يقدر عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على مياه صالحة للشرب حوالي 2.1 مليار شخصا نظرًا للأنظمة البيئية الملوثة التي يعيشون فيها والتي تؤثر على كمية ونوعية (جودة) المياه المتاحة الصالحة للاستخدام البشري. كما ويقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تعاني من ندرة في مصادر المياه حوالي 1,9 مليار شخصا. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 3 مليارات بحلول عام 2050م.
أما عدد الأشخاص الذين يحصلون على مياه شرب ” غير صالحة” من مصادر غير موثوق بها فيقدر عددهم بـ 1,8 مليار شخصا، الأمر الذي يعرض حياتهم لخطر التعرض والاصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه.
تعتبر منطقة الشرط الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق التي تعاني من ندرة المياه في العالم حيث لا يحصل أكثر من 60% من السكان على مياه صالحة للشرب. كما أن أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرض لأزمة مياه كبيرة جدًا، لاسيما أن ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) ترجع لعدد من لأسباب المختلفة منها التغيرات المناخية والتي تسبب الجفاف في بعض المناطق، والفيضانات وما ينتج عنه من انخفاض في جودة المياه وادارتها. كما أن الأوضاع السياسية من حروب ونزاعات حول المياه مشكلةً قائمةً بذاتها.
الأمر الذي دفع العديد من الخبراء في المنتدي الاقتصادي العالمي (World Economic Forum) لتصريح أن أزمة المياه وشحها ” هي أكبر تهديد للمنطقة- أكبر حتى من مشكلة عدم الاستقرار السياسي ومشكلة البطالة”
حيث يعزى السبب في أزمة المياه في المنطقة وقلة جودة المياه لعدم استخدام أسلوب مستدام للمياه و عدم معالجة مياه الصرف الصحي. حيث تقدر تكلفة معالجة مياه الصرف الصحي حوالي 2,5-0,5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا. وبناءً على ذلك، فإنه من المتوقع حدوث تفاقم في عدد المصابين بالأمراض المنقولة عبر المياه. إلى جانب خطر تلوث المياه العذبة الطبيعية (الصالحة للشرب) والازمة للنظام الحيوي وتأثير ذلك على الثروة السمكية.
وفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (The International Union for Conservation of Nature) فإن 17% من المياه العذبة في المنطقة معرضة لخطر الشح والنفاذ!
كما وتفيد التقارير العالمية بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لديها أعلى معدلات شح في نسبة المياه العذبة حيث أن كل شخص في هذه المنطقة يستهلك من 80-177 مترًا مكعبًا من المياه العذبة سنويًا. ومن جهةٍ أخرى فإن دول هذه المنطقة لا تعمل على تجميع نصف المياه الصرف الصحي المنتجة بطريقة سليمة، حيث أن أكثر من 57% من المياه العادمة لا يتم معالجتها واعادة استخدامها في مجالات أخرى، الأمر الذي يقود لحدوث لمشاكل صحيةٍ خطيرة و معدلات عالية من الاستخدام الغير سليم لموارد المياه.
و من جهة أخرى، فإن التغيرات المناخية التي تتعرض لها المنطقة تعتبر احدى العوامل الرئيسية لأزمة المياه الحاصلة حيث أن انخفاض معدلات هبوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة تؤثر على معدلات العرض والطلب على المياه وارتفاع منسوب سطح البحر الذي قد يؤدي لحدوث كوارث طبيعية مثل الفياضات.
كما ويتوقع العلماء في السنوات القادمة، أن تشهد كلا من العراق ولبنان والأردن والمغرب وسوريا من نقصٍ حاد في المياه السطحية. كما وقدر البنك الدولي في عام 2016 أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستخسر 6-14% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجةً لندرة المياه الناتجة من التغيرات المناخية بحلول عام 2050م.
الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك إدارة مالية مخططة بدقة لحل مشاكل المياه نحو تبني حلول مستدامة واقتراح حلول وخدمات للمياه ذات تكلفة متاحة لكل من الحكومات والمستهلكين. علاوة على أهمية إدارة المياه في كونها ستعمل على خفض التكاليف الاجمالية وزيادة الاستقرار الناتجة من حدوث الكوارث الطبيعية وشح المياه عبر تقليل الاضطربات الاجتماعية والسياسية.
أما عن الحلول لمشاكل المتعلقة بمصادر المياه فتكمن في ايجاد طرق مستدامة تعمل على تحقيق أهداف ثلاثة رئيسية من خلال:-
1- زيادة مصادر المياه وتوافرها.
2- تحسين جودة المياه.
3- ادارة المخاطر.
ويعتبر مجلس المياه العالمي (World Water Council) هو أحد المساهمين الرئيسين في إيجاد حلول لمشاكل المتعلقة بالمياه وهي منظمة دولية تقود العديد من الاجتماعات والمنتديات المختصة بالمياه كل ثلاث سنوات. حيث في 18 حتى 23 مارس/2018 عملت المنظمة على تنظيم منتدى العالمي الثامن في البرزايل والذي هدف لصناعة قرار فيما يختص بأزمة المياه وتحقيق ادارة مستدامة للموارد.
كما وتشجع مؤسسة ” الجواب في الطبيعة-The Answer is in Nature ” على إيجاد طرق مستدامة والحد من الأضرار الناجمة من التغيرات المناخية وتحسين صحة الانسان من خلال زراعة الأشجار وتجديد الغابات وربط الأنهار بالسهول واستعادة الأراضي الخصبة.
من الجدير بذكره أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة سيعمل على القضاء على الفقر والمجاعات، زيادة فرص العمل، زيادة مصادرة الطاقة النظيفة، وتأثيرها المباشر على القطاع الصناعي والبنية التحتية والاهتمام بالانتاج والاستهلاك وصولًا لمجتمعات مستدامة.