وفقا لدراسة صادرة عن جامعة كاليفورنيا، فقد تم اختراع جهاز تنصت بلاستيكي يتم تعليقه على البطن، لمساعدة الأطباء في تحديد المرضى الذين يمكنهم الأكل بأمان بعد الجراحة، والمرضى الذين لا ينبغي أن يأكلوا بعد الجراحة، وهذا الاختراع يؤدي إلى تحسين النتائج الطبية، وانخفاض تكاليف الرعاية الصحية وتقصير مدة الإقامة في المستشفى.
بعض المرضى الذين يخضعون للجراحة، تتطور لديهم حالة مرضية تسمى الانسداد المعوي ما بعد الجراحي (POI)، وهو خلل في الأمعاء، يؤدي إلى تدهور حالة المرضى في حال تناولوا الطعام بعد العملية الجراحية فوراً، وقال مؤلف الدراسة الدكتور (برينان شبيغل)، أستاذ الطب في كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا، بأنه حتى الآن، ليس هناك أي وسيلة لمراقبة حالة (POI) سوى الاستماع إلى البطن لفترات قصيرة عن طريق السماعة الطبية.
الجهاز الجديد، هو جهاز استشعار بيولوجي غير جراحي لمراقبة أصوات الجهاز الهضمي يسمى (AbStats)، شكله يشبه القبعة البلاستيكية الصغيرة، ومزوّد بمايكروفون صغير لمراقبة الهضم، حيث يمكن أن يستخدم للمساعدة في تشخيص متلازمة القولون العصبي ومرض التهاب الأمعاء، بالإضافة إلى مساعدة الأشخاص البدينين لانقاص وزنهم من خلال التعرّف على الأصوات الناجمة عن قناتهم الهضمية والتي تشير إلى الأوقات المناسبة لتناول الطعام .
وبشكل عام، فإن هذا الجهاز هو وسيلة لقياس العلامات الحيوية بالجسم، ويمكن استخدامه مع باقي الأجهزة التي تقوم بقياس العلامات الحيوية مثل قياس معدل ضربات القلب وضغط الدم، بهدف تشخيص وعلاج المرضى.
تظهر الدراسة المنشورة في النسخة الإلكترونية من مجلة جراحة الجهاز الهضمي ، بأنه تم استخدام جهاز الاستشعار البيولوجي للاستماع إلى الأصوات الصادرة عن الأمعاء، حيث تم وصله مع جهاز كمبيوتر لقياس معدل الأصوات التي تعبّر عن حركة الأمعاء، وقام فريق البحث بمقارنة معدلات الحركة المعوية لمدة 60 دقيقة، لدى أشخاص تناولوا وجبة طعام موحدة بعد الجراحة، المجموعة الأولى هم من المرضى الذين يمكنهم تناول الطعام بأمان بعد الجراحة، والمجموعة الثانية لا يمكنها تناول الطعام كونها تعاني من حالة (POI).
وبالنتيجة استطاع الفريق باستخدام جهاز الاستشعار البيولوجي، تمييز المرضى الذين يعانون من حالة (POI)، عن المرضى الذين لا يعانون من هذه الحالة، عن طريق قياس الأصوات الصادرة عن أمعائهم، ويمكن في المستقبل، استخدام جهاز الاستشعار البيولوجي لتحديد أي من المرضى يمكن تغذيته بأمان، وذلك بناء على أدلة جازمة قادمة من الجهاز، بدلاً من اتخاذ قرار قائمة على مجرد التخمين، ويمكن أيضاً أن يتم تطوير الجهاز ليستطيع تحديد المرضى المعرضين لخطر الإصابة بحالة (POI)، وذلك لمساعدة الأطباء قبل إجراء الجراحة على اختيار طريقة تغذية المريض بعد الجراحة.
وقال (شبيجل) أنه بعد الجراحة، تقوم الأحشاء بالانغلاق نتيجة للضغط الناجم عليها، كون الجسم يحوّل كامل طاقته للحفاظ على الدماغ والقلب والرئتين على قيد الحياة، فضلاً عن أن الأطباء يقومون بإعطاء المرضى الأدوية المخدرة لمساعدتهم على تحمل ألم بعد الجراحة، وهذه الأدوية يمكن أن تتسبب أيضاً بتجمد الأحشاء، الطريقة التي يستعملها الأطباء حالياً لمراقبة حالة (POI) تقوم على وضع سماعة طبية على بطن المريض لمدة 15 ثانية، والاستماع لفترة وجيزة لأصوات تحرّك الأمعاء، والاستفسار عن وجود حالة من انتفاخ البطن، بما مؤداه أن الطرق المستخدمة حالياً هي طرق بدائية جداً وغير دقيقة، أما الجهاز الجديد فيمكنه مراقبة حركة الأمعاء لاتخاذ قرارات أكثر دقة.
يعتمد الجهاز على تقنية التقاط صوت الأمعاء، لأن الأمعاء عندما تنسد، تصبح هادئة جداً، وتتحرك فقط لبضع مرات في الدقيقة الواحدة (الحالة الطبيعية هي 10 حركات أو أكثر في الدقيقة الواحدة)، وينجم عن الحركات المعوية صوت نقر، ويقوم جهاز الاستشعار البيولوجي بالتقاط صوت النقر وإرساله إلى جهاز كمبيوتر لتحليله.
تشير الاحصائيات الصادرة عن المعاهد الوطنية للصحة الأميريكية، بأن اضطرابات الجهاز الهضمي تنتشر بشكل كبير، حيث يوجد حوالي 70 مليون حالة تعاني من اضطرابات في الجهاز الهضمي كحالة أساسية كل عام في الولايات المتحدة، ويوجد حوالي 100 مليون حالة سنوياً تعاني من اضطرابات الجهاز الهضمي كحالة ثانوية، وينجم عن هذه الحالات تكاليف اجتماعية مباشرة وغير المباشرة، حيث يقدر مجموع التكاليف المباشرة لرعاية اضطرابات الجهاز الهضمي كحالة أساسية حوالي 100 مليار دولار سنوياً، أما التكاليف غير المباشرة الناجمة عن رعاية اضطرابات الجهاز الهضمي كحالة ثانوية تزداد لتصبح حوالي 140 مليار دولار سنوياً.
أخيراً، يشير (شبيجل)، أن تزايد معدلات الشيخوخة بين السكان الأمريكيين وتزايد حالات السمنة، سيؤدي إلى زيادة حالات اضطرابات الجهاز الهضمي، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة التأثير الاقتصادي لهذه الحالات في العقد المقبل وما بعده.