لماذا يجب ان نعود للزراعة النظيفة الخالية من المبيدات ؟
بعد ان استخدم العالم المبيدات والمواد الكيميائية لسنوات طويلة ليحمى بها محاصيله فى الحقول والمخازن من الافات والامراض بل استخدام كثيف ومفرط لهذه المبيدات فبدات اثارها السيئة فى الظهور متمثلة فى انتشار امراض خطيرة مثل السرطان والفشل الكلوى والالتهاب الكبدى.
فلذلك انتبه العالم فى العقود الاخيرة الى مغبة الانزلاق فى هذه الهاوية وايقن الانسان ان هذه المبيدات لم تحل اى مشكلة وان استخدام هذه المواد شديدة السمية بالطرق المختلفة سواءا الرش بالطائرات والرش الكلى للبساتين ادى لاختلال التوازن البيولوجى بين الافات و اعدائها الحيوية حيث ادى ذلك لقتل الاعداء الحيوية التى كانت تقوم بعملية التوازن مع الافات الموجودة مثل طيور ابوقردان والهدهد التى كانت تتغذى على يرقات الديدان المختلفة فتساهم فى القضاء عليها.
كما اظهرت الدراسات ان الاسراف فى استخدام المبيدات الكيميائية ادى لظهور افات جديدة لم تكن معروفة قبل ذلك مثل العنكبـوت الاحمـر والذى ظهر كأفة جديدة فى ستينيات القرن الماضى نتيجة استخدام بعض المبيدات لمكافحة ديدان اللوز فى القطن فقتلت الافة وكذلك الاعداء الحيوية فاختل التوازن وظهر العنكبوت الاحمر كأفة خطيرة على كثير من المحاصيل سواءا المحاصيل الحقلية او محاصيل الخضر و الفاكهة.
ومن جهة اخرى نجد ان تضررالارض والبيئة هو الاخطر حيث تضررا من جميع النواحى مع اننا يجب ان نحافظ على البيئة تبعا للمقولة الافريقية الشهيرة :
” اننا لم نرث البيئة من ابائنا واجدادنا ولكننا استعرناها من ابنائنا واحفادنا” حيث ان البيئة من اهم الموارد الطبيعية التى يجب المحافظة عليها للاجيال القادمة.
كما ادى الافراط فى استعمال المبيدات والأسمدة لخفض خصوبة التربة الزراعية وزيادة ملوحتها، مما يجعلها دائما فى حاجة الى كميات أكبر من الماء لخفض نسبة الاملاح بها, ومن ناحية أخرى اصبحت التربة مشبعة بملوثات ثقيلة يصعب التخلص منها نتيجة الاستعمال العشوائى والمكثف للأسمدة والمبيدات.
ونتيجة الأبحاث المختلفة التى اجريت فى مناطق مختلفة من العالم بعد الانتشار الغريب للامراض المختلفة وجد بقايا من المبيدات بنسبة عالية عن المسموح بهافى عينات مختلفة من الغذاء وتوجد معلومات قليلة عن تأثير هذه المواد على المدى الطويل والسمية التى تسببها اذا تم خلط أكثر من مبيد واحد سويا.
أخطر التأثيرات السلبية للمبيدات على صجة الإنسان:
- تقوم المبيدات بتحطيم قدرة الخلية على الانقسام الطبيعي في الإنسان وبالتالي حدوث تغيرات في الجينات التي تحمل الصفات الوراثية وبالتالي ظهور صفات جديدة في الأجيال (طفرات) اوتحول الخلايا لاورام خبيثة (سرطانية) أو تقتل الخلية مباشرة.
- يؤدى تراكم المبيدات في الأنسجة والمناطق الدهنية والتي تمثل 18٪ من وزن الجسم لتسرب المبيدات إلى كل خلايا الجسم (حيث أن الدهون أحد مكونات أغشية الخلية) وبالتالي تؤثر المبيدات على عملية الأكسدة وإنتاج الطاقة وهما من أكثر الوظائف الحيوية داخل الخلية ولذلك إذا تأثرت أحدهما تتوقف الحياة ويرجع ذلك لتأثير المبيدات على الإنزيمات التي تقوم بهذه العمليات.يؤدى
- نتيجة تراكم المبيدات بالكبد فتؤدى إلى إتلافه وتقلل قدرته على القيام بوظائفه وبالتالي انتشرت أمراض الالتهاب الكبدي وتليف الكبد ثم الفشل الكبدي.
- تلعب المبيدات (جميع المبيدات الهيدروكربونية الكلورونية) دورا هاما في التأثير على الجهاز العصبي مباشرة وخاصة المخيخ وقشرة المخ فتؤدى إلى حدوث ثقل وﺁلام في الأطراف والإحساس بالإجهاد العضلي والتوتر العصبي وكذلك الشعور بالأرق والاضطراب الحاد والتشنجات كما قد تؤدى بعض المبيدات الأكثر سمية إلى فقد الذاكرة والأرق والكوابيس عند النوم.
- كما أظهرت الكثير من الدراسات العلمية أن هناك علاقة وطيدة بين استخدام المبيدات وبين التشوهات التي تحدث للأطفال عند الولادة فالمبيدات شريكة للإشعاع في تأثيرها.
- كما أدى التوسع في استخدام المبيدات بصورة مكثفة في الأغراض الزراعية والصحية إلى تلوث المسطحات المائية بالمبيدات إما مباشرة عن طريق إلقائها في المياه أو بطريق غير مباشر مع مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي التي تصب بهذه المسطحات وقد تصل هذه المبيدات مع العمليات الزراعية إلى المياه الجوفية .
