قام العلماء بتطوير فحص جديد يمكن استخدامه لتحذير المدخنين في حال كانوا عرضة للإصابة بسرطان الرئة، حيث اكتشف العلماء أن الخلايا المأخوذة من الفم والأنف تتفاعل بشكل مختلف مع ضوء الأشعة تحت الحمراء لدى الأشخاص الأكثر عرضة لتطوير سرطان الرئة، وإن النتائج التي قدمها هذا البحث يمكنها جعل اختبارات التصوير بالاشعة المقطعية (CT Scan) أكثر فعالية، مما يؤدي إلى تشخيص مرضى سرطان الرئة بشكل مبكر، وهذا بدوره يفيد في علاج هؤلاء المرضى في المستقبل.
يعد سرطان الرئة أكثر أنواع السرطانات انتشاراً ما بين المدخنين، حيث تبدأ الخلايا في الرئتين بالتكاثر بطريقة غير منضبطة، وتشكّل منطقة تكبر باستمرار تسمى منطقة السرطان الأساسي أو الورم الرئيسي، وتشمل أعراض هذا السرطان السعال المستمر، والسعال المترافق مع الدم، وضيق التنفس، وتشير الاحصائيات أن 10% فقط من المرضى الذين يتم تشخيصهم بمرض سرطان الرئة يعيشون لمدة أطول من 5 سنوات بعد التشخيص، والسبب بذلك يرجع أساساً لكون عملية التشخيص حصلت في مرحلة متقدمة من المرض.
يشير البروفيسور (سام جينس)، من جامعة كوليدج في لندن، بأن الاختبار الجديد الذي لا يتضمن تدخلاً جراحياً، يمكن أن يساعد على تحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الرئة من بين المدخنين البالغين، كما أن هذا الاختبار يساعد على تحديد الأشعة المقطعية (CT) بشكل أكثر فعالية، ويضيف بأن المرضى المعرضين للإصابة بأورام الرئة، تتصرف خلايا الرئتين والفم والأنف لديهم بشكل شاذ وخفي، ويأمل (جينس) بأن يستطيع المدخنون إجراء هذا الفحص لدى الطبيب العام أو لدى الصيدليات، حيث لا يتطلب الفحص أكثر من أخذ مسحة من الفم أو الأنف، ومن ثم يتم إرسال هذه العينة لتحليلها، وبشكل عام كلما تم تشخيص هذا السرطان بشكل أبكر، كلما كانت فعالية العلاجات أكبر.
كانت الأبحاث السابقة قد أشارت إلى أن الطريقة التي يتناثر بها الضوء النقي جداً من قبل خلايا الإنسان قد تشير إلى وجود مرض السرطان بالخلايا، أما حالياً فقد تضمن البحث أخذ عينات من 76 مدخناً، تم تشخيصهم سابقاً بالإصابة بسرطان الرئة، ومراقبة شذوذ الخلايا من خلال تسليط ضوء الأشعة تحت الحمراء عليها، فالخلايا المعرضة للإصابة بسرطان الرئة تعكس أو تكسر الضوء بشكل مختلف عن الخلايا الغير معرضة للإصابة بهذا السرطان، وباستخدام هذه التقنية استطاع الباحثون التفريق ما بين الخلايا المصابة بسرطان الرئة والخلايا السليمة بدقة تصل إلى 80%، وقد تم عرض البحث خلال اجتماع جمعية أمراض الصدر البريطانية في لندن.
يعد التشخيص المبكر لمرضى سرطان الرئة مهماً في التعافي والعلاج من هذا المرض، حيث تشير دراسة أخرى، صادرة عن جامعة كوليدج في لندن، إلى أن المرضى الذين تم تشخيصهم بشكل مبكر قبل ظهور الأعراض لديهم، كانت فرص علاجهم من مرض سرطان الرئة أكبر من فرص الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالمرض بعد ظهور الأعراض عليهم، وكشفت الدراسة التي استمرت لخمس سنوات أن 61% من المرضى الذين عولجوا جراحياً من مرض سرطان الرئة، تم تشخيصهم بالصدفة من خلال الفحوصات العامة، أما المرضى الذين جاءوا إلى المستشفى بعد ظهور أعراض سرطان الرئة لديهم، كانت فرص وفاتهم نتيجة لهذا السرطان أكبر.
يشير الدكتور (بيني وودز)، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الرئة البريطانية، أن فحص الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بسرطان الرئة، مثل المدخنين، قبل أن تظهر عليهم أعراض السرطان، قد ينقذ حياة الآلاف من الأشخاص، كون التشخيص المتأخر لهذا المرض يعد أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة لدى المصابين به، فالتشخيص المبكر لسرطان الرئة يحسّن كثيراً من فرص نجاح العلاج، وبالتالي البقاء على قيد الحياة .
تشمل الخطط المستقبلية للعلماء تحليل عينات من عدد أكبر من الأشخاص، ورصد المشاركين على مدى فترة زمنية أطول، لرؤية احتمالية تطويرهم لمرض سرطان الرئة، والنتائج التي ستنجم عن هذا البحث ستساعد على تحديد المرضى الذين ينبغي عليهم أن يخضعوا للتصوير بالأشعة المقطعية (CT) أو بالاشعة السينية (XRAY)، حيث أنه كلما تم الإسراع بعلاجهم، كلما كانت فرص بقائهم على قيد الحياة أكبر.