ان لم يكن للابداع ربان، فلا ابحار فى محيط الأفكار، وان لم يكن للابتكار أيقونته، فلا فهم ولا تفاعل بين عناصر الأفكار الابداعية. فى محيط الحكمة تتلألأ الأفكار فى عيون عقل وقلب الباحث الربان، وعلى مركبة الابداع تبتكر الأفكار بجهد وصبر وفروسية أيقونة الابتكار الكائنة فى كامل كيان الباحث العلمى المبتكر. من فوق مركبة الابداع وفى قلب محيط الابتكار، عند جزيرة الابداع والابتكار، تنمو أشجار قاعدة الفقه المهنى البحثى، وتنطلق صيحة تنبيه الى طبيعة الرسالة التي يحملها كل باحث حقيقى فوق كاهله، تؤكد على أن مهنة البحث العلمى ليست وظيفة تُؤدّى، بل مقام يُرتقى إليه بالتحمل، والصبر، وسعة الصدر، والسعى الدؤوب. رؤية فقهية ورسالة مقدسة وتوجيهات وسياسات ترسخ الى أن ” اليوم الذي يخلو من فكرة ابداعية … ليس من عمر الباحث الحقيقى.” مهنة الباحث العلمى المبتكر (الربان والأيقونة) هى فنٌ في إدارة التعقيد الفكرى، وبصيرة في عبور العواصف الابداعية لتحقيق الابتكار، ووقوف بشموخ على تخوم ريادة الأعمال حين يتهاوى الأخرون. ان الباحث العلمى الحقيقى لا يُقاس اداؤه بكمِّ ما ينتجه من أعمال بحثية ابداعية، بل بكيفية وقوفه مبتكرا حين تحيط به نيران الطلبات المجتمعية الملحة وتلتهب أمامه فاتورة الاستيراد.
فى كل المجتمعات المتقدمة والنامية، أمنيات وآمال نحو مستقبل أفضل لا يمكن تحقيقها الا من خلال أصحاب مهنة حملوا على عاتقهم مهمة استكشاف المجهول، وسَبَر أغوار المعرفة، وبلوغ حقائق جديدة تسهم في تقدم البشرية ورفاهيتها. انهم أهل البحث والعلم الذين تحلوا بصفات فريدة، وبرؤية واضحة، وبرسالة عظيمة، وبأهدافًا سامية تستلزم الثبات والإصرار. ربان الابداع وأيقونة الابتكار يتميز بصفات لا تتوافر إلا في قلة من الناس، ولما لا؟. فهذه الصفات ما هى الا مزيج من الصبر، والفضول العلمي، والأمانة، والموضوعية، والإصرار. رفيق الرحلة البحثية وصديقها لن يكون الا فى الصبر الجميل، حيث يدرك ربان الابداع والابتكار أن الاكتشافات الكبرى تتطلب وقتًا وجهدًا، وأن النتائج لا تأتي بين عشية وضحاها. أما الفضول العلمي، فهو الدافع الأول الذي يبث في نفس هذا الربان، الرغبة المستمرة في معرفة الجديد، والتشوق لكشف الأسرار المخبأة وراء الظواهر. والأمانة العلمية تفرض علي ربان العلم الحفاظ على نزاهته، والابتعاد عن التلاعب أو التحريف، لأنه يحمل مسؤولية أمانة العلم. والموضوعية البحثية، تُملي علي ربان العلم أن يكون حياديًا، يزن الأدلة، ويقيم الأدلة والبراهين بكل موضوعية، بعيدًا عن الأهواء الشخصية. وأخيرًا ، الإصرار البحثى ينطوى على القوة التي تدفع ربان العلم للاستمرار، رغم العقبات والتحديات، حتى يحقق هدفه المنشود.
تنبثق رؤية ربان الابداع وأيقونة الابتكار فىالإيمان العميق بقوة المعرفة التى تتطلب البحث العلمي الحقيقى المستمر لتحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات، وتحقيق التطور الحضاري. رؤية تؤكد على أن العلم هو سلاح التقدم، وأن الاستمرار في البحث والتطوير هو السبيل لبناء مستقبل أكثر إشراقًا، ينهض على أسس العلم والمعرفة. أما رسالة هذا الربان تقوم على إثراء المجال العلمي بمساهماته وأفكاره، وأن يضع يده على حلول لمشكلات المجتمع، ويعمل على تحسين حياة المجتمع من خلال أبحاثه ابداعية وابتكارية. كما يسعى برسالته الى نشر ثقافة البحث والوعى العلمي، وتشجيع الآخرين على التحلى بثوب العلوم المتقدمة، وتقديم الإرشاد والنصح لمن يسعى للتميز في مجاله. وغاية رسالته أن يكون حلقة وصل بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، ليحقق تأثيرًا حقيقيًا على الواقع.
ربان الابداع وأيقونة الابتكار هو ذلك الإنسان الذي يسير باصرار على الدرب الصحيح للعلم، ويعمل على بناء جسور من المعرفة تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل. وهو منبع الأمل والطموح، وعماد التقدم، وحصن الأمة في مواجهة تحديات الزمن. ومن أجل كل هذا، يجب أن يعاد هيكلة ما كان وما هو كائن، ووضع معايير دقيقة وصارمة لتقييم أداء واختيار كل منسوبى المجتمع البحثى والاكاديمى لأنهم قاطرة كل تقدم وتطوير فى منظومة البحث العلمى القائمة على أى ابداع وكل ابتكار وريادة أعمال.
