدها، وإنما يحملها هذا الرذاذ، لهذا يتوقع أن تبنى على هذا البحث أبحاث أخرى في المستقبل، فبما أننا أدركنا الطريقة، فيمكننا فعل شئ للوقاية منها.