أشار الباحثون مؤخراً، بأن الكويكب الذي اصطدم بالأرض وأدى إلى نهاية عصر الديناصورات، أدى أيضاً إلى إثارة موجة من الانفجارات البركانية التي زادت من سوء الكارثة أضعافاً مضاعفة.
قام الباحثون بتحليل تدفقات الحمم البركانية التي تعود لعصور ما قبل التاريخ في الهند، ووجدوا بأنه بعد وقت قصير من حدوث الاصطدام الكبير، أصبحت الانفجارات البركانية أقوى بمقدار الضعف، مما ألقى بنظرية إنبعاث المزيج القاتل من ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون بعرض الحائط.
من المرجح أن تكون الصدمة التي نجمت عن ارتطام الصخور الفضائية بالأرض قد أدت إلى زعزعت الأنظمة الأنبوبية البركانية في جميع أنحاء العالم، مما خلق غرف صهارية كبيرة قامت بقذف المزيد من المواد عندما اندلعت.
إلى جانب الاصطدام الكبير، فإن زيادة النشاط البركاني أدى إلى ضخ ما يكفي من الغبار والأبخرة الضارة في الغلاف الجوي لتغطية الأرض ودفع العديد من الأنواع للانقراض.
الكويكب أو المذنب الذي اصطدم بالأرض منذ حوالي الـ65 مليون سنة، والذي يعتقد بأن قطره كان يصل إلى أكثر من ستة أميال (10كم)، أدى عندما اصطدم بالأرض، إلى إطلاق طاقة تزيد عن الطاقة المنطلقة من مليار قنبلة نووية كتلك التي أدت إلى تدمير هيروشيما، وهذا الاصطدام ترك آثار له في تشيككسولوب في المكسيك على شكل حفرة هائلة يصل قطرها إلى حوالي 110 ميل (180كم).
اصطدام بهذه القوة قادر على إلقاء الكثير من الغبار في الجو، ويؤدي إلى حدوث زلزال تزيد قوته عن 9 درجات في جميع أنحاء العالم.
تبعاً لـ(لواك فاندركلويسن) من جامعة دريكسل، وهو أحد الذين شاركوا في الدراسة، فإن العلماء لا يناقشون أهمية الاصطدام الذي ترك آثاره في تشيككسولوب، ولكن النشط البركاني واسع الانتشار والذي صاحب تلك الحادثة، جعل من تعافي النظام الإيكولوجي صعباً للغاية.
قام الباحثون بفحص طبقات الحمم البركانية القديمة التي تم اكتشافها بالقرب من الواجهة الشرقية لمنحدر في مدينة مومباي في الهند، معروفة باسم فيوض ديكان، ففي تلك المنطقة، تبدو تدفقات الحمم مثل طبقات الكعك، وهي تغطي مساحة هائلة، تعادل تقريباً مساحة اسبانيا، وبحسب (فاندركلويسن)، فإن هذا الموقع يعتبر واحداً من عدد قليل من المواقع البركانية المعروفة ذات المساحة الكبيرة جداً.
من خلال الاختبارات التي تم إجراؤها على الأجزاء المختلفة من تدفقات الحمم البركانية، استطاع الباحثون تحديد مواعيد أكثر دقة عن الحقب التي تشكلت فيها تلك الحمم، حيث تبين بأنه قد حدث ارتفاع كبير في معدل اندلاع الحمم بعد وقت قصير من الاصطدام العملاق، وعلى الرغم من أن البراكين التي كانت توجد في المنطقة التي تقع عليها الهند حالياً، كانت هي الأكثر هيجاناً على وجه الأرض في ذلك الوقت على الأغلب، إلّا أنه يبدو بأن الانفجار والصدمة التي تسبب بها الكويكب أشعلا البراكين الأخرى في جميع أنحاء العالم.
أشارت تقنية التحديد الزمني التي استخدمها الباحثون في تحليلهم إلى أن ارتفاعاً كبيراً في الانفجارات البركانية حدث بعد ما لا يزيد عن 50,000 سنة من الاصطدام، وهذه الفترة تعتبر طرفة عين من وجهة النظر الجيولوجية، وتبعاً لـ(فاندركلويسن)، فإن حدوث هذين الأمرين في فترتين زمنيتين قريبتين جداً من بعضهما ستكون مصادفة غريبة، لذلك فمن غير المرجح أن يكون هذا الأمر قد حصل بشكل عشوائي.
كانت عواقب هذا الحدث وخيمة بالنسبة لقسم كبير من الحياة على الأرض، فالارتطام الذي تبعه موجات طويلة من الثوران البركاني، عاثت خراباً في النظام البيئي، ومنعته من الرجوع لحالته الطبيعية لأكثر من 500,000 سنة، وبحسب (بول رين)، وهو عالم جيولوجي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، والمؤلف الرئيسي للدراسة، فإن التنوع البيولوجي والكيميائي في المحيطات استغرق حوالي نصف مليون سنة ليسترد عافيته بشكل تام، وهي الفترة التي استمرت فيها البراكين في الثوران، وعلى الرغم من أن البيانات المتوفرة لدى العلماء لا تثبت بشكل قاطع أن الارتطام هو ما تسبب بهذه التغيرات، ولكن الرابط أصبح يبدو أكثر وضوحاً مع الوقت.
نهاية تجدر الإشارة إلى أن العلماء كانوا يتناقشون لسنوات حول تأثير الضربة القاتلة التي قضت على الديناصورات، ففي حين أشار البعض إلى حفرة تشيككسولوب، واعتبروا بأن اصطدام الكويكب كان السبب الرئيسي في الانقراض الجماعي، زعم آخرون بأن الثورات البركانية الضخمة التي أدت إلى تشكل فيوض ديكان كانت هي الملامة عن الانقراض، ولكن تبعاً لـ(مارك ريتشاردز)، وهو المؤلف المشارك في الدراسة، فإذا ما استمرت الأدلة التي تشير إلى ترابط الأحداث الثلاثة – الاصطدام، الانقراض، والتدفق الكبير للحمم من البراكين – بالظهور تباعاً، فإنه سيصبح من الواجب على الأشخاص أن يتقبلوا هذا الارتباط.