تخطط شركة كندية باسم (Thoth Technology) لبدء مهمة على كوكب المريخ تدعى باسم (Northern Light)، وتتضمن المهمة إنزال روبوتين أرضيين صغيرين تمت تسميتها باسم (Beaver) أي القندس، على سطح الكوكب الأحمر (المريخ) في أواخر عام 2018، والشركة تسعى للحصول على تمويل الجمهور للقيام بهذا التعهد الضخم.
تتضمن مهمة (Northern Light) البحث عن وجود علامات لغازات بيولوجية، مثل غاز الميثان، كون وجود آثار لهذه الغازات يدل على أنها قادمة من مصادر بيولوجية، كما أن مركبة (Beaver) ستكون قادرة كسر الصخور، لمعرفة البيئة تشكلت ضمنها هذه الصخور، وعلى الرغم من أن موقع الهبوط لم يتم تحديده بعد، إلا أنه من المرجح أن يتم الهبوط بمكان قريب من خط الاستواء، للحصول على أكبر كمية ممكنة من أشعة الشمس.
إن التحدي الرئيسي للمهمة يتمثل بالحصول على التمويل الكافي لها، فعلى الرغم من أنه لم يتم الكشف عن التكلفة الكاملة للمشروع علناً، إلا أنه من المتوقع أن تصل تكاليف التطوير إلى مبلغ 980.000$، وستكون المهمة بحاجة للمزيد من المال لشراء مركبة لوضعها على متن الصاروخ، الذي من المقرر إطلاقه من منصة التلسكوب الذي تملكه شركة (Thoth) والمسمى بمرصد ألغونكوين (Algonquin Radio Observatory) والذي سيكون بمثابة حلقة الوصل ما بين المريخ والأرض.
حملة المهمة التي تم نشرها على موقع تمويل العامة (Indiegogo) قد جمعت ما لايزيد عن مبلغ 5320$، ومن المقرر إغلاق حملة التمويل بتاريخ 3 يناير/كانون الثاني المقبل، وتأمل (كارولين روبرتس)، الرئيس التنفيذي لشركة (Thoth Technology)، أن تنجح حملة الشركة لجمع التمويل ، كما أنها تفضل عدم التكهن بمصير المشروع، في حال لم يصل مبلغ التمويل الجماعي للمشروع إلى حوالي 870.000$.
إن وزن مركبة الهبوط ومركبة الاستكشاف والأدوات لن يتجاوز الـ 75 كجم، وهذا الوزن أقل من وزن مركبة ناسا (Sojourner/Pathfinder) بـ70%، علماً أن هذه الأخيرة كانت أول مهمة متنقلة ترسلها ناسا لاستكشاف الكوكب الأحمر في عام 1997، أما بالنسبة للروبوت الصغير (Beaver) فإنه أخف وزناً وأكثر ذكاء من مركبة الاستكشاف (Pathfinder) حيث يزن حوال 6 كجم،كما أنه يعمل بشكل مستقل تماماً، ومن المخطط أن يقضي مهمته على سطح المريخ لمدة لا تتجاوز الـ90 يوماً، كما أن مركبة (Beaver) سيتم تجهيزها بأجهزة استشعار مصغّرة لجمع المعلومات عن الثقوب والعقبات التي تعترض طريق المركبة، وتقوم المركبة بإدخال المعلومات في نظام خوارزميات مصمم خصيصاً للمركبة، يستخدم معادلات الاحتمالات لمعرفة أين يجب أن تتوجه المركبة، ففي كل نقطة تخطوها المركبة، يتم اتخاذ القرار من قبل الخوازمية لتوجيه الخطوة التي تليها، سواء أكانت هذه الخطوة هي التقدم إلى الأمام، أو الالتفات يميناً أو يساراً بسرعة أو ببطء.
يشير (مارك بوست)، من جامعة ستراثكلايد في المملكة المتحدة والمسؤول عن مركبة (Beaver)، بأن وجود خوارزمية ذاتية تعمل بشكل مستقل في المركبة، هو أمر ضروري للمهمة، كون المهمة تعمل بمحطة توجيه أرضية واحدة فقط، وبالتالي فإن المحطة الأرضية ستكون قادرة على الاتصال مع المركبة لمدة 8 ساعات يومياً فقط لإعطاء التوجيهات، ولكن بوجود آلية التوجيه الذاتي فإن مركبة (Beaver) ستكون قادرة على متابعة الاستكشاف كلما كان لديها الطاقة الكافية والتي تجمعها من الطاقة الشمسية، وإن اتباع هذا النهج، سيجعل المركبة قادرة على التجوال لمسافة تصل إلى 1 كم يومياً، هذه المسافة لن تستطيع المركبة قطعها في حال كانت تنتظر الأوامر الأرضية.
على الرغم من أن قوة وتطور مركبة (Beaver) لا يمكن مقارنتها بمركبة ناسا (Curiosity) التي تقوم باستكشاف الكوكب الأحمر، إلا أنه حسب تعبير (روبرتس) فإن الهدف من المهمة هو جعل كوكب المريخ موطأ للقدم، كونه يوجد عدد قليل جداً من البعثات المتجهة نحو الكوكب الأحمر، فضلاً عن أن البعثات المصغّرة يمكنها استكشاف الكوكب بسرعة أكبر.
تستخدم البعثة بعض التكنولوجيات المهمة التي تم استخدامها مسبقاً في المهمات الفضائية، ومن الأمثلة البارزة عن هذه التكنولوجيات مطياف الأشعة تحت الحمراء (Argus)، والذي سيتم استخدامه في البعثة لقياس الغازات في الغلاف الجوي، وهذا المطياف تم استخدامه مسبقاً في مهمة الفضاء الكندية (CanX) وفي مهمة الفضاء الهندية (SRMSat) وكلا المهمتين كان الهدف منهما قياس الغازات المسببة للاحتباس الحراري على كوكب الأرض.
أخيراً، فإن موقع الهبوط على سطح الكوكب سيتم تحديده من قبل جمهور موقع التمويل الشعبي (Indiegogo)، وبغض النظر عن الموقع الذي سيتم تحديده، فإن البعثة ستهبط على سطح المريخ عن طريق مظلة هبوط، وستهبط فوق وسائد هوائية مجهزة قبل الهبوط، قادرة على استيعاب قوة صدمة المركبة على سطح الكوكب.