منذ أكثر من أربعين عاماً، فكر الفنان الإيطالي كريستو مع زوجته جيني كلاود، بعمل فني يجعل الناس تمشي على المياه بأقدامها، لكنه لم يستطع تنفيذه إلا هذه السنة، بعد مضي 81 سنة من عمره، لوحده بعد أن توفيت زوجته، لكنه كان مذهلاً كفاية لكي يستقطب أكثر من 270 ألف زائر في أول خمسة أيام من إقامته فقط !
كيف تمشي على الماء؟
الزائرون لبحيرة “إيزيو” في شمال إيطاليا، تمكنوا من رؤية هذه البُسُط العجيبة الفنية التي سميت floating piers وهي تمتد على سطح الماء بشكل لا يصدق، تتحرك بخفة مع الموج، وتمتد لتربط جزيرتين في البحيرة بالضفة، محولة هذا المكان الهادئ إلى نقطة استقطاب ساخنة للسياح، المفاجئ للجميع كان أن هذا المعبر الذي افتتح يوم الثامن عشر من يونيو كان مجانياً تماماً، ولم يدُم أكثر من 16 يوماً فقط، محققاً جذباً لأعداد هائلة من الناس وصلت إلى 270 ألف في خمسة أيام فقط، لدرجة أن الفريق المسئول عنها اضطر لغلقها بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحاً، لكي يسمحوا بوقت لتنظيفه وصيانته اللازمة.
المعبر العائم، كان له لون ذهبي براق مصنوع من عائمات من البوليسترين مغطاة بـ100 ألف متر مربع من النسيج الأصفر الذهبي المتلألئ، وهو الشئ الذي مثل تبايناً صارخاً مع الجبال الخضراء المحيطة بالبحيرة، والتي قال الفنان كريستو أنه اختارها بالذات بسبب مكانها الرائع، حيث توجد جزر تصل إلى مئات الأمتار فوق سطح البحر، المكان هادئ، يعتمد في ربطه بالضفة على خدمات العبارة، ولا يعيش فيها أكثر من 2000 شخص، ما يتيح للزائر أن يمشي وسط عناصر الطبيعة.
إنه شئ حقيقي، لمدة كيلومترين أو ثلاثة، سوف تكون هناك رياح حقيقية؛ شمس حقيقية؛ مياه حقيقية، كل شئ حقيقي، كما قال الفنان، مضيفاً أنه وزوجته أحبا الفكرة فعلاً، لقد كان هدفهما دائماً أن يبدعا فناً جميلاً وممتعاً، يكون مجانياً ومفتوحاً للناس.
تمتع بإحساس الشبح لأول مرة في حياتك
الزوار الذين أتوا إلى البحيرة الإيطالية تمكنوا من الخطو على المعبر المائي، والوصول مشياً على الأقدام فوق الموج، حتى وصلوا إلى جزيرة مونتي أيزولا، ثم قاموا بتسلق الجبل ومشاهدة المعبر من فوق، الشئ الأكثر إثارة هو عندما تنزل على الجانب الآخر من الجزيرة وتكمل فوق الماء إلى جزيرة صغيرة أخرى لا يوجد بها إلا منزل واحد، تسمى جزيرة سان باولو. هذا العبور الذي يشبه الأشباح ليس المتعة الوحيدة التي يقدمها هذا البساط، فالمشهد من الجبال يمنحنا رؤية بزوايا جديدة.
سبق هذا المشروع مشاريع أخرى للفنان وزوجته، ففي عام 1970 قاما بلف 820 قدماً من جدران الأورليان في روما بحبل وقماش، وقد موّلاه بنفسهما كما كان دأبهما في كل المشاريع التي قاما بها، دون الاستعانة بمال منح أو دول، لهذا قال كريستو: لا يوجد تذاكر، لا حجوزات ولا مالكين، هذه المعابر العائمة هي امتداد للشارع وتعود للجميع.
تجربة مرة واحدة في العمر
مثل كل الأعمال التي سبقت للفنان وزوجته، فإن هذا العمل هو من الذي تشاهده مرة واحدة في العمر، ففي 3 يوليو أغلق الفنان عمله هذا وسحبه كي يستخدمه في شئ آخر، مبرراً هذا بأن أعماله راحلة، بالضبط مثل الناس، فهي تظهر في مكان ما لوقت قصير، ثم تختفي إلى الأبد.