حوار مع الدكتور وليد جواد قمر
أجرى الحوار: طه العاني
ما أن يهل شهر رمضان المبارك إلا ويحدث تغيير كبير ومفاجئ في مواعيد الوجبات وطرق تناولها، عدا عن تنوع الإطباق وكثرة المأكولات على مائدة الإفطار، وعادة ما يكون النشاط الجسدي للصائم في هذا الشهر بأعلى درجات الخمول، وغالبا ما يغفل الصائمون عن الأسباب الكثيرة التي تعرض الصائم إلى اضطرابات في الهضم الناتجة عن سوء التغذية، ولتسليط الضوء على هذا الموضوع التقينا بالدكتور وليد جواد قمر أخصائي الإمراض الباطنية في محافظة الانبار بالعراق ليحدثنا عن جوانب رمضان الصحية والرياضية.
نقطة: رمضان بعيدا عن “فوائده الدينية والمجتمعية” ما فوائده على صحتنا ؟
د. ولـيـد: الصوم معناه اللغوي هو الإمساك عن الأكل والشرب، والصوم هو أشبه ما يكون بالاستراحة الجسمية والنفسية للبدن ولأعضاء الجسم كافه. فأن الجسم طيلة أيام ألسنه مع الطعام والشراب والجهد فالصوم يمثل استراحة أشبه ما تكون باستراحة المحارب وبعد الصوم يعيد نشاطه من جديد. ونقول أيضا إن مخازن الجسم تمتلئ في أيام ألسنه بالشحوم والمواد الضارة والتي تسمى “بالشوارد” ففي شهر رمضان يتخلص الجسم منها بطريقة أو بأخرى ويعود الجسم نشيطا معافى وهذا قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ “صوموا تصحوا”.
نقطة: يعقد العديد من الأشخاص العزم على استغلال رمضان لإنقاص الوزن فما هي نصيحتك لهم؟ وما هي أفضل الطرق لهذا الاستغلال ؟
د. ولـيـد: أهم أساس لإنقاص الوزن هو تقليل الطعام والعمل على استهلاك المخزون ألشحمي المتراكم في الجسم. فإذا استطاع الشخص إن ينظم وجبات الطعام لغرض إنقاص وزنه فأنه سينجح في ذلك أن شاء الله فأن فترة الصوم طويلة نسبيا وان الجسم يحتاج إلى طاقة لنشاطه اليومي فإذا أنقص الشخص من طعامه وشرابه ستكون فرصة جيدة لإنقاص وزنه والتخلص من الشحوم الضارة في الجسم.
نقطة: للمهتمين بالرياضة ما هو الوقت المناسب لممارستها في شهر رمضان؟ قبل أم بعد الفطور، ولماذا ؟
د. ولـيـد: اعتقد إن أفضل وقت لممارسة الرياضة في شهر رمضان هو بعد صلاة العشاء بساعة من الوقت. ففي هذا الوقت يكون الجسم قد استعاد نشاطه وحيويته واستعاد السوائل في جسمه وتكون نسبة السكر في الدم جيدة والدورة الدموية نشطة تحمل الكثير من الماء. فلذلك تكون الرياضة أسهل وغير مرهقه للجسم. وهذا الشيء ينطبق على العمال والعاملين في ميادين العمل التي تحتاج إلى جهد عقلي وجسمي مرهق. ففي الوقت الذي ذكرنا فيه بأنه يمكن للشخص إن يستعيد السوائل المفقودة فلا يشعر بالعطش أو الجوع ويكون قد حقق هدفين الأول؛ الرياضة أو العمل، والثاني؛ عدم الشعور بالجوع أو العطش.
نقطة: يشعر البعض بعد الفطور بـ “خمول” فما الحل ؟
د. ولـيـد: عند الإفطار تستنفر طاقة الجسم؛ الكبد، والكلى، والقلب، و ألاوعيه الدموية، والجهاز الهضمي، وتكون نسبة الدم في هذه الأجهزة أعلى من المعتاد لذلك يشعر الإنسان بالخمول والتعب. والحل في ذلك هو عدم الأكل والشرب دفعة واحدة وبكثرة، وإنما بالتدريج، فالإفطار أولا على؛ تمرات، أو شراب، أو ماء، و إن الجسم بعد ساعات الصوم ويحتاج إلى السكون ليعيد نشاطه بسرعة، ويحقق ذلك بقليل من المأكولات الحلوة. وبعدها يمكن للصائم أن يأكل الطعام بشكل تدريجي وان يترك نسبة من معدته للماء أو السوائل. واكرر إن الأكل التدريجي يجعل الإنسان أكثر شعورا بالراحة والنشاط
نقطة: العادات السيئة للأكل في رمضان، وعدم الوعي الصحي لدى بعض المرضى قد يؤدي إلى تفاقم بعض الإمراض؛ كالسكري مثلا فما نصيحتك لهم ؟
د. ولـيـد: الصوم في شهر رمضان يحقق هدف راحة البدن وأجهزة الجسم من العناء طيلة أيام ألسنه لذلك إذا أكثر الشخص وخاصة المرضى المصابون بالإمراض المزمنة؛ السكري، وارتفاع ضغط الدم، والجلطات القلبية… الخ، إذا أكثر من الطعام والشراب لا يحقق هذا الغرض وإنما يرهق أجهزة الجسم بمزيد من الطعام والشراب، وأود إن أقول إن الإكثار من اللحوم والدجاج في شهر الصوم يلحق الأذى بالإنسان فأن هذا الإكثار من البروتينات مع قلة السوائل يرهق عمل الكلى ويسبب ارتفاع الأملاح في الدم والتي تترسب عادة في الكلى أو في المفاصل، والإكثار من الطعام يزيد من نسبة السكر في الدم ويرهق عمل القلب، ولذلك يشعر المصاب بالصداع، والإرهاق ووجع في الصدر ووجع في المفاصل
نقطة: هل من خاتمة أو خلاصة توجه بها القارئ لكي يكون صيامه صحيحا ؟
د. ولـيـد: خلاصة القول فأن سيدنا رسول الله “صلى الله عليه وسلم” قد جمع كل الصحة في هذا الحديث فقد قال؛ (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فان كان ولابد؛ فثلث لطعامه، وثلث لشراب، وثلث لنفسه) ومعنى الحديث إن كل ما زاد عن ثلث المعدة فهو ضرر ويسبب الإمراض والأوجاع رضينا بذلك أم لا. مع تمنياتي للجميع بالصوم المقبول والصحة الدائمة
في ختام هذا الحوار أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور وليد جواد قمر على رحابة صدره
لمن يواجه المتاعب الصحية والمشاكل الجسدية؛ عليك بالصيام! لان الصيام بطبيعة حاله هو علاج طبيعي للكثير من المشاكل والمتاعب، ليس لبني البشر فحسب! فكما يقال؛ “أن الحيوانات تصوم غريزيا عند المرض”! ففي الصوم تتجدد الطاقة ويصبح الصائم أكثر فاعلية ونشاطاً