يعتبر سرطان الثدي الذكري من الأمراض النادرة، فأقل من 1% من جميع حالات إصابات سرطانات الثدي تحدث لدى الرجال، حيث أن خطر تشخيص إصابة الرجل بمرض سرطان الثدي هو حوالي 1 في 1000.
قد يفكر بعض الأشخاص بأن الرجال لا يمتلكون ثديين، فكيف يمكن لهم أن يصابوا بسرطان الثدي؟ والحقيقة هي أن جميع الأشخاص سواء أكانوا من الصبية أو البنات أو الرجال أو النساء يمتلكون أنسجة صدرية، وما يختلف فعلاً هي الهرمونات، فالهرمونات المختلفة في أجسام الفتيات والنساء هي ما يحفز أنسجة الثدين لتنمو وتصبح بالحجم الكامل للثدي، في حين أن أجسام الصبية والرجال لا تصنع الكثير من الهرمونات المحفزة لنمو الثدي، ونتيجة لذلك، فإن الأنسجة الصدرية عادة ما تبقى مسطحة وصغيرة، ومع ذلك، قد يكون معظمنا قد صادف صبية ورجال يمتلكون لأثداء متوسطة الحجم أو كبيرة حتى، إلّا أن هذه الأثداء عادة ما تكون مجرد أكوام من الدهون، ولكن في بعض الأحيان يمكن للرجال أن يطوروا أنسجة غدد صدرية حقيقية نتجة لتناولهم بعض الأدوية أو نتيجة لإفراز أجسامهم لمستويات هرمونية غير طبيعية.
على اعتبار أن سرطان الثدي عند الرجال يعتبر من الحالات النادرة الحدوث، فإن هناك عدد قليل من الحالات المتوفرة ليتم دراستها، فمعظم الدراسات التي يتم إجراؤها على الرجال المصابين بسرطان الثدي تكون صغيرة جداً، ولكن عندما يتم جميع هذا العدد الصغير الدراسات معاً، يصبح بالإمكان تعلم الكثير.
تقنية ذكية تحذر الطبيب قبل 30 يوما من وفاة مرضى القلب
أولاً: العوامل المسببة لسرطان الثدي لدى الذكري
من المهم أن نفهم عوامل الخطر التي يمكن أن تسبب سرطان الثدي لدى الرجال، وخاصة لأن الرجال لا يقومون بإجراء فحوصات دورية لهذا المرض ولا يفكرون في احتمال إصابتهم به، ونتيجة لذلك، عادة ما يكون سرطان الثدي لديهم أكثر تقدماً منه عند النساء عندما يتم الكشف عنه لأول مرة.
هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر إصابة الرجل بسرطان الثدي:
- الشيخوخة:
يعتبر هذا السبب من أهم العوامل، فتماماً كما هو الحال بالنسبة للنساء، فإن خطر إصابة الرجال بسرطان الثدي يزداد مع ازدياد العمر، ومتوسط العمر الذي يتم فيه تشخيص مرض سرطان الثدي عند الرجال هو حوالي 68.
- ارتفاع مستويات هرمون الاستروجين:
نمو خلايا الثدي – سواء بشكل طبيعي أو غير طبيعي – يتم تحفيزه من خلال زيادة ارتفاع مستوى هرمون الاستروجين، وذلك قد يكون نتيجة لتناول أدوية هرمونية، أو زيادة الوزن، أو تناول اللحوم المشبعة بهرمون الأستروجين، أو تناول الكثير من الكحول، أو الإصابة بأمراض الكبد.
- الإصابة بمتلازمة كلاينفلتر:
إن الرجال الذين يعانون من متلازمة كلاينفلتر يكون لديهم مستويات أقل من هرمون الأندروجين (هرمون الذكورة)، ومستويات أعلى من هرمون الاستروجين (الهرمون الأنثوي)، لذلك، يكون لديهم خطر أعلى لتطوير حالة التثدي (نمو أنسجة الثدي غير السرطانية) وسرطان الثدي.
- التاريخ العائلي الطويل من سرطان الثدي أو التغيرات الجينية:
التاريخ العائلي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال، وخاصة إذا كان رجال آخرون في الأسرة قد أصيبوا بسرطان الثدي، ويكون الخطر أعلى إذا ما كان هناك شذوذ جيني مثبت لسرطان الثدي في الأسرة، فالرجال الذين يرثون مورثة (BRCA1) أو (BRCA2) غير طبيعية، يكونون في خطر أكبر للإصابة بسرطان الثدي الذكوري.