كما ادت طرق الزراعة الحالية للعديد من الاضرار منها :
- تدهور تركيب التربة
- تدهور البيئة الطبيعية والمسطحات الطبيعية
- اضرار صحية للانسان نتيجة التراجع فى جودة الغذاء.
ومن اجل ذلك فقد بدء التفكير فى العودة الى نظم الزراعة النظيفة فى منتصف الثمانينيات عندما استشعر الناس الأضرار المختلفة الناجمة من سوء استخدام الأسمده الكيماوية والمبيدات الزراعية على البيئة والصحة العامة وصلاحية الغذاء للاستهلاك الأدمى .
وهناك عمل عالمي للمحافظة على الكون ومهمة مطلوبة للمحافظة على المجتمع العالمي لذلك فان العديد من المنظمات العالمية اجتمعت واتفقت على المحافظة على سلامة الغذاء والسلامة الصحية للمجتمع والحماية للبيئة العالمية ونتيجة للموافقة العالمية للمحافظة على البيئة فان معظم دول العالم وافقت على تحريم استخدام المبيدات الحشرية الخطيرة او الحد منها مثل “DDT”
وقد بدات منظمة حماية للبيئة الأمريكية مثلا منذ عام 1970 م على تنظيف المناطق الماهولة بالسكان والعمل على تقليل استخدام المبيدات لحماية صحة المجتمع وحماية البيئة.
فى حين ان منظمة الاغذية والزراعة “الفاو”اصدرت ” الكود الدولي للسلوك فيما يتعلق بتوزيع و استخدام المبيدات ” وتم التصديق عليه فى 28 نوفمبر عام 1985م ثم تم تعديله لاحقاً فى نوفمبر 1989م ليتضمن شروطاً لإجراء موافقة مسبقة العلم بالمبيدات المستخدمة وهذا الكود الإختيارى كان واحد من أول المعايير الدولية الخاصة بالكيماويات ( المبيدات ) لحماية صحة الإنسان و البيئة و تم تطويره ” لتحقيق الثقة الدولية فيما يتعلق بإتاحة و تنظيم و تسويق و استخدام المبيدات لتحسين الزراعة و الصحة العامة و الراحة الشخصية ” و ذلك لأن الهدف هو وضع إطار عملي للتحكم في المبيدات لذا فقد قام الكود بتحديد و توضيح مسئوليات جميع الأطراف المعنيين (الحكومات و المنظمات الاهلية و الصناعة و عامة المجتمع ) المسئولين عن تطوير و توزيع و استخدام المبيدات .
ثم تلى ذلك توقيع اتفاقية روتردام فى سبتمبر 1998 حيث تم تنفيذها باسس اختيارية فى البداية الى ان تم تفعيلها بصورة اساسية ابتداء من 24 فبراير 2004 لتصبح قانونا دوليا وبذلك تكون ملزمة بالنسبة للدول الأعضاء فيها حيث اصبحت معنية باجراءات الموافقة المسبقة بشان المبيدات والكيماويات الخطرة فى التجارة الدولية وتشمل تلك المواد سلسلة من المبيدات السامة للغاية التي يجري تداولها في أسواق التجارة الدولية مثل الباراثيون والمونوكروتوفوس.
وقد ادى كل ذلك للبحث عن طرق واستراتيجيات زراعية جديدة صديقة للبيئة يتم فيها تقليل استخدام الاسمدة المخلقة والمبيدات السامة وذلك للحفاظ على التربة ووقف تدهورها والاهم من كل ذلك الحفاظ على صحة الانسان.
لذا فقد وجد الانسان انه لابد من استخدام طرق معالجة حيوية فى مكافحة الآفات والحشرات ومعالجة امراض النبات لتقليل الاضرار الصحية التى تنشا نتيجة المعالجة الكيماوية ممثلة فى المبيدات نظرا لسميتها الشديدة و الإفراط فى استعمالها فتزيد من انتشار الأمراض الخطيرة التى تصيب الانسان كما اوضحنا سابقا , كما بدا البحث عن طرق بديلة لتسميد الأراضى الزراعية بسماد عضوى يضمن سلامة المنتج الزراعى ويحافظ على خصوبة الأراضى وكذلك طرق مكافحة عضوية للآفات والأمراض لتكون طرق بديلة عن استعمال المبيدات وكذلك العودة لطرق المكافحة اليدوية لمكافحة الحشائش الضارة التى تنمو مصاحبة للمحاصيل المختلفة.
ومن اهم هذه الطرق الزراعة الحيوية التى تعتمد على الاسمدة العضوية والمخصبات الحيوية وطرق المكافحة الحيوية للافات و الزراعة النظيفة والزراعة العضوية التى تعتمد على الاسمدة العضوية والمخصبات الطبيعية وطرق المكافحة الحيوية للافات كحقيقة ناصعة لترد بكل قوة على النظام الزراعى الشائع الذى يقوم على استخدام الاسمدة المخلقة والكيماويات لانتاج غذاء الانسان. ومن اهم نظم الزراعة النظيفة المستخدمة الزراعة المستدامة Sustainable Agriculture, الزراعة البيوديناميكية Biodynamic Agriculture, الزراعة المتكاملةIntegrated Agriculture, الزراعة النظيفةCleaning Agriculture , الزراعة العضويةOrganic Agriculture وكلها تهدف لانتاج غذاء صحى وامن للانسان ويحافظ على البيئة للاجيال القادمة وسنستكمل الحديث فى المقالات التالية عن انواع النظم الزراعية المختلفة بالتفصيل واهم الطرق المختلفة للزراعة النظيفة .