عندما هبط طبق ناسا الطائر في المحيط الهادي في شهر حزيران، كان المهندسون الذين قاموا بتصميمه يعلمون أن تجربتهم كانت ناجحة تماماً، حيث كانوا يشاهدون مركبة (LDSD) المنخفضة الكثافة الأسرع من الصوت، من برج مراقبة كاواي للصواريخ في المحيط الهادئ، وهي تمر بسلسلة من الاختبارات الهامة أثناء حركتها المقوسة في الغلاف الجوي فوق هاواي، وكانت المشكلة الوحيدة التي واجهت التجربة في نهاية الرحلة، هي فشل فتح المظلة، وهذه الخطوة هي الأخيرة في سلسلة التجارب التي تم تصميمها بعناية لمحاكاة عملية هبوط مريخية على بعد ملايين الأميال هنا على الأرض.
حالياً، أصبح لدى العلماء في مختبرات الدفع النفاث الفرصة لدراسة العديد من البيانات التي تم تجميعها خلال الرحلة، حيث قام الفريق بإعطاء الاعلام لمحة عامة يوم الجمعة الماضي عن طبيعة الرحلات الأسرع من الصوت من خلال المركبة، حيث قامت ناسا بعرض لقطات من الفيديو الذي تم إلقاطه بوسطة كاميرا مثبتة على متن المركبة، وهي تنطلق في الفضاء، وبحسب المتحدث من مختبرات الدفع النفاث في قاعة لفون كرمان في (La Cañada Flintridge)، ومدير المشروع (مارك أدلر)، أن هذا الفيديو سيكون عوناً كبيراً لفريقه خلال تحليلهم لكيفية سير العملية وكيفية تطوير أداء (LDSD) للاختبارات المستقبلية والرحلات المريخية فيما بعد.
سمحت الكاميرا التي تحملها هذه المركبة للعلماء بمشاهدة المظلة وهي تنفتح خلال ارتفاعها في الغلاف الجوي للأرض وهي تجر وراءها الـ (LDSD)، كما استطاعت الكاميرا أيضاً التقاط ألسنة اللهب المنطلقة من المركبة بعد أن اسقطتها المظلة على ارتفاع 120,000 قدم فوق هاواي، الأمر الدي دفعها للدوران مثل اليويو للحفاظ على توازنها، وبعد ذلك قام محرك الصاروخ بإطلاق المركبة إلى ارتفاع 190,000 قدم، بسرعة 4.3 ماخ أي ما يعادل أربعة أضعاف سرعة الصوت، وذلك في غضون 71 ثانية، وعند هذه النقطة أشار (أدلر) أن الفريق حقق الغاية المطلوبة من هذه التجربة، وهي إثبات النجاح بتهيئة المركبات للظروف التي يمكن أن تواجهها أثناء اندفاعها نحو المريخ في الفضاء الممتلئ بالكواكب.
بعد هذه المرحلة كان على (LDSD) أن تبطئ من سرعتها مرة أخرى، وإن لقطات الفيديو التي تم أخذها خلال هذه الرحلة، تظهر هذه العملية بشكل رائع أيضاً، حيث أظهرت عمل نظام المكابح النافخ الديناميكي الهوائي المبطئ للسرعات التي تتعدى سرعة الصوت المسمى اختصاراً بـ((SIAD الذي تم تجهيز المركبة به، حيث قام النظام بالتضخم إلى حجمه الكامل، وتصدى بسهولة للقوة العنيفة الناتجة عن عبور المركبة للغلاف الجوي بسرعة تتعدى سرعة الصوت.
بعد أن قام ((SIADبتخفيض سرعة المركبة بنجاح إلى أقل من 2.5 ماخ، بدأت المرحلة الثانية من عملية التباطؤ، حيث تم نشر مظلة مخصصة للسرعات الفوق صوتية، لتقوم بتخفيض سرعة المركبة حتى تصل بها إلى سرعة الهبوط، إلا أن هذه المظلة البالغ حجمها 100 قدم، لم تستطع القيام بعملها على أكمل وجه، حيث بدأت بالإنثناء على بعضها والتمزق بمجرد خروجها في مؤخرة المركبة، وبغياب وجود هذه المظلة، هبطت المركبة في المحيط الهادئ في 28 حزيران وتم العثور عليها من قبل غواصي البحرية، وقد استطاع العلماء استخلاص المعلومات من جميع أجهزة الاستشعار التي كانت تسجل الرحلة، إضافةً إلى استخلاص الصور الملتقطة من الكاميرا المثبتة عليها، كما أن العلماء يقومون بدراسة النسيج المتمزق للمظلة، وفحص الفيديو بحثاً عن مصدر الخطأ، وذلك لبناء نسخة أفضل من هذه المظلة في المستقبل.
أخيراً يجدر القول بأن هذه التجربة سمحت للعلماء بأن يثبتوا أنه من الممكن خلق ظروف مماثلة للمريخ على الأرض، دون الحاجة إلى بناء نفق واسع للرياح، وتبعاً لـ (كلارك) فإن العلماء لم يكونوا يخططون لتجربة آليات تخفيف السرعة (المكابح) في هذه السنة، ولذلك فإن معرفة أدائها كان بمثابة مكافئة بالنسبة لهم، فحتى وإن كان هناك بعض المشاكل في المظلة، فإن هذه الأخطاء سيتم العمل عليها لتصحيحها.