تشير النتائج الأولية التي أتت بها التجارب السريرية في (مايو كلينيك) هذا الأسبوع إلى أنه باستخدام نسخة معدلة من فيروس الحصبة، يمكن استهداف الخلايا السرطانية وجعل الحالة في وضعية الخمول.
قام العلماء بإعطاء جرعة تعادل 10.000 ضعف الجرعة المعتادة التي تعطى من لقاح الحصبة عن طريق الوريد لامرأتين تعانيان من ورم النِّقويّالمتعدد (وهو مرض سرطاني نادر يصيب خلايا الدم البيضاء في نخاع العظم), إحداهما تبلغ من العمر 49 عام والثانية 65 عام, وكانت النتيجة أن قام الفيروس الذي تم تعديله خصيصاً لاستهداف الورم السرطاني بتخفيض أو حتى القضاء على الورم لدى المريضتان, وقد لوحظ أن استجابة المرأة ذات الـ49 عام كانت أفضل من المرأة الأخرى, بغض النظر عن انتكاسة واحدة تمت معالجتها عن طريق الأشعة, فقد اختفى الورم عندها وظلت الخلايا السرطانية في حالة خمول لأكثر من ستة أشهر.
فكرة استخدام الفيروسات لمهاجمة الخلايا السرطانية ليست بالفكرة الجديدة, فقد كان العلماء يدرسون الآلية لتنفيذ ذلك منذ خمسينيات القرن الماضي, ولكن هذه هي المرة الأولى التي استطاع فيها الباحثون القضاء على الخلايا السرطانية لدى الإنسان باستخدام مصل من الفيروسات يعطى عن طريق الوريد, حيث استطاع الفيروس المحقون استهداف الورم نفسه إضافةً إلى تمكّنه من علاج نخاع العظم المتضرر في منطقة الورم, ومن الجدير ذكره أنه في دراسات أخرى تم حقن الفيروسات في منطقة الورم نفسها بدلاً من استخدام الحقن عن طريق الوريد.
ويشير الدكتور (ستيفن ج. راسل), المؤلف الأساسي لهذه الدراسة, أن ما يدعو إلى الحماسة حقاً بشأن هذه الدراسة, هو إمكانية الوصول لعلاج مرض السرطان بحقنة واحدة فقط, على عكس العلاج التقليدي للسرطان الذي يتطلب أشهراً من زيارة العيادات لمكافحة هذا المرض، والأمر الوحيد الذي يمكن أن يشكل عقبة في وجه هذه التقنية هو أن المرضى الذين تلقوا لقاحاً ضد الحصبة لن يكونوا مؤهلين للحصول على هذا العلاج, ولكن على اعتبار أن ورم (النِّقويّ) يُضعف من الجهاز المناعي لدى المريض فإن احتمالية أن يكون الفيروس في هذه الحالة فعالاً بما فيه الكفاية ما تزال موجودة.
أخيراً، وعلى الرغم من أن هذا الدواء يعد انجازاً واعداً, إلا أنه مازال من المبكر جداً اعتباره دواء للسرطان, فالعديد من أدوية السرطان التي تقوم على أساس فيروسي تم اختبارها مرات عدة في السابق, ولكن لم يتم اعتماد أي منها للمعالجة الحقيقية, ومازال الباحثون بحاجة لإجراء العديد من التجارب على المرضى, كون النتائج المطروحة حالياً ليست بالتأكيد نتائج نهائية، ويضيف الدكتور (ستيفن راسل), أن التجارب بحاجة لكم كبير من العمل قبل تحديد ما إذا كان هذا العلاج شاملاً أم لا, وكيف يمكن التوصل لتطبيق هذا العلاج على مرضى السرطان الآخرين، بمعنى آخر لم يتم التوصل إلى علاج لمرض السرطان بعد.