سيقوم فريقان من العلماء بنشر المسودات الأولى للبروتيوم, (البروتيوم هو عبارة عن موسوعة تضم مختلف البروتينات التي ينتجها جسم الإنسان), ويعتبر المشروع بحد ذاته إنجازاً كبيراً, ولمعرفة أهمية هذا الانجاز سنلقي نظرة على بعض الأرقام التي توصل إليها أحد الفريقين.
قام العلماء في هذا الفريق بالبحث عن البروتينات الموجودة في كامل الجسم الإنساني، حيث تضمن بحثهم 17 عضو من أعضاء الجسم, بما في ذلك القشرة الأمامية للدماغ، وشبكية العين ، والمبايض، والخصيتين, وأعضاء أخرى, إضافةً إلى أنهم قاموا بإجراء تحليلات لستة أنواع خلايا موجودة في الدم, وسبع عينات مأخوذة من أعضاء لأجنّة بشرية, وهذه العينات جميعها مأخوذة من تسعة أشخاص.
الفريق الأول الذي يتكون من علماء ينتمون إلى ست دول مختلفة, حدد بروتينات تصنعها 17،294مورثة, ومن ضمن هذه المورثات تم تحديد 2،535 مورثة تصنع بروتينات لم يتم اكتشافها من قبل, و193 مورثة لم يكن من المتوقع أن تكون مورثات صانعة للبروتينات مسبقاً, والجدير بالذكر أن الدول التي أتى منها هؤلاء العلماء هي: الولايات المتحدة والهند وكندا وتشيلي والمملكة المتحدة وهونغ كونغ.
أما الفريق الثاني والذي يتكون من 22 عالم من معاهد مختلفة من ألمانيا, توصلوا إلى نتائج مشابهة, إلا أنها ليست متطابقة مع ما توصل إليه الفريق الأول, حيث أن الفريق الألماني وجد 18،097 مورثة تنتج 86،771 بروتيناً مختلفاً.
تعود أهمية البروتينات إلى أنها تعتبر المنفّذات في جسم الإنسان, حيث أنها تقوم بعمليات البناء, والهدم, والنقل، كما أن البروتينات هي المنتَج الأساسي للـ(DNA)، فضلاً عن أن جميع المورثات التي يحتويها الجسم صممت لتصنع بروتينات, فعندما يصاب أحد ما بمرض وراثي, فسيكون لديه مشكلة ما في أحد البروتينات, أو في عدد منها.
بعد أن قام العلماء بقراءة كامل خريطة الـ (DNA) الموجودة في جسم الإنسان لأول مرة في عام 2001, كانت الخطوة التالية بالنسبة لهم هي معرفة جميع البروتينات التي يصنعها الحمض النووي, وقد عمل بالفعل الكثير من الفرق العلمية لتحقيق هذا الهدف, وتلك الفرق التي لم تقوم بنشر مسوداتها الأولية للبروتيوم, ستستمر بالتأكيد بإجراء أبحاثها وتحاول أرشفة بروتيوم أكثر كمالاً, وتحاول إيجاد الأخطاء في البروتيوم الحالي.
إحدى أكثر الاكتشافات إثارةً للاهتمام بالدراسة الحالية، هي البروتينات التي تُصنع من قِبَل 193 مورثة, والتي لم يكن العلماء يتوقعون سابقاً أنها مورثات, حيث توجد في منطقة كان يعتبرها العلماء منطقة غير مرمزة من مورثات الإنسان، فقبل سنوات من أن يتمكن أحد من أرشفة البروتينات في جسم الإنسان, قام العلماء بوضع نماذج رياضية للتنبؤ بسلاسل الـ (DNA) التي تعطي التعليمات لتصنيع البروتينات, فليست جميع أقسام الحمض النووي معدّة لترميز البروتين, حيث أن المورثات غير المرمزة للبروتين يمكن أن تعتبر منظمة له أو قد تكون جزيئات لا جدوى لها بقيت من أيام التطور (ما زال الجدل مستمراً حول فائدة المورثات غير المرمزة)، ولكن اكتشافهم لتلك 193 مورثة الموجودة في المنطقة التي تعتبر غير مرمزة من المورثات أظهر أن النموذج الذي وضعه العلماء للتنبؤ بالأجزاء المرمزة من المورثات ليس مثالياً, ولذلك يعد ما أنتجته هذه الدراسة الحديثة فرصة مواتية لمعرفة الأخطاء في هذا المجال.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن نتائج الفريقين ستنشر على اثنين من قواعد البيانات على الانترنت،Human Proteome) (Mapو( ProteomicsDB), كما أنهم قاموا بنشر تقرير عن عملهم في مجلة (Nature).