كثيرا ما يسعى الانسان فى اتجاه معين ابتغاء تحقيق هدف معين قد يصل اليه وقد يخفق فى ذلك. وفى بداية سعيه يكون فى كامل نشاطه ومفعم بالامل، ومن ثم يكون الانسان ذا طاقة كبيرة تمكنه من التفاعل النشط مع كل مكوناته بهدف تحقيق النتائج التى يترقبها وتكون طاقتها اقل، الأمر الذى يؤدى الى ظهور حاجز الطاقة. وأمام كل هذا وذاك نكون أمام تفاعل طارد لحرارة اليأس ولهيب الفشل الذى قد يحدث فى أى لحظة أو مرحلة من مراحل رحلة الأمل. هنا واثناء هذه الرحلة يأتى الدور الفعلى للعامل الحفاز الذى يجب أن يمتلك الكثير من الصفات منها قدرته على الانتقائة وزيادة كفاءة تفاعلات رحلة الأمل والطموح.
ولكى تكون الرحلة سريعة لابد أن يكون الحفاز المستخدم ذا كفاءة عالية للتغلب على حاجز الطاقة الذى يستهلك الكثير من الوقت والجهد والمال للتغلب عليه واجتيازه كى نصل الى أهدافنا او نتائجنا المرتقبة. وحفازنا فى رحلة الأمل لن يخرج بأى حال من الأحوال عن الاتباع الحرفى لكافة الأوامر والنواهى الربانية ولاينال من هذا ضرورة مراعاة ظروف رحلة الأمل التى يجب أن تراعى كل ما جاء فى المدرسة والجامعة والأكاديمية المحمدية. هنا وهنا فقط ان تم مراعاة كل ظروف ومتطلبات رحلة الأمل، فسوف يكون تحقيق كل الأهداف والطموحات والأمال أمر سهل وبسيط، بل وسوف تسخر لك كل مكونات الطبيعة فى اتجاه نجاح رحلة الأمل.
وقد تحدث المفاجأة الكبرى عندما تأخذ بكل التدابير والاحتياطات السالفة الذكر، وتكون النتيجة سلبية وعلى غير المتوقع. عندئذ لن يرافقك غير الحزن والألم ولن تجد غير غصة فى الحلق ومتلازمة الشعور بالقهر والخذلان. عندئذ ستتحول رحلة الأمل الى رحلة طويلة من الندم على كل ما فات من فقد لجهد ووقت ومال، رحلة الندم المكونة من متفاعلات الاحباط والتى لن تنتهى الا بنتائج سلبية الأثر، نتائج تفوق فى طاقتها طاقة متفاعلاتها والتى تؤدى بنا الى رحلة ماصة لحرارة فقد الثقة فى النفس وفى كل شئ محيط بالكائن الحى وغير الحى. توفيق مفقود مع عدم تحقيق لأى نتيجة ومع تحول كامل وبنسبة 100% من رحلة أمل الى رحلة ندم.
ولكن هل فى غياب التوفيق ومع ما تأكد من سلبية النتائج، يكون الندم أم تكون العظة والعبرة والصبر على البلاء لأن فى سلبية النتائج وايجابيتها خير كبير لم ولن يدركه الا الباحث الجيد صاحب كل ابداع وابتكار. وَعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ ” رواه مسلم. فغياب التوفيق نعمة ما بعدها نعمة ان كنت من أصحاب العقول المستنيرة والقلوب المستقرة، فهذا الكيميائي الألماني فريتز هابر الذى سعى جاهد للحصول على غاز الأمونيا (النشادر) فى معمله ولم يحالفه الحظ أو التوفيق للحصول على هذه النشادر على المستوى الصناعى والتطبيقى. ولكن ومع التقاط شعاع الأمل من بصيص نور قد بزع وسط الظلام الدامس فى رحلة ندم هابر، كان توفيق ونجاح الكيميائي الألماني كارل بوش الذى شخص المرض ووصف العلاج بتغيير العامل الحفاز للحصول على غاز الأمونيا على المستوى الصناعى لنكون أمام سيمفونية كاملة قد احتوت على عبقرية هابر وعلى ابداع وابتكار بوش ، الأمر الذى أدى الى تكريمها من خلال حصول كل منهما على جائزة نوبل. وفى نهاية الرحلة الممتزجة تارة بالنجاح والفشل وتارة أخرى بكامل النجاح، أصبحت المنظومة منسوبة لكليهما وأصبحنا أمام طريقة او عملية هابر – بوش لتصنيع النشادر.
فقد يغيب الهدف ولكنه لن يموت، فى حين أن التوفيق وعدم التوفيق فى تحقيق الأهداف ما هما الا وجهان لعملة واحدة هى رحلة الحياة المكونه من رحلة أمل قد تنتهى بتحقيق الهدف أو تنتهى بالاخفاق فيه. وفى الاخفاق فى تحقيق الأمل عظة وعبرة لمن يعتبر، وقوة دفع حقيقية الى تحقيق الهدف ولكن بطرق وآليات قد تكون مختلفة بعض الشئ بشرط الايمان الكامل فى أن الخير كل الخير فى التوفيق أو عدم التوفيق، وأن ما علينا الا السعى فقط وترك النجاح أو الفشل فى تحقيق النتائج على الله سبحانه وتعالى. وهذا ما نجد أثره فى حديث عمر حيث قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً،رواه الترمذي كحديث حسن.