سيتم التطرق في هذه المقالة لأهم البحوث التكنولوجية التي أحدث ثورة في عالم الأحياء ،وقد أُطلق عليها اسم “تقنيات ثورية” نظرًا لقوتها و تطورها السريع.
إن التكنولوجيا الحديثة هي واحدة من أقوى محركات التقدم العلمي فعلى سبيل المثال كانت المجاهر القديمة تكبر الصور خمسين ضعفًا على أبعد تقدير
(على الأكثر). في حين قام تاجر النسيج الهولندي أنطوني فان ليفينهوك بتطوير مجهر (ميكروسكوب) ذو قدرة تكبيريه لأكثر من 200 ضعف، كان استخدامه بداية لفحص القماش، ثم تم استخدامه لدراسة عينات من مياه البرك ولويحة الجرثومية السنية (Plaque from teeth)
*أنطوني فان ليفينهوك، باحث وعالم هولندي اخترع أول مجهر ضوئي بسيط شاهد من خلاله كائنات حية دقيقة في قطرات الماء وهو من أوائل العلماء الذين استخدموا العدسات. عاش قرابة 91 سنة، سنتا ميلاده ووفاته هما نفس سنتا ميلاد وممات السير كريستوفر رن.
تعتبر ملاحظات ليفينهوك ومشاهدته للكائنات الحية الدقيقة اكتشافات أساسية وجوهرية في علم الأحياء المجهرية (microbiology) وعلم الأحياء الخلوي (Cell biology)، وشجعت على تطوير مجاهر أكثر تطورًا. حتى هذا اليوم لا تزال المجاهر الضوئية تستخدم و احدى العناصر الأساسية في علم الأحياء الحديثة.
يشكل هذا المثال خاصيتين من خصائص التقنيات الثورية وهما القدرة على معالجة الأسئلة بشكل أفضل وإمكانية استخدامها من قبل الباحثين.
أدى ظهور الأشعة السينية في عام 1895 إلى ثورة متعددة الأوجه في عالم التصوير. و سعى العلماء إلى فهم طبيعة الموجات الكهرومغناطيسية وقد أدركوا أنها قد تشتت بواسطة البلورات وأكدوا على أن الأطوال الموجية للأشعة السينية كانت مماثلة للفصل بين الذرات في البلورات.
في عام 1913 ، وجد العالم وليام هنري براغ وابنه وليام براغ، أن أنماط التشتت (الأشعة السينية) يمكن استخدامها للتفسير والكشف عن توزيع الذرات في البلورات، و حدد براغ من خلالها تركيب العديد من المواد البسيطة مثل ملح الطعام والألماس.
في أواخر 1950، اتسعت هذه الطرق لتشمل تحديد تركيب البروتينات.. وبروتينات أكبر وأكثر تعقيدًا. حيث تم اكتشاف آلاف التراكيب و التي تساهم بدروها في فهم أساسيات الكيمياء العضوية و علم الأحياء الخلوية.
تطورت الابتكارات التقنية وأدت إلى تحسين الأجهزة، وتطوير برامج قوية من شأنها أن تقود إلى ثورة في عالم الأشعة السنينة وعلاقتها بالبلورات ” دراسة البلورات بالأشعة السينية”.
مع تطور مجال تكنولوجيا الحمض النووي، تم تطوير تقنية ثورية جديدة بواسطة العالم كاري موليس (من 1983 إلى 1985) ! تدعى هذه التقنية بتفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) في شركة التكنولوجيا الحيوية سيتوس (Cetus). يسمح PCR بالتضخيم الهائل لسلالات محددة من الحمض النووي. كانت لهذه التقنية تأثير ثوري فوري على العديد من المجالات ، بما في ذلك استنساخ الجينات وتحليل الحمض النووي ، ويشكل أساسي للعديد من الطرق في البيولوجيا الجزيئية الحديثة. يعتمد PCR على العديد من التقنيات الأساسية ، بما في ذلك التركيب الكيميائي للسلالات القصيرة للحمض النووي (DNA) ، وتوافر الإنزيمات المناسبة.
* كاري موليس هو كيميائي أمريكي ولد في 28 ديسمبر 1944 في ولاية كارولاينا الشمالية. وفي سنة 1966 حصل على بكالوريوس من معهد جورجيا للتكنولوجيا، وفي عام 1973 حصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة بركلي كاليفورنيا.
تركز المراجعات في التقنيات الثورية على طريقتين مكملتين لبعضها البعض هما المجهر الضوئي التقليدي وعلم البلورات بالأشعة السينية (x-ray crystallography) ، والتلاعب بالحمض النووي DNA وصولًا لمجموعة من الاكتشافات والتطبيقات العظيمة . ويمكن لهذه التقنيات أن تساعد في ايجاد اجابات للأسئلة القديمة وأن تفتح آفاقا جديدة تساهم في اكتشاف ظواهر جديدة وتسمح بصياغة أسئلة لم يكن من الممكن تصورها في السابق.