يقدر عدد المصابين بمرض الخرف بنحو 55 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وهو رقم مرشح للزيادة مع تقدم سكان العالم في العمر.
وللعثور على علاجات يمكن أن تبطئ أو توقف المرض، يحتاج العلماء إلى فهم أفضل للعوامل التي يمكن أن تسبب الخرف.
نشرت مجلة جمعية الزهايمر( :in Alzheimer’s & Dementia The Journal of the Alzheimer’s Association) في السابع من ديسمبر عام ٢٠٢٢ دراسة تشير إلى أن كبار السن الذين يعانون من التدهور المعرفي والذين لديهم مستويات أعلى من فيتامين د في أدمغتهم لديهم وظيفة إدراكية أفضل من أقرانهم الذين لديهم مستويات أقل من فيتامين د.
وأكمل الباحثون في جامعة تافتس ( Tufts University ) الدراسة الأولى لفحص مستويات فيتامين (د) في أنسجة المخ عند البالغين الذين عانوا من معدلات متفاوتة من التدهور المعرفي. وربطت الدراسة بين ارتفاع مستويات فيتامين د في الدماغ وزيادة الوظائف الإدراكية عند العينة التي أجريت عليها الدراسة.
نبذه عن فيتامين (د) في الجسم وأهميته :
فيتامين (د) هو أحد العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم لبناء عظام صحية والحفاظ عليها.
وذلك لأن جسمك لا يمكنه امتصاص الكالسيوم – المكِّون الرئيسي للعظام – إلا عند وجود كميات كافية من فيتامين(د). كما يقوم فيتامين (د) أيضا بتنظيم الكثير من الوظائف الأخرى في خلايا الجسم. وتدعم كذلك خصائصه المضادة للالتهابات وللأكسدة والواقية للأعصاب صحة الجهاز المناعي ووظائف العضلات ونشاط خلايا الدماغ.
وعلى الرغم من عدم وجود فيتامين (د) في الكثير من الأطعمة طبيعيا، إلا أنه يمكننا الحصول عليه من الحليب المعزز، وحبوب الإفطار المدعمة بالعناصر الغذائية، والأسماك الدهنية، مثل السلمون والماكريل والسردين. كما يوفر التعرض القصير لأشعة الشمس جرعة من فيتامين (د) .حيث يعمل ضوء الشمس المباشر على تحويل مادة كيميائية في الجلد إلى شكل نشط من الفيتامين.
ومع ذلك، يحذر الخبراء الناس من استخدام جرعات كبيرة من مكملات فيتامين (د) كإجراء وقائي. الجرعة الموصى بها من فيتامين د هي 600 وحدة دولية للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 1-70 عاما، و 800 وحدة دولية لمن هم أكبر سنا ، حيث يمكن أن تسبب الكميات المفرطة ضررا.
ما حول الدراسه :
قالت سارة بوث، كبيرة المؤلفين ومديرة مركز أبحاث التغذية البشرية للشيخوخة التابع لوزارة الزراعة الأمريكية جان ماير في توفرا: «يعزز هذا البحث أهمية دراسة كيفية خلق الغذاء لحماية الدماغ المتقدم في السن من أمراض مثل مرض الزهايمر والخرف الآخر ذي الصلة».
تضمنت العديد من الدراسات عوامل غذائية في الأداء المعرفي أو الوظيفة لدى كبار السن، بما في ذلك العديد من الدراسات حول فيتامين (د)، ولكن جميعها تستند إما إلى المدخول الغذائي أو مقاييس الدم لفيتامين (د)،قالت المؤلفة الرئيسية كيلا شيا، وهي عالمة في فريق فيتامين ك وأستاذة مشاركة في كلية فريدمان لعلوم وسياسات التغذية في تافتس.
«أردنا أن نعرف ما إذا كان فيتامين د موجودا حتى في الدماغ، وإذا كان كذلك، فكيف ترتبط هذه التركيزات بالتدهور المعرفي».
تفاصيل أكثر عن الدراسة :
قام بوث وشيا وفريقهم بفحص عينات من أنسجة المخ لـ 209 مشاركين في مشروع Rush Memory and Rush ( وهي دراسة طويلة الأمد لمرض الزهايمر بدأت في عام 1997. قام باحثون في جامعة راش ،Aging University) بتقييم الوظيفة الإدراكية للمشاركين، وكبار السن الذين ليس لديهم علامات ضعف إدراكي، مع تقدمهم في العمر، وحللوا المخالفات في أنسجة المخ بعد الموت.
في دراسة تافتس، بحثت الدراسة عن فيتامين (د) في أربع مناطق من الدماغ – اثنان مرتبطان بتغيرات مرتبطة بمرض الزهايمر، وواحد مرتبط بأشكال الخرف المرتبطة بتدفق الدم، ومنطقة واحدة دون أي ارتباطات معروفة بالتدهور المعرفي المرتبط بمرض الزهايمر أو أمراض الأوعية الدموية.
ووجدوا أن فيتامين (د) موجود بالفعل في أنسجة المخ، وأن مستويات فيتامين (د) العالية في جميع مناطق الدماغ الأربع مرتبطة بوظيفة إدراكية أفضل.
ومع ذلك، فإن مستويات فيتامين (د) في الدماغ لم ترتبط بأي من العلامات الفسيولوجية المرتبطة بمرض الزهايمر في الدماغ الذي تمت دراسته، بما في ذلك تراكم لوحة الأميلويد أو مرض جسم ليوي أو دليل على السكتات الدماغية المزمنة أو المجهرية. هذا يعني أنه لا يزال من غير الواضح بالضبط كيف يمكن أن يؤثر فيتامين د على وظائف المخ.
تقول شيا: «الخرف متعدد العوامل، والكثير من الآليات المرضية الكامنة وراءه لم يتم توصيفها جيدا، يمكن أن يكون فيتامين (د) مرتبطا بالنتائج التي لم ننظر إليها بعد، ولكن نخطط لدراستها في المستقبل».
تطلعات مستقبلية :
يخطط الباحثون لدراسات متابعة باستخدام مجموعة أكثر تنوعا من الأشخاص للنظر في التغيرات الدماغية الأخرى المرتبطة بالتدهور المعرفي. إنهم يأملون أن يؤدي عملهم إلى فهم أفضل للدور الذي قد يلعبه فيتامين (د) في ايقاف الخرف ، حيث من المعروف أن فيتامين (د) يختلف بين السكان العرقيين ، وكان معظم المشاركين في مجموعة راش Rush الأصلية من البيض.
تقول شيا: «نحن نعلم الآن أن فيتامين (د) موجود بكميات معقولة في أدمغة الإنسان، ويبدو أنه مرتبط بتدهور أقل في الوظيفة الإدراكية ؛لكننا بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد أمراض الأعصاب التي يرتبط بها فيتامين (د) في الدماغ قبل أن نبدأ في تصميم التدخلات المستقبلية».