بعد الضجة الإعلامية التي أحدثها خبر اكتشاف أكبر ديناصور تم ايجاده حتى الآن, كان هناك الكثير من الخلط من قبل المصادر الإعلامية تتعلق باكتشاف بقايا صوروبودا آخر في الأرجنتين, وخلافاً لما جاء في عناوين المقالات، لم يتم اكتشاف أي صوروبودا من قبل علماء الحفريات استطاع النجاة من الانقراض العظيم.
إن الديناصور الجديد الذي تم إكتشافه من قبل (بابلو غالينا) في مجلة (PLoS One)، يدعى (لينكوباللاتيكودا) Leikupal Laticaudaوهذا الاسم يعبر عن أهمية هذا النوع من الديناصورات, حيث أن كلمة ) لينكوبال) تعني (الأسرة المنقرضة), مما يؤكد حقيقة أن هذا الديناصور ذو العنق الطويل كان في أغلب الظن أحد آخر أفراد سلالة فريدة من نوعها من الديناصورات و التي تدعى “ديبلودوسيد” Diplodocids .
إذا كنت قد زرت قاعة متحف للديناصورات, أو تصفحت مؤخراً كتاباً يوجد فيه صور توضيحية لديناصورات، ستستطيع التعرف فوراً على الديبلودوسيد, حيث تشتمل هذه الديناصورات العائدة للعصر الجوراسي أيضاً على الباروصورBarosaurus, وأباتوصورApatosaurus, وديبلودوكس Diplodocus , أغلب هذه الديناصورات كانت تعيش في أمريكا الشمالية، وتعاصر وجودها مع وجود ديناصورات التورنيريا Tornieriaفي الحقبة الجوراسية المتأخرة في تنزانيا, ويعتقد أن هذه المجموعة كلها قد انقرضت قبل 145 مليون سنة.
ولكن مع اكتشاف(لينكوبال) تغيرت قصة (الديبلودوسيد), فقد تم العثور على عدد قليل من الفقرات الظهرية التي تميز هذه الديناصورات الجديدة، في الطبقات الصخرية التي يعود تاريخها إلى 145 أو135 مليون سنة, وهذا ما جعل العلماء يمددون الحقبة التي وجدت فيها الديبلودوسيد قليلاً إلى بداية العصر الطباشيري, إضافةً إلى أنه قد تم العثور على) لينكوبال) في غرب الأرجنتين, وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يتم فيها اكتشاف لديبلودوسيد في موقع في أميركا الجنوبية، ولهذا يمكننا القول أن امتداد فترة تواجد الديبلودوسيد وامتداد نطاق وجودها كان أكبر من أي من الأصناف الأخرى.
بناء عليه فإن ديناصور الـ (لينكوبال) الذي تم اكتشافه حديثاً هو نوع غير معروف كثيراً من ديناصورات الصوروبودا، والأخيرة قد انقرضت قبل زمن, أما اللينكوبال فهو الفرع الوحيد المتبقي من الأصل والذي استطاع أن ينجو بعد انقراض اسلافه من الصوربودا، وهذا هو الجزء الذي يحمل المغالطة في معظم التقارير الاخبارية.
عندما نفكر في الطريقة التي انقرضت فيها الديناصورات، فإننا نتصور الكارثة التي أنهت العصر الطباشيري وغيرت مسار الحياة على الأرض بشكل كبير, أما المشكلة في العناوين الرئيسية للصحف بأنها عنونت مقالاتها بجملة “نجاة ديناصور من الانقراض الجماعي”, هذه العبارة تعطي الإنطباع كما لو أن (لينكوبال) استطاع الهروب بطريقة ما من النيزك الذي ضرب الأرض منذ 66 مليون سنة، ولكن الحقيقة هي أن هذا الديناصور كان قد انقرض منذ 66 مليون سنة على الأقل قبل أن يضرب ذلك النيزك الأرض.
أظهرت الاكتشافات الحديثة أن مجموعات من الكائنات الحية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ, والتي كان يعتقد بأنها انقرضت في نهاية العصر الجوراسي, كانت في الواقع ما تزال على قيد الحياة لفترة طويلة من العصر الطباشيري، ولا تزال معرفتنا للسجل الاحفوري بعيدةً عن الاكتمال، فتاريخ العصر الطباشير المبكر كان عبارة عن فترة زمنية شهدت الكثير من التغيرات السريعة، ولذلك فقد يكون من الأقرب لفهمنا أن نعرّف نهاية العصر الجوراسي على أنه الفترة التي شهدت تغيراً في حياة الأحياء, حيث انقرضت بعض الأنساب في حين ازدهرت أخرى في ذات الوقت.
وأخيراً، فإن اللينكوبال هو ديناصور يستحق الحديث عنه, ففي حين أنه لم يتم اكتشاف أكثر من ثمانية فقرات منه, وأيضاً فإن صوروبودا غيّر من تاريخ انقراض الديبلودوسيد وفتح الباب على مصراعيه لدراسة فيما إذا كان تاريخ وجوده قد امتد إلى فترة أبعد من التي كنا نتصورها, ولكن الخوض في دراسة هذه الأحياء، يتطلب منا توخي الدقة لشرح سلسلة الأحداث التطورية التي جرت خلال ملايين السنين, وهذا الانتباه إلى التفاصيل هو ما ينقصنا اليوم.