عادة ما تؤدي مشاهدة مقاطع الفيديو على الهاتف الذكي أو استخدام نظام تحديد المواقع (GPS) لمدة ساعة أو ساعتين إلى استنزاف بطارية الجهاز بشكل كبير، فمع ارتفاع معدل البيانات المستخدمة واعتماد الهواتف الذكية على استخدام ميزات أكثر تطلباً للطاقة، أصبح عمر البطارية مصدراً للقلق، ولكن الإصدار الجديد لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لأجهزة ايتا (Eta Devices) يمكن أن يساعد بطاريات الهواتف الذكية على الاستمرار بالعمل لفترة قد تصل إلى ضعفي المدة السابقة، إضافةً إلى الحفاظ على الطاقة في الأبراج الخلوية.
تعتبر مضخمات الطاقة الإلكترونية الغير فعالة – وهي عبارة عن دارة الكترونية تم تصميمها لتكبير إشارات الراديو من خلال هوائيات الهواتف- السبب الرئيسي في استنزاف بطارية الهواتف الذكية، وتوجد مضخمات الطاقة الإلكترونية ولكن بصورة أكبر في قاعدة المحطات اللاسلكية، وتتطلب هذه المضخمات كمية ضخمة من الطاقة لتكون على استعداد لإرسال كميات كبيرة من البيانات في أي وقت من الأوقات، لذا يجب عليها أن تبقى دائماً في أقصى جهد كهربائي لها، مما يؤدي لاستهلاكها لطاقة أكبر بكثير من أي جزء آخر من مكونات الهواتف الذكية، حيث تقوم هذه المضخمات باستهلاك أكثر من 75% من الطاقة في محطات القواعد اللاسلكية، وتقوم بهدر أكثر من نصف هذه الطاقة على شكل طاقة حرارية، وهذا يؤدي إلى تقصير العمر الافتراضي لبطاريات الهواتف الذكية، وهدر محطات القواعد اللاسلكية للطاقة وخسارة المال.
قامت أجهزة ايتا بتطوير رقاقة (للهواتف الذكية) ووحدة بحجم صندوق الأحذية (لمحطات القواعد اللاسلكية)، وذلك استناداً إلى عشر سنوات من الأبحاث التي جرت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي تهدف لإجراء التبديلات اللازمة لإمداد مضخمات الطاقة بالتيار الكهربائي حسب الحاجة لمنع هدر الطاقة، حيث تشير (جويل داوسون)، رئيسة قسم التكنولوجيا في أجهزة ايتا والتي شاركت في اختراع هذه التكنولوجيا، أن هذه التكنولوجيا تشبه في مبدئها مبدل السرعات الذي يوجد في السيارة، حيث يقوم بتنظيم كمية الطاقة التي تقوم مضخمات الطاقة باستمدادها من البطارية في كل نانو ثانية، وهذا قد يكون الحل للحفاظ على كفاءة المحطة أو البطارية بأعلى درجاتها.
تمت تجربة هذه التكنولوجيا على قاعدة محطة لاسلكية في العام الماضي، واستطاعت أجهزة ايتا أن تحقق متوسط كفاءة أكبر من 70 % في أجهزة الإرسال لشبكات 4G LTE، وانطلاقا من هذه النتائج تم التعاون مع مصنع كبير لقواعد المحطات اللاسلكية، وذلك بهدف نشر هذه التكنولوجيا في قواعد محطات تعمل بشكل حقيقي في نهاية عام 2015، حيث يمكن أن يؤدي هذا إلى ادخار كبير في تكلفة الطاقة، كما يجري الاتفاق حالياً ما بين ايتا وكبرى شركات تصنيع الهواتف الذكية التي تدعم تقنية LTE، لدمج رقاقة ايتا في الهواتف الذكية في نهاية العام المقبل، حيث تشير (داوسون) أن هذا قد يضاعف عمر البطارية الحالية للهواتف الذكية.
في الحقيقة فإن تقنية ايتا الجديدة يمكن أن تخدم صناعة الاتصالات في عدة مجالات إلى جانب إطالة عمر البطارية، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي استعمال هذه التقنية إلى تصنيع بطاريات أصغر لسماعة الهاتف، أو حتى إنتاج هواتف أصغر حجماً، حيث سيكون انتشار الحرارة أقل في هذه الحالة، كما يمكن لهذه التكنولوجيا أن تؤدي أيضاً لانخفاض تكاليف التشغيل لقواعد المحطات في البلدان النامية، وذلك لأن هذه المحطات تعتمد عادةً على وقود الديزل للحصول على الطاقة.
إضافةً إلى ذلك، فإن هذه التكنولوجيا يمكن أن تؤثر على البيئة أيضاً، فإذا ما تم تبديل جميع المضخمات الإلكترونية الحالية بشبكات نقل متوسطة الحجم تستخدم تقنية أجهزة ايتا، فإن الانخفاض في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيعادل إزالة حوالي 5 ملايين سيارة عن الطريق.
إن النجاح التجاري الذي نالته أجهزة ايتا يعود في جزء منه إلى براعة هندسته بالإضافة إلى الحنكة التجارية التي يتمتع بها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ففي عام 2008 قدمت (داوسون) وأحد زملائها مفهوماً مبكراً لتكنولوجيا الايتا كان يدعى AMO ، وتكنولوجيا الـ AMO هي عبارة عن هندسة ارسال جديدة، يمكن من خلالها الاختيار بين العديد من الخوارزميات الفولتية لنقل البيانات في مضخمات الطاقة الإلكترونية، وتحديد الخيار الأمثل للحفاظ على الطاقة، وتتم هذه المفاضلة في أجهزة الـAMO بمعدل 20 مليون مرة في الثانية الواحدة، هذه التقنية استرعت انتباه (ماتياس أستروم) الخبير في صناعة الهواتف النقالة، حيث قدم إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بحثاً عن التقنية المستقبلية للأجهزة النقالة، وبدأ الأساتذة في المعهد بمساعدة (أستروم) بتطوير هذه التكنولوجيا لتلائم سوق الهواتف المحمولة، وتم إطلاق أجهزة ايتا في عام 2010، بعد أن أصبح (أستروم) رئيساً تنفيذيا لها، ومنذ ذلك الوقت شهدت النماذج الأولية لهذه التكنولوجيا تطوراً سريعاً.
حالياً هناك عدد قليل من كبرى شركات تصنيع الهواتف الذكية تستخدم نظام (ET) في أجهزة الإرسال لشبكات الاتصالات، ولكن كفاءة نظام الـ (ET) تتهاوى بالنسبة لأنظمة G/LTE)4) و(802.11ac) (WiFi) اللاسلكية، وذلك بسبب التعديل المستمر للجهد في نظام الـ (ET)، ولكن في المقابل فإن تقنيةET) ) تستطيع استيعاب الترددات العالية جداً التي تستخدم من قبل معايير الاتصالات الجديدة، مما يحتم على شركة إيتا تطوير معايير الاتصالات في المستقبل لتتلاءم مع التقنية التي تستعملها والتي تتطلب استخدام نظام 4G LTE.