مركبة الحياة هى تلك المركبة التى تنقلنا من مكان لآخر، بين دروب مختلفة ومتعددة لحياة أختلفت باختلاف عناصرها الأساسية التى قامت وتقوم أصلا على وجود الانسان أو ما يسمى بالكائن الحى الأكثر تأثيرا فى مناحي هذه الحياة وجوانبها المختلفة. جاء هذا الكائن الحيوى ليتخذ من مركبة الحياة وسيلة فعالة يمارس بها ومن خلالها طقوس حياته فوق أرض جاء فوقها ليبنى ويعمر وينفذ الأوامر الالهية المنوط به تنفيذها دون خلل او اخلال. ولأهمية محرك أو محركات مركبة الحياة، كان من الضرورى على هذا الكائن الحيوى المستأمن على اعمار الأرض أن يتحرى الدقة فى اختيار زيت محرك أو محركات هذه المركبة. هذا المحرك الذى ان طاله الخراب والفساد، كان الدمار حليف مركبة الحياة التى سوف تتوقف عن السير فى التو واللحظة، أو التى تكمل رحلتها مع الكثير من المتاعب وحلول المصاعب التى تستجلب المزيد والمزيد من الكوراث التى لا حصر لها. ومن أجل الحفاظ على هذا المحرك، كان لابد من اختيار الزيت الجيد بل الممتاز ولن يكون هذا او ذاك الا من خلال السعى الجاد وراء الحق والحقيقة التى تؤكد على جودة زيت المحرك، ومن ثم فلنا ان نطلق على الزيت الصالح والجيد” زيت الحقيقة”. فزيت الحقيقة هو الزيت الذى يعمل على تزييت الأجزاء المتحركة فى مركبة الحياة، علاوة على قيامه بتنظيف ومنع تآكل بل وتحسين أداء هذه المركبة. ولا يتوقف أمر زيت الحقيقة عند هذا الحد بل يعمل أيضا على أن تعمل محركات مركبة الحياة فى ظروف طبيعية بعيدة كل البعد عما ينتج من حرارة تنجم من احتكاك الأجزاء المختلفة المتحركة وذلك من خلال التبريد وابعاد هذه الحرارة. كما يضاف الى هذا الزيت مكونات أخرى قليلة فى كميتها ولكنها كبيرة فى تأثيرها كونها تجعل زيت المحرك أو زيت الحقيقة يتحمل كل الضغوط العالية. أى أن زيت الحقيقة الفعال لابد أن يحتوى على مكونات أخرى هذه المكونات التى يعبر عنها أهل الحق وأصحاب المبادئ الصحيحة. وبما أن لهذا الزيت هذه الأهمية وهذه الوظائف فى الحفاظ على كفاءة محركات مركبة الحياة، فانه من الضرورى اختيار الزيت الغير مغشوش والذى يمتلك اللزوجة المطلوبة. وزيت محركاتنا الكائنة فى ماكينة الحياة هو زيت الحقيقة فكلما اقتربنا من الحقيقة كلما زادت جودة هذا الزيت بل كلما لامسنا ثوبها الطيب العطر واتخذنا منه هدف وغايه كلما ازدادت كفاءة ماكينة الحياة التى هى فى الأصل ماكينة الواقع، أى أننا سوف نحيا واقعا سعيدا قائما على المبادئ والأخلاق الحسنة الطيبة. فان كان الزيت هو زيت الحقيقة فان تزييت محركات الاحتراق الداخلى سيكون صحيحا وسوف لا نرى أى خروج أو صعود لدخان الباطل الذى يشتت أطراف حياتنا بين دروب مظلمة ممتلئة بدخان الغدر والخيانة وتغليب المصلحة الشخصية على نظيرتها العامة بل والعمل على اعلاء رايات تتضمن كل الغايات التى تبرر الوسائل المدمرة للحياة الطيبة الكريمة.
فماكينة الواقع قد تعمل بكفاءة عالية ويكون الواقع واقعا صحيحا أو أقرب ما يكون ما يتفق مع النواميس الالهية والقوانين الوضعية المنبثقة عن هذه النواميس، واما أن يكون هذا الواقع أليما بل وبشعا ومخالفا للنواميس سالفة الذكر وقائما على قوانين وضعية تحتمل الوجه والوجه الأخر وتختلف باختلاف مشرعها ومنفذها. وزيت الحقيقة هو القوى المحركة والمحافظة على محركات الاحتراق الداخلى، هذا الزيت الذى ان كان جيد كان الاستهلاك الفعلى لمادة الاحتراق منتجا لكافة آثاره المرغوب فيها دون أى فقد أو اهدار، لدرجة أن القليل منه ينتج عنه آثار عظيمة بل وبالغة الأثر فى واقع لاشك أنه سوف يكون متقدما وراقيا. وننتهى الى أن ماكينة الواقع تكاد لا تختلف كثيرا فى أى مكان أو زمان ولكن الذى يختلف اختلافا كليا وجزئيا هو زيت تزييت هذه الماكينة، والذى ان كان حقيقا كان الحق هو المسيطر والأكثر تواجدا، فى حين كان الباطل منزويا وذليل تحت أقدام الحقيقة. فالواقع المتقدم يمتلك ماكينة ذات محركات سليمة الحركة وزيت قوى وشديد بشدة الحق الذى لا يعرف غير الحقيقة الخالية من أى لون من ألوان الكذب والنفاق والرياء.
وفى نهاية الأمر لن ترسو بنا مركبة الحياة فى الأماكن الراقية التى يتمناها الغالبية العظمى منا، ولن تسلك بنا الدروب الغير متعرجه بل الخالية من أى عوائق قد تؤدى الى انحراف خط سير الرحلة الى محطة وصول غير مرغوب فيها، الا من خلال ماكينة ذات محركات تعمل بكفاءة واقعية وعالية مع زيت حقيقى خالى تماما من أى شوائب قد امتزجت بهوى النفس وطمع القلوب وجهل العقول الضالة. فلا طريق غير طريق الحق ولا سبيل غير ماكينة الواقع النظيف ولا زيت غير زيت الحقيقة القائمة على ثوابت الحق، فزيت الحقيقة هو جوهر ماكينة الواقع وروحها، فلا معنى لحياة مركبتها ذات محركات متآكلة وأصوات عالية غير متناغمة، ولا معنى أيضا لحياة كان زيت محركها زيت الباطل النابع من مستنقعات الجهل والجهالة القائمة على تشويه وعدم ادراك وفقد وعى بالمعانى الحقيقة لمبتغى الغاية وطبيعة الوسيلة المتخذه للوصول الى الهدف الهادف الى حياة طبيعية هادئة.