رغم التقدم الملحوظ الذي تمّ إحرازه على صعيد سدّ الفجوة بين الجنسين في المجالات العلميّة، فقد ننتظر لعقودٍ أو حتى قرون، قبل أن نرى أعدادًا متساويةً من الرجال والنساء في بعض الاختصاصات.
قد تكون تلك المعلومة صادمةً للعديد من النساء، ولكن، هذا ما أفادت به دراسةٌ أجراها باحثون في جامعة ملبورن بأستراليا، وتمّ نشرها في مجلّة PLOS Biology العلميّة بتاريخ 19 نيسان/أبريل .
ركزت الدراسة على 5 مجالاتٍ رئيسية و هي: العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والطب، أو ما يعرف اختصارًا بـ STEMM، واستخدم فريق البحث فيها برنامج كومبيوتر لتحديد عدد المؤلفين “الذكور” والمؤلفات “الإناث” المدرجة أسماؤهم ضمن أكثر من 10 ملايين ورقةٍ أكاديمية، في حوالي 5000 مجلةٍ أكاديمية و120 فئةٍ فرعية، تم نشرها بين عامي 2002 و2016، دون أخذ المؤلفين أصحاب الأسماء الملتبسة بين الجنسين -مثل كريس أو روبن- بعين الاعتبار.
قاعدة البيانات هذه مازالت محافظةً على 92٪ من بياناتها حتى اليوم، دون أن تطرأ على نتائجها النهائيّة أي تغيراتٍ تذكر، ممّا سمح للباحثين بتقدير النسبة بين الجنسين في جميع المجالات في الوقت الراهن، ومعدل تغيرها مع مرور الوقت، وتقدير الزمن اللازم لتحقيق التكافؤ بين الجنسين، وقد وضّح فريق البحث أن عدد النساء اللاتي يؤلفن أبحاثًا في مجالٍ ما، يمكن عدّه مؤشرًا معتمدًا لعدد النساء العاملات في ذلك المجال.
وجاءت النتائج النهائيّة، لتبيّن أن عدد المؤلفين الذكور فاق عدد المؤلفات الإناث في 87 من التخصّصات ال115 التي تم تحليلها، فيما تفوقت النساء على الرجال في 5 مجالاتٍ فقط، بينها التمريض والقبالة، وقد سجلت مجالاتٌ كالفيزياء والرياضيات والكيمياء وعلوم الكومبيوتر العدد الأقل من المؤلفات، ممّا يعني أنّ تلك الاختصاصات ستأخذ الوقت الأطول للوصول إلى التكافؤ بين الجنسين، وعلى سبيل المثال فإن إغلاق الفجوة بين الجنسين في اختصاص علوم الكومبيوتر سيتطلب الانتظار نحو 280 عامًا، واختصاص الفيزياء الفلكية سيتطلب نحو 131 عامًا، واختصاص الرياضيات سيتطلب نحو 60 عامًا، بحسب تخمين الباحثين.
وقد يكون الانتظار أقصر بالنسبة إلى العديد من الاختصاصات المتعلقة بالصحة، ففي مجال الصحة البيئية، يُقدّر الوقت ب 16 عامًا، وفي مجال الصحة العامة، يتمّ تمثيل الرجال والنساء حاليًا بأعداد متساويةٍ تقريبًا، كما بيّنت الدراسة.
وللإسراع في سدّ الفجوة بين الجنسين، يوصي فريق الباحثين ببذل جهودٍ أكبر لتوظيف النساء في القطاعات العلميّة، مع العمل على الاحتفاظ بهن، وتيسير أمور حصولهن على إجازات الأمومة عند الحاجة.
وأخيرًا، نقدّم رسمًا بيانيًّا يشير إلى عدد السنوات التي يُتوقّع أن يستغرقها اخفاء الفجوة بين الجنسين في المجالات العلميّة، وفقًا لتقديراتٍ جديدةٍ تستند إلى العدد الإجمالي للرجال والنساء الذين يؤلفون الأبحاث العلمية، ونلاحظ من خلاله أنّه في مجالٍ واحدٍ فقط، هو الصحة العامة، تبدو الفجوة بين الجنسين مغلقةً بالفعل، في حين أن عدد الرجال يفوق عدد النساء في معظم الاختصاصات الأخرى، ويبدو التمريض والقبالة -المميزين بنجمة، الاختصاصين الوحيدين الذين تهيمن الإناث عليهما بشكلٍ استثنائي.