الصمت هو حالة عدم إصدار أصوات أو كلام، ويعبر عن غياب الصوت أو الحديث. وهو نوع من أنواع التعبير غير اللفظي، يمكن أن يعبر عن مشاعر وأفكار عميقة، مثل الهدوء، الحزن، الحكمة، أو الاحترام، ويُعتبر وسيلة للتواصل غير اللفظي تُفهم من خلال السياق والظروف. أى أن الصمت هو عدم الكلام أو إصدار الصوت، ولكنه يحمل معانٍ ودلالات يمكن فهمها وتفسيرها. أنهار وبحور ومحيطات تفصل بين هذا الصمت وشىء أخر يسمى السكوت، فجبال الصمت الشاهقة تختلف عن سهول السكوت المتغيرة. فروق كبيرة وخطيرة قد تلاحظها وتفهمها عند السير بتأنى فى دروب السكوت مع النظر بوعى وادراك الى جبال الصمت المرتفعة ذات الهيكل القوى المتماسك.
صوت “ص” فى الصمت يُعتبر من الأصوات الأقوى والأعلى مقارنة بصوت “س” فى السكوت، وذلك يعود إلى طبيعة كل من الحرفين وطريقة نطقهم. حرف “ص” يُعرف بحرف الصوت الانفجاري المفتوح، ويتميز بأنه صوت شديد الانطلاقة، حاد، ومُنفجر من الحلق مع ضغط الهواء، وله طابع قوي وواضح. حرف “س” هو من أصوات الهمس أو الهمس الجزئى، وهو صوت مستمر وناعم، وليس شديدًا أو حادًا مثل “ص”، ويُعتبر صوتًا أرق وأخف من “ص”. ويرجع هذا الفرق الى الاختلاف فى الطبيعة والطبقة الصوتية لكل حرف من هذه الحروف ناهينا عن وظيفته فى اللغة.
الصمت هو أسم مصدر، يعبر عن الحالة أو الوضع العام للهدوء وعدم الكلام، وهو وصف لحالة ثابتة أو دائمة غالبًا. أما السكوت فهو فعل (الماضي، المضارع، المصدر)، يعبر عن الامتناع عن الكلام بشكل مؤقت أو فعل يحدث في الزمن الفعلي. كما أن الصمت يراعى فيه الطول النسبي، فمن ضم شفتيه آنًا يكون ساكتًا، ولا يكون صامتًا إلا إذا طالت مدة الضم. وفى السكوت إمساك عن الكلام حقًّا كان أو باطلًا، أما الصمت فهو إمساك عن قول الباطل دون الحق. ومن حيث الجوهر فالصمت، يتولد من الأدب والحكمة، فى حين يتولد السكوت من الخوف. ونوجز بما جاء به الرَّاغِب الأَصْفَهَاني: الصمت أبلغ من السكوت؛ لأنَّه قد يستعمل فيما لا قوة له للنطق، وفيما له قوة النطق؛ ولهذا قيل لما لا نطق له: الصامت والمصمت، والسكوت يقال لما له نطق فيترك استعماله.
وفى صمت الكيمياء أو “الكيمياء الصامتة” العبرة والعظة، هذا الصمت الذى يعبر عن نوع من التفاعلات الكيميائية التى تحدث ببطء، أو بدون إصدار أصوات أو ملاحظات مباشرة، ولكنها تؤدي إلى تغييرات مهمة في المادة أو النظام. وبصفة عامة، ان الكيمياء الصامتة يمكن أن تعبر عن نوع من التفاعلات أو العلاقات غير الظاهرة، التي تحمل معانٍ وتأثيرات عميقة، وتُفهم من السياق أو من خلال النتائج التي تظهر لاحقًا. ومع الاقتراب المتأنى من صمت النباتات يترائى لنا تفاعلها مع محيطها بطريقة غير مرئية، عن طريق تغييرات في النمو، أو إصدار مواد كيميائية، أو استجابة للضوء واللمس، دون أن تصدر أصوات يمكن سماعها. حيث تتواصل وتستجيب النباتات بشكل فعال لمحيطها عبر إشارات كيميائية وهرمونات.
ومن الصمت التقليدى ننتقل وبهدوء حذر الى صمت الصمت. “اليس صمت الصمت هو كلام غير مسموع”، يُعبر عن أن الصمت ذاته يُمكن أن يُعد نوعًا من الكلام، ولكن كلام غير مسموع، بمعنى أن هناك رسائل أو معانٍ ضمنية يُمكن فهمها من خلال الصمت، حتى لو لم يُقال بكلام منطوق. “أو أنه حديث غير مسموع ولكنه مفهوم ومقروء، ” يقصد به أن هناك حديثًا أو رسالة غير مسموعة، لكنها واضحة، يمكن قراءتها وفهمها، كما يُقرأ النص المكتوب، بمعنى أن الصمت يحمل دلالات ومعاني يُستطيع المتلقي فهمها. حيث يُقال أحيانًا إن الصمت أبلغ من الكلام، لأنه ينقل الكثير بدون أن يُلفظ شيء.
ومع صمت الكيمياء والنبات وأمام حكمة وأدب الصمت، ومع رقى صمت الصمت و ما يُفهم من خلال السياق نسوق ما يلى:-
لا صوت يُسمع، إلاّ همسٌ خفيٌّ،
في صمت الصمت، يَنسجُ حُبٌّ مُخفيٌّ.
كأنّ الكونُ قد تَوقّفَ عن النبضِ،
والأرواحُ تَغْنى بِصوتٍ غيرِ مسموعِ.
أوراقٌ جافةٌ، تَسقطُ في سكونٍ،
صمتٌ مُطمئنٌّ، يَملأُ الفضاءَ دونِ صوتٍ.
والعالمُ كلهُ، يَخْفي في صمتِهِ،
أسراراً لا تُحْكَى، ولا تَصِفُها الكلمةُ.