تُعرَف عملية ترقيع الجلد (Skin grafts) بأنها عمل جراحي يمكن من خلاله علاج الجلد التالف الناتج من التعرض لحرق أو جرح أو التهاب أو جراحة، حيث تقوم العملية ببساطة على إزالة الجلد التالف واستبداله بجلدٍ جديد.
عملية ترقيع جلد (Skin Grafts) خطيرة
إضافةً إلى خطورتها فإن عملية ترقيع الجلد لم تعد مجدية خاصةً مع ازياد أعداد المرضى وذلك نظرًا لكونها معرضة لخطر التلوث والعدوى البكتيرية و النزيف، وفقدان رقعة الجلد إضافةً إلى تلف الأعصاب. و وفقًا لتجارب جديدة أجريت في معهد سالك (Salk Institute) فإنه يمكن من خلال هذه التقنية تجنب النتائج الخطيرة الناتجة من عمليات ترقيع الجلد.
إن الأشخاص الذين يعانون من الحروق الشديدة أو التقرحات أو الأمراض المزمنة مثل السكري هم معرضون لخطر الإصابة بالجروح المعروفة باسم القرح الجلدي (cutaneous ulcers)، والتي يمكن أن تمتد عبر طبقات الجلد المختلفة . بصرف النظر عن كونها مؤلمة للغاية كما يمكن أن تؤدي هذه الجروح في بعض الأحيان إلى إصاباتٍ خطيرة أو قاتلة أو بتر الأطراف.
عادةً ،يتم التعامل مع هذه القروح عن طريق ترقيع الجلد وزراعته لتغطية تلك الجروح، لكن هذا الأمر سيشكل تحديًا جديدًا في حال كانت هذه القروح ( الجروح) كبيرة وبالتالي تصبح عملية زراعة الجلد وترقعيه مَهمةً صعبةً وغير ممكنة. و في مثل هذه الحالات يُمكن للباحثين أخذ خلايا جذعية جلدية من المريض ، وزرعها في المختبر وإعادتها للمريض مرة أخرى. لكن هذا الإجراء يستغرق وقتًا طويلاً إضافةً إلى كونها عمليةً خطيرةً و ليست بالضرورة فعالة!
تؤكد معدلات مرض السكري المرتفعة بشكل كبير على الحاجة الملحة لتطوير طرق جديدة وفعالة لعلاج القرحة الجلدية، و يركز مختبر معهد سالك على تطوير مناهج ومفاهيم جديدة تعتمد على الخلايا الجذعية من أجل “إعادة برمجة” الخلايا من نوع إلى آخر باستخدام الطب التجديدي الحديث.
- إن طب التجديد أو الطب التجديدي هو فرع من فروع الأبحاث المختصة بترجمة هندسة الأنسجة وعلم الأحياء الجزيئي لاستعاضة وهندسة وتجديد خلايا وأنسجة وأعضاء البشر بهدف جعلها تعمل بطريقة طبيعية، ويُوفر الطب التجديدي أيضاً إمكانية تنمية الأنسجة والأعضاء في المختبر و زرعها بأمان عندما لا يستطيع الجسم شفاء نفسه.
تعتبر الخلايا الكيراتينية القاعدية (Basal keratinocytes) مكون الأساس لخلايا الجلد. لكن الجروح الكبيرة والشديدة مثل القرحة الجلدية (cutaneous ulcers) لا توجد فيها أي خلايا كيراتينية قاعدية التي تقوم بدور كبير في بناء الجلد والمساعدة في الئام الجروح والقرحات.
علاوةً على ذلك ، ومع شفاء هذه الجروح فإن الخلايا التي تتكاثر في المنطقة – و التي تُعرف باسم الخلايا الجذعية اللُحمية المتوسطية – تشارك بشكل أساسي في شفاء و التحام الجروح، ولكنها لاتساعد في بناء طبقة جلدية سليمة وصحية.
الهدف من هذه التقنية
هو تحويل الخلايا الجذعية اللحمية المتوسطة إلى خلايا كيراتينية قاعدية دون اخراج الخلايا اللحمية الجذعية من الجسم و زراعتها مخبريًا ومن ثم اعادتها للجسم.
للقيام بذلك، قام مختبر (سالك) بمقارنة مستويات البروتينات المختلفة داخل الخلايا اللحمية والخلايا الكيراتينية، لدراستها ومعرفة ما يميزها، ومعرفة ما سيتم تغيره من أجل إعادة برمجة هذه الخلايا حتى يقوم الجسم بنفسه بمعالجة الجروح وتكوين خلايا كيراتينية قادرة على المساعدة في تكوين خلايا الجلد في الجروح الكبيرة.
تم تحديد 55 نوعًا من البروتينات، والتي أُطلق عليها ” عوامل اعادة البرمجة Reprogramming factors” التي تساهم في تحديد الخلايا الكيراتينية القاعدية والمحافظة عليها. كما وتم اجراء المزيد من التجارب على كل عامل من عوامل إعادة البرمجة، وتم تقليص هذه العوامل إلى أربعة عوامل فقط و التي من شأنها أن تحوّل الخلايا اللحمية إلى خلايا كيراتينية قاعدية في المختبر ضمن أطباق زجاجية (petri dishes) ،هذه الخلايا الكيراتينية الناتجة هي المكونة لخلايا الجلد الصحي و الطبيعي.
تم اجراء هذا الاختبار لعلاج قرحات الجلد على الفئران التجريبية في المختبر، وبعد 18 يومًا من تطبيق محلول موضعي يحتوي على هذه العوامل الأربعة كان بالإمكان ملاحظة الشفاء على الفئران. بعدها تم فحص الفئران بعد ثلاثة و ستة أشهر حيث لوحظ أن الخلايا التي تكونت كانت كخلايا الجلد صحيةً وسليمةً تمامًا ولم يكن هناك أي ندبٍ للجرح أو علامات ظاهرة على الرغم أنه كان من المفترض ظهورها!
ساعدت هذه التقنية كثيرًا في شفاء القرحات الكبيرة والجروح العميقة، من خلال إعادة برمجة الخلايا اللحمية لتكوين خلايا كيراتينية تعمل على اغلاق الجروح و التقرحات وتضميدها و تساهم في نمو الخلايا وتكوين جلد صحي. إلا أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من الجهود لضمان سلامة هذه التقنية وخاصة على المدى البعيد..و لكن كاختبار أولي وتجريبي للمفهوم، فإن النتائج مبشرة للغاية.
إن هذ النتائج التي توصل إليها مختبر (سالك) هي ايجابية جدًا وتمثل دليلاً مبدئيًا لتجديد الأنسجة الكاملة على الخلايا الفردية كالجلد على سبيل المثال لا الحصر. فعلاوةً على التئام الجروح فإن هذه التقنية الجديدة مفيدة جدًا في إصلاح تلف الجلد ومكافحة آثار الشيخوخة والمساعدة في التعرف على سرطان الجلد بشكل أفضل.