- التعرض للإشعاع:
إن التعرض للعلاج بالإشعة في الصدر قبل سن الـ30، وخاصة خلال مرحلة المراهقة، قد يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي.
ثانياً: أعراض سرطان الثدي الذكري
وجدت إحدى الدراسات بأن نسبة سرطان الثدي لدى الرجال آخذة في الارتفاع، فقد كان هناك زيادة وصلة إلى نسبة 25% على مدى الـ25 عاماً من عام 1973 إلى عام 1988، ولكن مع ذلك فإن هذا الحالة لا تزال نادرة، وما يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الارتفاع الذي ذكرته وسائل الإعلام يشير إلى أن هذا المرض النادر أصبح أكثر شيوعاً، أو فيما إذا كان الرجال قد أصبحوا أكثر وعياً لأعراض هذا المرض، مما أدى إلى زيادة معدلات تشخيصه.
وهنا بعض العلامات التي يمكن أن تشير لوجود هذا المرض:
- رؤية كتلة في الثدي
- الشعور بألم في الحلمة
- تراجع الحلمة
- إفرازات من حلمة الثدي
- قروح على الحلمة ووجود هالة حولها (حلقة صغيرة من لون مغاير حول مركز الحلمة)
- تضخم الغدد الليمفاوية تحت الذراع
الجدير بالذكر أن تضخم كلا الثديين (وليس جانب واحد فقط) لا يكون في العادة بسبب السرطان، وإن المصطلح الطبي لهذه الحالة هو التثدي.
ثالثاً: تشخيص سرطان الثدي الذكري
- الماموجرام:
الماموجرام هو عبارة عن صورة بالأشعة السينية للثدي، حيث يتم أخذ صورتين للثدي بعد ضغطهما بين لوحين من الزجاج، ويتم أخذ صورة من الأعلى وأخرى من الجانب، وبعدها يقوم طبيب الأشعة بإلقاء نظرة على الصور وتحديد ما إذا كان هناك أي شيء غير طبيعي.
- الموجات فوق الصوتية:
تقوم هذه العملية على إرسال موجات فوق صوتية عالية التردد خلال الثدي وتحويلها إلى صور على شاشة العرض، وهذه الطريقة تعتبر فحص مكمل لاختبارات أخرى.
- فحص إفرازات الحلمة:
إذا كان هناك إفرازات من الحلمة، عندها يمكن جمع بعض تلك السوائل وفحصها تحت المجهر لمعرفة ما إذا كان هناك وجود لأي خلايا سرطانية.
- الخزعة:
تعتبر الخزعة أمراً ضرورياً للتمييز بين الأنسجة الطبيعية والأنسجة السرطانية، وإذا كان هناك سرطان بالفعل، فإن الخزعة يمكن أن تساعد الطبيب في تحديد نوع سرطان الثدي، ويتم أخذ الخزعة إما عن طريق:
- سحب العينة بإبرة دقيقة: وهذه الطريقة تستخدم مع الأورام الواضحة، وخلال هذا الإجراء يقوم الطبيب بأخذ العينة بواسطة إبرة رقيقة مجوفة، وهذا الإجراء لا يتطلب جراحة ويمكن القيام به في عيادة الطبيب.
- سحب عينة أساسية باستخدام الإبرة: وخلال هذا الإجراء يقوم الطبيب بأخذ أكثر من عينة للورم، وتختلف هذه الطريقة عن سابقتها بأنها تقوم بأخذ عينة من الأنسجة وليس الخلايا فقط، وتستخدم عندما يكون الورم غير محسوس به.
- العينة الجراحية: وهي أشبه بجراحة عادية، فهي تزيل قطعة كبيرة من الأنسجة، وعادة ما يتم أخذ الخزعات الجراحية عندما تكون خزعات الإبر غير حاسمة أو إذا كانت الكتلة واسعة جداً أو كبيرة جداً بحيث لا يمكن إزالتها بسهولة، والغرض من هذا الإجراء هو إجراء التشخيص، لأنه يأخذ جزء من الكتلة السرطانية وليس كلها، ولذلك فإنه ليس بعلاج.
- الخزعة الاستئصالية: وفيه يتم إزالة كامل الكتلة المشبوهة من نسيج الثدي، وهي أضمن طريقة لإثبات التشخيص دون العبث بالأنسجة السرطانية، والجدير بالذكر أن أخذ الخزعات الجراحي والاستئصالي يمكن القيام به في مركز العيادات الخارجية أو بالمستشفى، وذلك باستخدام التخدير الموضعي.
