تضاد واقتراب شديد بين المصالح والأمانة، قد تفرضه البيئة المحيطة والطبيعة البشرية على أحدهما دون الأخر. فالمصالح دائما وأبدا ما تتصالح وتقترب من بعضها البعض لدرجة أن وسائلها دائما ما تبرر غاياتها التى فى كثير من الأحيان ما ينعدم معها عنصر الأمانة. أما الأمانة فهى دائما ما تكون وعاء اختبار للذات، كونها الأختبارالوحيد للانسان فى الحياة الدنيا والذى بحسن وطيب نتائجه تطيب الحياة الأخرة. وغالبا ما يختلف الناس فيما بينهم وتتضح معالمهم وصفاتهم عندما تقترب مصالحهم من قدرتهم على حمل الأمانة، فصنف منهم تذوب أمانته المتهالكة فى محيط مصالحه التى تطغى على كل شئ طغيان النيران فى الهشيم مع سيطرة كل ما هو سئ على كل شئ فيسوء مكان وزمان حقبة انعدام الأمانة مع استمرار دنياميكة المصالح. والصنف الأخر من الناس والذى قد لانراه بالعين المجردة من من ذابت مصالحهم فى محيط أمانتهم التى أبت السماوات والأرض والجبال عن حملها وأشفقن منها وحملها الانسان، هذا الصنف الذى تحولت عندهم ذاتية الأمانة الى ما يسمى بميكانيكية الأمانة الشاملة لكامل ديناميكيتها واستاتيكيتها. فاستاتيكية الأمانة تكمن فى سكونها فى كامل الكيان البشرى، فى حين ديناميكية الأمانة تكمن فى حركيتها واداء كافة الفرائض التى خشيت منها السماوات والأرض والجبال. والأمانة بمفهوها الواسع تشمل كل أمر بنهى أو بالتزام، ومن ثم فالامانة هى تقوى الله سبحانه وتعالى.
ان الديناميكية الكائنة فى المصالح التى تتصالح واتباع هوى النفس لن تكون اكثر من مرض سرطانى لا يحيق فيه أى علاج كيماوى أو ما شابه ذلك، لان الأصل فى هذه الديناميكية أنها لا تعتمد على العقل السليم والمنطق المتزن ولكنها تقوم على وحشية الواقع وغلبة هوى النفس والاغترار ببعض القوة واتقان الحيلة على حساب ضعف الضحية وقلة حيلتها. فدائما وأبدأ ما يكون ناتج التفاعل الحادث بين المصالح والأمانة بنسبة تسعة وتسعون فى المئة يحتوى على مكون المصالح التى غالبا ما تكون شخصية.
أما الأمانة التى هى حلم العاشقين لها لن تكون أكثر من أمل منشود وحلم بعيد المنال قد نصادفة مرة فى العمر. فالامانة عملة نادرة قد تسمع أو تقرأ عنها وعن أنها كانت موجودة فى حقبة ثبوت النبوة لأنبياء الله عليهم السلام. وعند الفحص والتمحيص لطبيعة الصراع القائم بين ديناميكية المصالح وذاتية الأمانة، نجد أنه صراع غير متكافئ وغير مكتمل الأركان نظرا لزيادة الطلب على ما هو معروض من العشق المتزايد للمصالح. فقربان هابيل كان مقبولا من ربه لأنه قد قام على غلبة عنصر الأمانة على طوفان المصالح، فى حين لم يقبل قربان قابيل لطفح كيل المصالح وبلوغ سيلها الزبى.
وما بين داء المصالح وشفاء الأمانة، نجد ان مصدر داء المصالح لن يكون اكثر من مستنقع أمراض مزمنة دائما ما تفوح منه الروائح الكريهة وتتحرك فى مياهه الراكده المتعفنة كل الحشرات والديدان الضارة، فى حين نجد أن المصدر الحقيقى لشفاء الأمانة فى كل ماء طاهر ورائحة اكثر طهارة وكيان مشمول بكل صحة وحيوية يعطى دون أى مقابل ويزرع دون انتظار للثمار. فالأمانة لم تكن عماد كل الفرائض فهى عماد كل حياة طيبة وكل تقدم وتطور كونها الطريق الصحيح وطريق الصلاح والفلاح للوصول الى أفضل النتائج وتحقيق الكثير والكثير من المكاسب الهادفة والمستهدفة اعمار الأرض