الهرم الادارى يحتوى على هيكل ادارى محدد ومنظم يشمل كل من القوى البشرية والبنية التحتية وكل مصادر الموارد. ويأتى على رأس الهرم الادارى المؤسسى، مدير أو قائد يتربع على عرش هذه الموسسة ويتفرغ لادارتها والعمل على تحقيق كل أهدافها سعيا وراء جودة الحياة والتنمية المستدامة. ترقى المؤسسة عندما يتربع على عرشها قائد، وتهزل وتتناثر أشلاؤها ان أمسك بلجامها مدير تقليدى لا حول له ولا قوة. مدير تتأرجح به المؤسسة، لأنه لا يمتلك من القوة ما يمكنه من اتخاذ قرار. مع المدير التقليدى، ومع صيرورة اتخاذ القرار، تسقط الاقلام فى أيدى أهل الثقة ليطلقون رأيهم وتوصياتهم التى هى بمثابة قرارات يقوم باعتمادها مدير استغنى عن عقل شبه موجود ومنطق يكاد يكون معدوم. تعطل يصيب دولاب العمل، ترقب وقلق وبحث هنا وهناك عن أى قرب أو اقتراب من أهل الثقة كى تتحرك عجلة المركبة الورقية، وتستصدر القرارات المكتظة بكل نقص وعيب اقترن بصمت كل عقل ومنطق. كرة نار تتحرك فى المكان، يشتعل معها عطل وعقم الأفعال وكثرة ثرثرة الأقول، يظهر الملاكيين الأكثر حرصا على الملك من الملك، مدير يرتدى ثوب الملكية والملكية منه براء، فأمره وأوامره ليست بيده. فالأمر وان استفحلت صيرورته، كان من صنيعة مستشاريه وأهل ثقته وما أكثرهم بين وداخل الجدران. أمر يعتمد بيد مدير فقد الابداع فى كل أقواله وأفعاله ولا ينتظر منه أى ابتكار أو ريادة لاعمال. حاول أن يكتسب الثقة من مستشاريه، فهموا وتيقنوا كل هذا من اعتماده عليهم، فأطلقوا العنان للفتوى واستعلوا وتعالوا على كامل الهيكل الادارى، وهو قابع فى مكانه مستريح القلب ومستقر السريرة.
كرة نار تتحرك بين أضلاع الهيكل الخشبى المنشأ للهرم الادارى. نيران تشتعل، تلفح السنتها كل شئ يقف أمامها، يحاول المكون البشرى الاختباء منها وراء ملابسه دون جدوى. يتخلى الجميع عن كل ما يعطل حركته، أحذية متناثرة بين الجدران، فى فناء الحديقة المحترقة، وملابس ممزقة فوق وتحت مكاتب تكاد تحترق. صراخ صوت مكتوم، ونظرات حائرة، واختباء وراء جبن اعتبروه ذكاء اجتماعى، كل هذا وأهل الثقة يمرحون وأهل الاستشارة يستمتعون فى فنادق النجوم العالية والسماء الصافية ويداعبون فى خلوتهم زرقة مياة الشواطىء الفارهه.
كرة نار تتحرك داخل قلب مدير ادراة الأوراق المتحركة والأقلام المتساقطة والثغرات المختبئة فى ظلمة المعلومة المختبئة فى ظلمة الخوف من اكتشافها. كرة نار يحركها ويخاف منها مدير الادارة المتذبذبة، غاب العقل فغاب العمل بأى عظة أو عبره. احتمى مدير الألم فى كثرة المحيطين من أهل الاستشارة والثقة، غارسا الوهم فى نفسه ونفوس الأخرين. زادت عنترية قول وفعل أهل الثقة، وظن وظنوا معه أنه لا كاشفة، وأنه قد قضى الأمر الذى فيه تستفتيان. مع كل مدير تقليدى قد غلب عليه هوى أهل الثقة والاستشارة الموثقة، يسود نخر أسنان الهيكل الادراى الى أن تتساقط جميعها. فك ادارى بلا اسنان، لسان متعب لايقوى على الكلام غير النطق بكلمات غامضة ينعدم معها أى وسيلة من وسائل التواصل والاتصال الطبيعى.
كرة نار ادارى تختفى ولا تجدها فى أى مؤسسة يتربع على عرشها قائد يمتلك من القوة ما يكفى لاصدار كافة القرارات فى وقتها دون الاعتماد الكلى على رأى أو استشارة. القول الفصل عند هذا القائد، هو مدى اقتناعه بفحوى قراراته بعد دراسة كل الأراء والتأنى القابع فى محيط الحكمة عند سماع أى فتوى أو استشارة . القائد الحق، هو من اتخذ القرار أى قرار فى مكانه الصحيح ووقته الفعلى دون خوف أو ارتعاش ليد مهتزة. قائد ينصب كل فرد من أفراد المنظومة الادارية فى مكانه الصحيح، دون أن يصعد أهل الثقة والاستشارة، مع اعدام كل الاستشارات الجوفاء الحمقاء فى شكلها ومضمونها.