تعتبر الإسفنجيات من أقدم الحيوانات التي عاشت على الأرض فأقدم الحفريات المكتشفة في تلك الشعبة يعود تاريخ اكتشافها لأكثر من 550 مليون سنة في أوائل العصر الكامبري. تعتبر الإسفنجيات أبسط الأنواع الموجودة في مملكة الحيوان ويستدل العلماء على ذلك من خلال العديد من الصفات الخارجية والداخلية على المستوى الماكروسكوبي أو الميكروسكوبي أيضاً. على سبيل المثال، سنجد بأن تلك الشعبة تضم أول المستويات لتكوين الأنسجة، فهي لا تحتوي على نسيج كامل كما في الشعب الأخرى ولكن لديها خلايا متقاربة من بعضها البعض تسمى choanocyte. وهي مسئولة بشكل أساسي عن أخذ الغذاء المصاحب لتيار الماء (البكتيريا أو فُتات الطحالب) وتوصيله لجميع الخلايا الأخرى وتنظيم تيار الماء بداخل الإسفنج. فكيف استطاعت تلك الشعبة أن تعيش كل تلك الفترة وتكيفت حتى في أقصى الظروف؟
اقرأ: سم العقرب وسيلة جديدة لـ”تلوين الأورام السرطانية”
الإسفنجيات
كان أرسطو من أوائل الفلاسفة الذين لاحظوا وجود الإسفنجيات. وكان تصنيفه لها على أنها نبات وليس حيوان لأنها تعيش طوال حياتها ككائنات جالسة لا تتحرك. لكن العلماء اليوم يصنفون الإسفنجيات على إنها ضمن مملكة الحيوان بالرغم من أنها لا تحتوي على أعضاء، وبالتالي لا تحتوي على أجهزة ولكنها تعتبر كائنات متعددة الخلايا – Multicellular ولديها الظهور الأولى لتكوين الأنسجة.
تضم الإسفنجيات بصفة رئيسية أكثر من 8000 نوع أغلبها يتكون في ثلاثة أشكال: Asconoid – Syconoid – Leuconoid ينقسموا في عدة طوائف لكن الأكثر إنتشاراً هما طائفتين – Classes رئيسيتين وهما: Demosponge وهي الطائفة الأكثر انتشارا وتمثل حوالي 83% من الأنواع الموجودة في الإسفنجيات. وتتميز بملمسها الناعم وليس لديها غشاء صلب لعدم وجود أملاح الكالسيوم التي ترسبها. على النقيض، طائفة Hexactinellida لديها ملمس صلب وشكل يشبه الزجاج نتيجة لتكوين أكاسيد السيليكون والتي تمثل دعامة للحيوان، وتعيش تلك الطائفة في أعماق البحار بين 200 : 1000 متر والأغلبية تعيش في تجمعات أو مستعمرات – Colony بالبحار والمحيطات وقلة منهم تكون في المياه العذبة.
تتغذي الإسفنجيات من خلال الفتحات الموجودة على سطحها “ostia” والتي تتصل بالداخل بغرف وقنوات مبطنة بخلايا تستقبل تيار الماء الموجود به الغذاء المتمثل في العوالق والبكتيريا، وتدفع باقي الماء إلى الخارج من خلال تلك الفتحات. فهي تعتبر الوسيلة الوحيدة الموجودة التي تستطيع من خلالها الإسفنجيات الحصول على الغذاء. وكلما كان نوع الأسفنج أكثر تطوراً كان شكل الممرات الموجودة والقنوات بداخله أكثر تعقيداً وبرزت فيه خصائص أخرى.
لدى الإسفنجيات خلايا مخصصة “Sclerocytes” مفرزة للشوكيات – Spicules والتي تمثل دعامة للإسفنج طوال فترة حياته. وفي بعض الأحيان توجد بعض الأنواع تمتلك خلايا أخرى تشبه خلايا العضلات لدى الحيوانات عموماً. تلك الخلايا “Myocytes” تتحكم تيار الماء الداخل من خلال الفتحات الموجودة على سطح الإسفنج.
