يسعى العلماء لدراسة كيفية تأثير الجينات على الأمراض الدماغية وصولًا لنموذج تجريبي وعملي أفضل. يمكن للخلايا الجينية المعدلة وراثيًا أن تكشف عن بعض الدلائل المتعلقة بكيفية تأثير جينات معينة على تطور الأمراض والاضطرابات النفسية و الكشف عن مرض سرطان الدماغ، كما يمكن تقديم نظرة أقرب للحقيقة من خلال نموذج على بعض الفئران المعدلة جينيًا .(Genetically-modified mice)
إن عملية تربية الفئران لدراسة تأثير الجينات على الدماغ لها عدة معيقات ذلك لأن فترة تكاثرها طويلة ومكلفة أيضًا ، إضافةً إلى أنه لا يمكن التأكد من جودة ونوعية الجينات المرغوب وجودها في الفئران إلا عند الولادة (عملية غير مضمونة النتائج).
يصف العلماء من مستشفى بوسطن للأطفال (Boston Children’s Hospital) وعلماء من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو طريقة جديدة لإنشاء نماذج جديدة متخصصة من الفئران لدراسة الدماغ. بدايًة يمكن استخدام سموم طبيعية على الفئران الصغيرة الجنينية (Mouse Embryos) وذلك لقتل الخلايا الدماغية التي تنمو عادةً في الجزء الأمامي من الدماغ، ثم يمكن بعد ذلك إعادة تشكيلها من خلال استخدام الخلايا الجذعية المعدلة وراثيًا والتي تحتوى على الجينات المطلوبة للدراسة.
ينتج عن عملية ” استبدال الجزء الأمامي من الدماغ “forebrain substitution” فأرًا جديدًا ذو الصفات الجينية المطلوبة بشكل كامل وهذا بدوره يسمح للعلماء بدراسة كيف يمكن لجيناتٍ معينة أن تؤثر على الأمراض الدماغية مع درجة أعلى و أدق من التحكم.
وأضاف البروفسور فريد ألت (Fred Alt)، الباحث المشارك ومدير برنامج بوسطن للأطفال في الطب الخلوي والجزيئي (Boston Children’s Program in Cellular and Molecular Medicine) : ” نحن نفكر في هذه الاستراتيجية كمنصةٍ جديدة لعلماء البيولوجيا العصبية لدراسة الدماغ ولتمكن من الحصول على المعرفة الأولية للتحكم بالجينات وعملية تطور الدماغ وصولًا لإمكانية العثور على علاجات جينية جديدة لأمراض الدماغ والاضطرابات النفسية”
ولاحظ الدكتور المشارك في الدراسة (Bjoern Schwer) والمتدرب السابق في مختبر آلت و أستاذ مساعد في UCSF: ” أن الفئران التي تمتلك خلايا جذعية جينية (embryonic-stem-cell) لا يمكن تميزها عن الفئران الطبيعية في اختبارات الذاكرة والتعلم”
يسعى البروفسور آلت وفريقه إلى نشر مجموعة من التعليمات التفصيلية حتى يتمكن العلماء في جميع أنحاء العالم من تنفيذ هذه التقنية في مختبرات الأعصاب”
دراسة تحطم الجينات وأمراض الدماغ النادرة
إن هدف مختبر آلت يقوم على تطوير هذه التقنية واستخدامها كمنصة لدراسة الجينات المكتشفة والأكثر عرضة للتحطم في خلايا دماغ الفئران (brain progenitor cells). لذلك يسعى العلماء لتحديد آليات جديدة ومعرفة درجة تردد وتكرار الجينات التي من الممكن تحطمها، والتي لها علاقة مباشرة بمعرفتنا بأسباب الأمراض العصبية وسرطان الدماغ بالدرجة الأولى.
علاوة على ذلك، يعتقد العالمان آلت (Alt) و تشير (Schwer) أن هذه التقنية يمكن تنفيذها للمساعدة في الطب الشخصي من خلال ابتكار نماذج مخصصة لدماغ الفئران، والذي بدوره يسمح للعلماء عمل محاكاة للشكل الجيني للمرضى الغير مشخصين مسبقًا أو الذين يعانون من أمراض واضطرابات دماغية نادرة.