غالباً ما تكون الذاكرة التي ترتبط بالحقائق والأمور المعرفية مثل قيادة السيارة أو تذكر الطريق نحو المتجر، ضعيفة لدى الأشخاص الذين يعانوا من إصابات في الدماغ، هذا النوع من الذكريات – ووظائف الدماغ التي تتحكم بها – هي ما تقوم وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية التابعة للبنتاغون (DARPA) الآن باستكشافه، وذلك من خلال إطلاقها لبرنامج استعادة الذاكرة النشطة (RAM)، وللقيام بذلك ستقوم الوكالة بتطوير جهاز لاسلكي عصبي قابل للزرع، يهدف إلى سد الثغرات التي تتداخل مع وظائف الذاكرة وتؤثر على فعالية استعادتها، وإذا ما نجحت هذه التجربة فإن قواعد الجراحة العصبية الاصطناعية ستتغير وستتجه نحو استخدام الرقاقات الدماغية، حيث أظهرت هذه العمليات نتائج إيجابية لدى فئران المختبرات، ومن المتوقع أن تأخذ عملية التأكد من فعالية هذه العملية لدى البشر حوالي أربع سنوات.
تبعاً للدكتورة (جوستين سانشيز)، مديرة برنامج (RAM)، فإن العلماء سيستهدفون مناطق بسيطة جداً ولكنها مؤثرة من وظيفة الذاكرة، ومبدئياً يتوجب على العلماء فهم الدوائر العصبية الأساسية التي تشارك في تشكيل الذاكرة، وبعدها سيتم تطوير نماذج حسابية جديدة تسمح للأطباء بالتدخل بالدوائر العصبية، لاستشعار وتفسير الإشارات بين هذه الدوائر، وبمجرد تطوير أجهزة قادرة على التفاعل مع الدماغ، سيتوجب على العلماء التفكير بكيفية ترميز هذه الأجهزة، لتكون قادرة على إرسال إشارات عصبية إلى الدوائر العصبية لاستعادة فعاليتها.
هناك القليل من العلاجات الفعالة لمعالجة حالات العجز في الذاكرة الناتجة عن الإصابات في الدماغ، وعلى الرغم من أن سد الثغرات في الدماغ ليس بالأمر السهل، إلّا أنه ممكن التطبيق من الناحية النظرية، إذا ما اعتبرنا أن هذه الثغرات هي عبارة عن فقدان اتصال ما بين الدوائر العصبية، فإذا ما استطاع الباحثون فهم الاشارات العصبية التي يقوم الدماغ بإرسالها من الطرف الأول من الفجوة إلى الطرف الثاني من الفجوة، فسيكون بإمكانهم تفسير تلك المعلومات والتدخل ضمن هذه الإشارات لإيصالها إلى الجانب الآخر من الفجوة، وبذلك يستمر تدفق المعلومات في الدماغ وتستمر إمكانية تشكيل الذكريات.
أما عن الآثار الجانبية المحتملة التي قد تنجم عن الجهاز، فيشير (جيمس جيوردانو) من المركز الطبي في جامعة جورج تاون، والذي يعمل حاليا مع DARPA، أن هذه العملية قد تحدث تغيّرات في الوظائف المعرفية والعاطفية، بما في ذلك تغيّر في الشخصية، إلّا أنه يمكن التخفيف من هذه النتائج عن طريق تكييف وظيفة هذه التكنولوجيا و|أو وقف عملها.