قطرات الندى هى كرات صغيرة من الماء الصافى تظهر على سطح الأرض، وتظهر أيضا على ما عليها من أجسام كالمعادن والصخور والأشجار وأوراق النباتات. تحمل قطرات الندى معها بدايات الصبح الجميل ونهايات الليل المنصرم، كما أنها تبدو كالوجه الجميل الذى يبعث الأمل فى القلوب المتعطشة للحظة صدق حقيقية ولبصيص من نور منتظر. قطرات الندى ماهى الا حبات من لؤلؤ تسامت معها الأرواح العطرة والنفوس الطيبة ساجدة – شاكرة – حامدة لنعم الله تعالى. كما أن هذه القطرات تشبه القلوب عندما ينام أصاحبها فتجدها طاهرة صافية من غير حقد أو حسد. ان دلالات هذه القطرات كثيرة ومتعددة، يأخذها كل آخذ كما يرى، فهناك من يرى فيها صفاء النفس والروح ونقاء الفطرة ويستريح لرؤيتها، وهناك من يستفيد من علمها المستودع فيها، وهناك كثيرون لايعبأون بل لايشعرون بوجودها أصلا.
ألية تكوين قطرات الندى
الندى هو ظاهرة طبيعية لها زمان ومكان وآلية تكوين. ظهر مكانها وزمانها عندما ألقت هى بشباكها على أجسام الأرض فى الفترة مابين الساعات الأخيرة من الليل والساعات الأولى من الصباح الباكر قبل انسياب خيوط الشمس الذهبية. أما آلية تكوين هذه الظاهرة كانت فى تكوين قطرات الندى التى من خلالها يتحول بخار الماء الى ماء سائل نقى، وذلك عند لامسة هذا البخار لسطح باردـ الأمر الذى يؤدى الى فقده لحرارته أثناء الليل بشكل أسرع مما قد يحدث فى العادة لبخار الماء الموجود فى الهواء فى الظروف العادية فى ساعات النهار. أما آلية تكوين قطرات الندى فقد جاءت من خلال تكثف جوي لبخار الماء بمعدل أعلى من معدل تبخره، انها نقطة تحول جوهرية فى حالة المادة قد فرضت نفسها فرضا عند درجة حرارة معينة وسميت بنقطة الندى. نقطة الندى التى يصبح عندها الهواء عاجز عن حمل كل ما به من بخار ماء، وأمام هذا العجز وعدم القدرة على التحمل فانه (الهواء) يلجأ الى التخلص من بعض هذا البخار المائى من خلال تكثفه اعتمادا على مبادئ الديناميكا الحرارية.
كيمياء قطرات الندى
تداعب قطرات الندى أوراق النباتات مدابة حانية رقيقة تنتهى باتخاذها شكل شبه كروى، وتستحى بل وتخشي أن تتخذ أى شكلا أخر ، لنجد أنفسنا فى نهاية المطاف أمام كرات بل بلورات صغيرة من الماء الجميل المنظر النقى المحتوى. ولكن لماذا هذا الحياء وهذه الخشية من اللجوء لشكل أخر؟ أم أنه حكم نهائى فرض هذا الشكل شبه الكروى على قطرات الندى ؟ أم أنه حكم بات أكتسب قوة الشئ المقضى به؟ نعم انه حكم نهائى فرض هذا الشكل الكروى على قطرات الندى معتمدا فى ذلك على الفرق بين قوى تماسك جزيئات الماء وقوى التلاصق بين هذه الجزيئات وسطح الجسم الملامس لها. وكأننا أمام ظاهرة فرضت نفسها وبقوة على ظاهرة أخرى، فتحكمت فيها وأخضعتها لقوانينها، ولما لا؟ وهذه هى ظاهرة الشد أو التوتر السطحى الطاغية على كل حركات وتحركات ظاهرة الندى. فخرزة الماء المتربعة على عرش ورقة النبات، قد تزينت فى شكلها وملامحها بالسكل الشبه كروية لأن قوى تماسك جزيئات الماء مع بعضها البعض كانت أكبر من قوى التصاق الماء بسطح الورقة النباتية مع احداث زاوية تماس كبيرة قد تزيد عن 150 درجة.
تكنولوجيا قطرات الندى
علم وفن أداء لظاهرة قطرات الندى قد ألقى بمخالبها فى محيط التكنولوجيا، فكان الندى مصدرا طبيعيا فعالا لرطوبة التربة والنبات حيث يعمل على تأخير عملية تبخر الماء من التربة كما أنه يسعى دائما الى تأخير عملية النتح من أوراق النبات لمدة قليلة من الزمن. علاوة على أن الندى يحفظ النباتات ويحميها من الكثير من الآفات الزراعية التي لا تستطيع دخول أوراق النباتات المبللة. دلالات مستنبطة من ظاهرة قطرات الندى أكدت على أن سطح ورقة النبات هو سطح كاره للماء اعتمادا على فلسفة ظاهرة التوتر السطحى. وعند القاء نظرة متأنية على دلالات هذه الظاهرة الطبيعية، سوف تتجلى لنا تكنولوجيات جديدة محاكية لتكنولوجيا قطرات الندى، كتكنولوجيا الملابس غير القابلة للبلل والأحذية المقاومة له، الى غير ذلك من التطبيقات المستقبلية البازعة القائمة على تقنية صد الماء. كما أن تكنولوجيا قطرات الندى لم ينساها أو يتجاهلها هذا القزم المسمى بالنانو، وذلك عندما دأب مفكرى وصانعى النانو على مداعبة الظاهرة والخروج منها بمواد نانوية كارهه للماء يمكن اضافتها للكثير من الصناعات وتعظيم القيمة الاقتصادية لهذه الصناعات كصناعة الملابس والجلود والمركبات الفضائية والبحرية…………ألخ.