طرق تكاثر متنوعة
تمتلك الإسفنجيات طرق متنوعة للتكاثر وبالتالي أعطاها أفضلية في البقاء حتى الآن بين جميع الكائنات. فهي تستطيع أن تتكاثر تكاثر لا جنسي بالتبرعم أو من خلال “Gemmule formation”. وهي عبارة عن تكوين برعم صغير خارجي ينمو ثم ينفصل عن الإسفنج الأصلي ليتكاثر هو مرة أخرى. وبالمثل في الظروف القاسية، يتكاثر بنفس الطريقة لكن ينمو البرعم داخلياً ويتم تغذيته بواسطة خلايا داخل الإسفنج تسمى Amoebocyte. ويكون البرعم في تلك الحالة محاط بغشاء يحميه من ظروف الجفاف أو التجمد حتى تصبح الظروف ملائمة مرة أخرى يخرج البرعم ويتكاثر هو مرة أخرى.
أيضاً، يستطيع الأسفنج التكاثر جنسياً من خلال خلايا ال Amoebochyte التي تقوم بصنع االأمشاج وتطلقها خارج الإسفنج وعندما تدخل في إسفنج آخر تقوم بتلقيحه. ويتكون الزيجوت لينمو حتى يبلغ مرحلة معينه تسمى larvae وتكون قادرة على مغادرة الإسفنج بواسطة الأسواط – flagella وهي تشبه الذيل وتستخدمها في الحركة. حتى تستقر في مكان وتنمو مكونه إسفنج جديد.
لدى الإسفنجيات نوع من التكاثر موجود في أغلب الحيوانات البدائية وهو التكاثر بالتجدد – regeneration وهو ببساطة إن تم قطع جزء من الإسنفج يستطيع أن ينمو بمفرده مكوناً فرداً جديداً مشابهة تماماً للأم. تلك الأنواع الثلاث من التكاثر مكنت الإسفنج للتكيف سريعاً في مختلف الظروف.
اقرأ: صور مذهلة للدماغ ينشرها العلماء لأول مرة
علاقات مع الأنواع الأخرى
تمتلك الإسفنجيات علاقات تكافلية – Symbiotic مع العديد من الأنواع من البكتيريا والميكروبات. وهي ببساطة علاقة قائمة على تبادل المنفعة بينهما. والمدهش أن تلك الكائنات من الممكن أن تصل إلى 35% من كتلة الإسفنج. وفي الواقع، تلك العلاقة تقوم في الأساس على حماية الإسفنج من جانب الميكروبات الموجودة التي تفرز مواد كيميائية مخصصة للحيوانت المفترسة التي تهاجم الإسفنج. لذلك، يعتبر الإسفنج مصدر لاستخراج المضادات الحيوية المختلفة.
من ناحية أخرى، لدى الإسفنجيات مركبات لديها خصائص مضادة للسرطان والبكتيريا والفطريات تسمى “oxylipins ” ونتيجة لذلك تم استخراج منها بعض المواد التي أظهرت إمكانيه محاربة الخلايا السرطانية الموجودة بالغدد الليمفاوية. بالإضافة للعديد من المركبات الأخرى التي لازالت قيد الدراسة لتلك الشعبة.
اقرأ: تصميم تقنية تساعد الحيوانات على “الكلام”
مصادر:
Higgins, Laura A. “Porifera .” Animal Sciences. . Encyclopedia.com. 22 Sep. 2021 <https://www.encyclopedia.com>.
Barnes, Robert D. Invertebrate Zoology, 5th ed. Philadelphia, PA: Saunders College Publishing, 1987.
Review article “Global Diversity of Sponges (Porifera)”
Imhoff JF, Stöhr R (2003). “Sponge-Associated Bacteria”. In Müller WE (ed.). Sponges (Porifera): Porifera. Springer. pp. 43–44. ISBN 978-3-540-00968-9.