رابعاً: علاج سرطان الثدي الذكري
معظم الرجال الذين يتم تشخيصهم بأنهم مصابون بسرطان الثدي يخضوعون لشكل من أشكال العلاج لهذا المرض، وبطبيعة الحال فإن العلاج الأكثر ملاءمة للحالة يعتمد على عدد من العوامل، بما في ذلك حجم وموقع الورم في الثدي، ومرحلة السرطان، ونتائج الاختبارات المعملية الأخرى، وهنا بعض المعلومات حول الخيارات المتاحة لعلاج الرجال المصابين بسرطان الثدي:
- الجراحة:
وهي عادة ما تكون العلاج الأول الذي يلجأ إليه الأطباء في حال العثور على ورم سرطاني، فهي تساعد في الحصول على المعلومات الكاملة عن السرطان وتعتبر خطوة حاسمة في العلاج، والجراحة الاستئصالية الأكثر شيوعاً والتي يخضع لها الرجال المصابين بسرطان الثدي تسمى بالتعديل الجذري، وخلال هذه الجراحة يتم استئصال الحلمة، والهالة (المنطقة المستديرة حول الحلمة)، وجميع أنسجة الثدي، ويتم ترك العضلات على الصدر وحده، كما يتم أيضاً إزالة الغدد الليمفاوية.
ولكن هذه العملية الجراحية قد تترافق مع عدد من الآثار الجانبية المحتملة، مثل الشعور بالخدر، والحساسية المفرطة في منطقة الجراحة، وتجمع السوائل تحت الندبة، وتأخر التئام الجروح، وتزايد خطر التعرض للعدوى بشكل دائم.
- الجراحة اللمفاوية:
تعمل العقد الليمفاوية كمرشحات لنظام التصريف اللمفاوي في الجسم، لهذا السبب فإنه من المرحج أن تلتقط الغدد الليمفاوية بعض الخلايا السرطانية التي قد تكون عائمة في السائل الذي يخرج من المنطقة المسرطنة في الثدي، وخلال هذا الإجراء، يقوم الطبيب بحقن مادة زرقاء داخل الورم أو الجلد الذي يقع فوق الورم، والجدير بالذكر أن الغدة الليمفاوية الأولى التي تلتقط هذا السائل وتتحول إلى اللون الأزرق تدعى بالعقدة الحارسة (the sentinel) بمعنى “الأولى”، بعد ذلك تتم إزالة هذه العقدة أو العقد الليمفاوية وإرسالها إلى الطبيب، الذي يبحث فيما إذا كان يوجد أي خلايا سرطانية، فإذا لم يتم العثور على الخلايا السرطانية، لا يعود هناك حاجة لإجراء أي عملية جراحية إضافية للعقدة الليمفاوية، أما إذا تبين أن هناك المزيد من الخلايا السرطانية، فهذا يعني أنه سيكون هناك حاجة لإزالتها.
- العلاج الإشعاعي:
يعتبر العلاج الإشعاعي من أكثر العلاجات استهدافاً للخلايا السرطانية، كما أنه وسيلة فعالة جداً لتدمير الخلايا السرطانية التي قد تبقى بعد الجراحة، وهذا يقلل من خطر تكرار الإصابة.
- العلاج الهرموني:
يمكن لهذا النوع من العلاج أن يكون فعالاً جداً في حالة سرطان الثدي ذو المستقبلات الهرمونية الإيجابية – أي وجود مستقبلات هرمون الاستروجين أو البروجسترون في السرطان- والجدير بالذكر أن معظم سرطانات الثدي لدى الرجال تكون من نوع مستقبلات الهرمون الإيجابية، ومن الآثار الجانبية للعلاج الهرموني، فتور الرغبة الجنسية، زيادة الوزن، مشاكل في الإنتصاب، سخونة في الوجه، تقلب مزاجي.
- العلاج الكيماوي:
العلاج الكيميائي هو عبارة عن أدوية خاصة تعمل على قتل الخلايا السرطانية، وقد يوصي الأطباء بالعلاج الكيميائي إذا كان هناك خطر انتشار للسرطان خارج الثدي أو إذا كان السرطان قد انتشر بالفعل، والجدير بالذكر أنه لا يتم استخدام العلاج الكيماوي للسرطان الذي يتمتع بمخاطر انتشار منخفضة إلى أجزاء أخرى من الجسم.
عندما يؤثر العلاج الكيميائي على الخلايا الطبيعية، فإن هذا يمكن أن يتسبب في آثار جانبية بما في ذلك الغثيان، القيء الإسهال، الإحساس بالتعب والإرهاق، تزايد خطر الإصابة بالإلتهابات، تساقط الشعر، الشعور بآلام وعدم الراحة، تغير في حاستي التذوق والشم.