هناك أناس يقولون لك “انتبه، فلدي عيون في ظهري”، ليظهر لك أنه يراقبك ولا يفوت شيئاً، لكن هذه المرة الأولى التي يحدث أن يمتلك أحدهم أذناً ثالثة –حرفياً- قام بزرعها في ذراعه.
فنان الأداء الأستاذ ستيلارك، ومدير معمل التشريح في جامعة أستراليا كورتين، حلم لمدة طويلة بتحويل نفسه إلى أداة استماع عن بعد، بحيث ينقل ما يسمعه في الغرفة إلى العالم بشكل مباشر، وقد حدث هذا عبر جراحتين قربتاه مما يريد، عبر ملحق متصل بالإنرنت على شكل أذن بشرية تنمو من ذراعه اليسرى.
أول جراحة كانت بوضع أداة في الجانب الداخلي من ذراعه تشبه شكل الكلية، ثم تم حقن محلول ملحي فيها فتكون حولها زوائد من الجلد، والذي استخدم فيما بعد بواسطة الجراحين لتشكيل الأذن الثالثة.
خلال الجراحة الثانية، قام فريق دولي من الأطباء بإدخال جسر مصنوع من مادة قابلة للتحلل في الجسم فيما بعد، وتم تشكيله على هيئة هيكل أذن، وفي خلال ست شهور من الجراحة، نمت الأنسجة والأوعية الدموية على هذه الجسور، لتصبح مندمجة في جسم ستيلارك، وقد قال ستيلارك أن الأذن أصبحت الآن جزئاً من ذراعه، كما صار لها المدد الدموي الخاص بها أيضاً.
وقد بقي ستيلارك يعمل على هذه الذراع لمدة 12 عاماً حتى الآن، كما إنه عرضه كجزء من المعارض الفنية، وهو بالتأكيد عمل استلزم الكثير من التقنيات الإبداعية والتجريب العلمي.
أضاف أن الجانب الداخلي من الذراع هو أمثل مكان لبناء أذن ثالثة، فالجلد في هذه المنطقة ناعم ورقيق، كما إن موضعه في هذه المنطقة يقلل من فرص تعرضه للصدمات أو الحكة مثلاً.
الخطوة القادمة في مشروع ستيلارك ستكون رفع أذنه عن مستوى الذراع قليلاً، كي تكتسب شكلاً ثلاثي الأبعاد، وإنماء هيكل الأذن الخارجي من الخلايا الجذعية لستيلارك لإضافة الواقعية عليها أكثر، وبما إن هذه العملية غير شرعية في الولايات المتحدة، فسوف يتممها الفريق في أوروبا، كما أنها ما تزال تجريبية، وبالتالي لا توجد ضمانات على أن هذه الخلايا سوف تنمو بسلاسة وبالتساوي.
بعد ذلك سوف يتم زرع ميكروفون مصغر، يستطيع الاتصال بشكل لاسلكي بالإنترنت، ليجعل أي شخص مهتم بالسماع إلى حياة الفنان، يستطيع ذلك.
ستيلارك هو جزء من حركة تسمى “البيوهاكرز”، وهي مجموعة تؤمن بأن جسم الإنسان يمكن هندسته ليصبح أفضل، وأقوى وأكثر كفاءة، ويخضعون للجراحات بناء على هذا الهدف، وهذا من أكثر الأمثلة تطرفاً التي رأيناها على هذا الأمر حتى الآن.
من النماذج الاخرى، الرجل الذي سمى نفسه “السايبورغ المصنوع ذاتياً”، زارعاً بداخله شريحة بلوتوث تستطيع قراءة درجة حرارة جسم الإنسان وترسل البيانات إلى الهاتف المحمول، كما زرع أيضاً في جمجمته أداة تستطيع تمكينه من “سماع الألوان” وتتصل بالواي فاي، كما زرع مكبرات صوت مغناطيسية في أذنيه لكي يسمع الموسيقى بشكل أفضل !
هناك رجل آخر قام بزراعة كاميرا ديجيتال في مؤخرة رأسه لكي يلتقط صوراً لمن يمشي خلفه، والذي انتزع الكاميرا فيما بعد بسبب الصداع، وهناك آخر وضع مغناطيسات في ذراعه كي يضع الآيبود الخاص به في مكانه.
هذه العمليات بالتأكيد تثير مجموعة من الأسئلة حول الأخلاقيات الطبية والسلامة، فقد تعرض ستيلارك أثناء عملية تمدد الجلد لموت في الخلايا، كما أنه أصيب بعدوى خطيرة أثناء زرع الميكروفون الصغير فيها، لذلك تمت إزالته، ومازال ينتظر زرع واحد آخر ذي اتصال لاسلكي بالإنترنت، ويقول إنه على سبيل المثال، فإن شخصاً يجلس في فينيسيا سوف يكون قادراً على ما يسمعه هو في ملبورن.