مع التلاطم المستمر لأمواج الحياة المختلفة، وسرعة وقوة تصادمها مع بعضها، تزداد حاجة الانسان الى بصيص أمل فى المستقبل المنبثق من الحاضر المتعثر الخطى. حيث ينعدم الأمل تحت غيوم سماء الاحباط الذى نستطيع أن نتخلص من كله أو بعضه بالتخفيف على النفس من خلال ابتسامه صافيه على وجه طفل لم تغمره الحياة بأثقالها وهمومها أو بنظرة حانية من كهل أو بانطلاق طاقة شباب مقبلين على الحياة بكامل كيانهم. ولكن ان حمى وطيس الحياة وغابت بسمة ونظرة وطاقة الطفل والكهل والشباب، فلن تضن عليك السماء بابتسامتها البصرية الكائنة فى الظاهرة البصرية الفريدة التى تشبه الوجه المبتسم في السماء، والتى ظهرت فى 24-4-2025م نتيجة ترتيب شكلى ظاهرى لكوكبي الزهرة وزحل مع هلال القمر. حيث نجد أن الكوكبين، الزهرة وزحل، يشكّلان العينين في هذا الشكل الظاهرى المشير الى وجه مبتسم، في حين يشكل القمر -وهو على صورة هلال رقيق- “الفم” في هذا الوجه، في ظاهرة تعرف باسم ” الاقتران الثلاثي “. كما شهدت أيضا مصر في 8 يناير 2024 اقترانًا ثلاثيًا جمع بين القمر، وكوكب الزهرة المعروف بـ”نجمة البداري” بسبب لونه الأبيض الساطع، ونجم قلب العقرب (أنتاريس) الذي يتميز بلونه الأحمر وحجمه الضخم الذي يفوق حجم الشمس بحوالي 600 مرة. وفي 24 أكتوبر 2024، حدث اقتران ثلاثي آخر حيث اقترن القمر مع كوكب المريخ، المعروف بلونه الأحمر، والنجم بولوكس في برج الجوزاء، وهو نجم عملاق برتقالي اللون أكبر من الشمس بثلاثة أضعاف ويبعد عن الأرض بحوالي 34 سنة ضوئية.
ولأن الطبيعة أكثرا احتضانا بالبشر من أنفسهم، فان ظاهرة الاقتران الثلاثى تكون عالمية، ويمكن رؤيتها في مختلف مناطق الأرض لكل من لديه موقع جيد يمكنه من رؤية واضحة للأفق الشرقي. حيث تجتمع بعض الكواكب وتتآزر فيما بينها وتظهر لخليفة الله فى أرضه فى صورة وجه مبتسم يبعث له السعادة والفرحة والأمل وحيوية الحياة. فالابتسامة لها رونق خاص وجمال فريد من نوعه، وتعابير تضفي على وجه صاحبها ونفوس المحيطين به الكثير من الراحة والسرور، بل رتب عليها النبي صلى الله عليه وسلم أجراً عظيماً، فقال صلى الله عليه وسلم: “وتبسمك في وجه أخيك صدقة”.
حيث يحدث الاقتران طبقا لعلم الفلك، عندما يتقارب أو يجتمع جُرمان أو أكثر من أجرام النظام الشمسي في السماء ليلًا، بحيث يكونا على نفس خط الطول السماوي أو يكون لهما نفس المطلع مستقيم. ويكون الاقتران ثلاثى عندما يتقارب ثلاثة أجسام، كما يسمى هذا الاقتران باقتران أرض المركز اعتمادا على أن هذه الظاهرة يمكن مراقبتها من مكان ما (عادة ما تكون الأرض). وتساعد الظاهرة العلماء على تصحيح وتحسين الحسابات الفلكية، لا سيما حركة الكواكب والمسافات، شريطة عدم وجود تلوث ضوئى.
لظاهرة الاقتران الثلاثي أهمية كبيرة ومغزى ومعانى تكمن فيما يلى: (أولا) انها فرصة عظيمة ورائعة لهواة الفلك ، حيث تساهم في زيادة الوعي العام بعلم الفلك، (ثانيا) وتوفر هذه الظاهرة فرصة للتأمل في روعة الكون وتناسق أجرامه، (ثالثا) كما أنها باعث أمل وسعادة وراحة للانسان الذى اختفت من قلبه ووجهه زهرة الابتسامة، (رابعا) ناهينا عن أنها محاولة مستمرة من الطبيعة فى أن ترسم على وجه البشرية ابتسامة الحياة عل يكون فى هذا العظة والعبرة للانسان، (خامسا) مع الافصاح الصريح من الكون بقدرته على صنع الابتسامه التى تزين سماء الليل. وفى الختام، عندما تبتسم السماء لابد أن يبتسم الكون ولابد للانسان أن يقتبس من هدى هذه الظواهر الفلكية الجميلة ما يبعث فى نفسه الراحة والطمأنينة بأن للكون اله عظيم قادر على خلق وادارة كل شئ فى السماء والأرض.