تطور كبير في علم الطب كشفته لنا دكتورة الأسنان الكويتية هند القادري الباحثة في علم اللعاب والعالمة وعضو التدريس بكلية الأسنان في جامعة هارفارد الأمريكية، على منصة تيد بالعربي والتي تحدثت فيها عن آخر تطورات هذا المجال وانجازاتها واكتشافاتها فيه.
من اللعاب يمكننا التنبؤ بالأمراض وقياس مؤشرات حيوية بالجسم واستخراج مواد مثل الهرمونات والبروتينات والمواد الالتهابية، كل هذا يمكن استخراجه من اللعاب فقط، في الوقت التي كانت تقام العديد من الفحوصات لاستخراج هذه المواد والمعلومات.
بدأ اهتمام الدكتورة هند القادري في هذا المجال بعد اصابتها وافراد عائلتها بفايروس كورونا، وملاحظتها تفاوت الأعراض وشدة المرض رغم تشابه جينات أسرتها الواحدة، فبدأت في إجراء دراساتها على اللعاب ودراسة المحتوى البكتيري فيه، حيث يعد الفم بوابة الدفاع الأولى عن الجسد، ومدخلاً هاماً للأمراض والعدوى التي تصيب الجهاز التنفسي.
توصلت بحوث الدكتورة إلى استنتاجات هامة، كشفت وجود فارق في التوزيع الطبيعي للمحتوى البكتيري النافع والضار، في لعاب المصابين وغير المصابين، وفارق في النسبة أيضاً بين المصابين، يعتمد على شدة الإصابة والأعراض.
هنا اتضح أن اللعاب يعتبر مؤشرا هاماً في قياس المؤشرات الحيوية للإنسان، وفكرة المحتوى البكتيري وميزانه بين النافع والضار غيرت نظرة البشر لعلم الطب، وفتحت باباً جديداً سيحدث فارقاً في مسألة الفحوصات الطبية والتنبؤ المبكر بالأمراض وتشخيص الأمراض الجهازية، واستخراج بعض مكونات الجسم من بروتينات وهرمونات، كل هذا يمكن استخلاصه من لعاب الإنسان فقط.
تقول الدكتورة هند القادري في حديثها لـ TED بالعربي إن القدرة على فرز وتحديد المحتوى البكتيري بين النافع والضار تمكن الطب من ضبطه والقضاء على الأمراض، وإن آخر ما توصل له العلم في هذا المجال هو نجاح بعض العلماء في ضبط المحتوى البكتيري لجسد مصاب بالسرطان، وحققت تجربتهم نتائج مبشرة.
ولم يقتصر دور اللعاب في مسألة العلاج من الأمراض فحسب، بس بل تجاوز ذلك ليعتبر مؤشراً هاماً لقياس العلامات الحيوية للإنسان، فتوصل العلم لطريقة تمكن الكشف المبكر للأمراض الالتهابية مثل مرض السكر، والكشف عن تعاطي المخدرات، وحتى التفاعلات الحيوية داخل الجسم، إذ يمكن استخراج هرمون الإكسيتوسن من اللعاب والذي يبين إذا ما كان الإنسان في حالة حب.
واليوم تقول الدكتور هند القادري إن الاهتمام والتوجه لنقل هذه الدراسات لأرض الواقع كبيرين جداً، حيث اجتمعت مع خبراء شركات التكنولوجيا البيولوجية ووجدت أن هناك اهتمام وتوجه أكبر لابتكار تكنلوجيا تمكن الشخص من مراقبة صحته والتنبؤ بالأمراض بشكل بسيط وسريع من خلال فحص لعابه.
هذا التطور الكبير الذي أحدثته الدكتورة هند القادري في علم الطب، بإسهاماتها التي ستنقل حياة البشر لمستوى صحي أفضل، في علاج الأمراض الالتهابية والكشف المبكر عن الأمراض وقياس التفاعلات الحيوية داخل الجسم، أكسبها عدة جوائز عالمية قيمة، عرفانا للفارق الذي أحدثته في هذا المجال وفي حياة البشر بأسرها، ومن أهم هذه الجوائز جائزة L’Oréal UNESCO لعام 2021 للنساء الموهوباتفي العلوم، وكذلك جائزة Lois Cohen من جامعة هارفارد للتميز في أبحاث الصحة العالمية.
هند القادري امرأة عربية من هنا، رفرفت بأجنحتها في محاولة إحداث الفارق، فغيرت علم الطب وصنعت الفارق فيه، فارق سيحسن صحة مليارات البشر حول العالم، هذا هو أثر الفراشة.. وهكذا يبقى ويتمدد ليحيط العالم بأسره..