دعا خبراء وباحثون خلال جلسة نقاشية استضافها مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش 2024″، اليوم الأربعاء، إلى إعطاء الأولوية القصوى للاستثمار أكثر في البحوث المتعلقة بعلاج أمراض السرطان، محذرين من احتمال وقوع أزمات شديدة ستُثقل كاهل النظم الصحية على المستوى العالمي إذا لم يتم البحث عن حلول ناجعة.
وقد شهد اليوم الافتتاحي للقمة مناقشة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة على الخصوص بسرطاني الثدي وعنق الرحم وتداعياتهما المجتمعية، مع التأكيد على دور المجتمعات التي يكثر فيها كبار السن وتتبنى أنماط عيش غير صحية، وأثر ذلك على ارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن أمراض السرطان. ومن المقرر أن تتواصل أشغال المؤتمر، الذي يستضيفه مؤتمر القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية “ويش”، التابع لمؤسسة قطر، إلى غاية يوم غد الخميس.
وقد سلطت الدكتورة لمياء محمود، المستشار الإقليمي لبرنامج الوقاية من الأمراض غير المُعدية في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، خلال هذه الجلسة التي تحمل عنوان: “معركة الرعاية ضد السرطانات”، الضوء على نسبة تفشي السرطان في منطقة شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، قائلة: “إذا نظرنا إلى معدل الوفيات من أصل الإصابات، سنلاحظ أن الموت يُحدّق بالنساء في منطقتنا أكثر من المناطق الأخرى في العالم”. وأضافت: “يُمكننا الاستنتاج أننا بحاجة مُلحة إلى المزيد من الاستثمار في مجال الوقاية والفحص المبكر والعلاج من السرطان”.
وأشارت الدكتورة لمياء، استنادًا إلى دراسة نُشرت مؤخرًا، إلى أن العبء الاقتصادي لسرطاني الثدي وعنق الرحم قد بلغ 15 مليار دولار أمريكي في عام 2020، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 379 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2040. وتشمل هذه الأرقام تكاليف الرعاية الصحية والتكاليف المجتمعية، علاوة على الخسائر المحتملة جرّاء ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء.
بدوره، قال سعادة الشيخ الدكتور خالد بن جبر آل ثاني، المؤسس ورئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للسرطان: “إن هناك العديد من الحواجز الثقافية التي تحيط بهذه الأمراض، مما يجعل الناس يترددون في مناقشتها. هناك الكثير من النساء اللواتي تعتقدن أنهن في منأى عن الإصابة بسرطان الثدي أو سرطان عنق الرحم؛ غير أنه في حقيقة الأمر لا أحد ببعيد عن المرض”.
“لقد قمنا بتغيير النبرة التي نتعامل بها مع الناس، والطريقة التي نتحدث بها معهم. وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي أحرزناه على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أنه لا يزال هناك الكثير لنقوم به”.
من جهتها، قالت الدكتورة جينيفر هوانج بوي، رئيس قسم الصحة العالمية في جامعة جورجتاون: “يلعب متوسط أعمار أفراد المجتمع، إلى جانب سوء التغذية، وقلة ممارسة الأنشطة الرياضية، دورًا كبيرًا في تنامي أعداد الوفيات بأمراض السرطان”.
وأردفت: “”لا نبالغ في القول إننا بحاجة للمزيد من الاستثمار في مجال محاربة السرطان، لأن الفشل في القيام بذلك من شأنه إضعاف نظم الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم”.
وفقًا للدكتورة بوي، “من شأن التجارب السريرية والتطورات الجديدة في مجال الرعاية الصحية أن تزيد من فعالية علاج السرطان”، لافتةً إلى أن التأثير الحقيقي يكمن في الوقاية الأولية والثانوية.
وأوضحت: “لقد أظهرت الأبحاث أن الوقاية الأولية، التي تستهدف الأفراد الأصحاء من خلال تعديلات نمط الحياة وحملات التوعية بالسرطان، تقدم فعالية ونتائج أفضل. وبالطبع تشكّل الوقاية الثانوية أمرًا بالغ الأهمية، بما في ذلك الاستفادة من التقنيات المحمولة والتكنولوجيا الخفيفة، وذلك لضمان حصول النساء في المناطق النائية على فرص الفحص المبكر والوقاية من السرطان في الوقت المناسب”.
يُعقد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش 2024” في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، تحت شعار: “الصحة من منظور إنساني: المساواة والمرونة في مواجهة الصراعات”. ويستعرض المؤتمر جملة من أبرز القضايا الصحية العالمية الملحة، بمشاركة أكثر من 200 خبير و3000 مندوب في مجال الصحة، وذلك لمناقشة أفكار وممارسات قائمة على الأدلة في الابتكار الصحي لمعالجة أكثر التحديات الصحية إلحاحًا في العالم.