تعتمد جميع المخلوقات الحية على المياه لتستمر بالبقاء على قيد الحياة، وعندما يتعلق الأمر البشر، فإن عقولنا وقلوبنا تتكون من حوالي 70% من المياه، في حين تحتوي رئتينا على ما يصل إلى 80% من المياه، وحتى عظامنا تتكون من حوالي 30% من المياه، ولنستطيع البقاء على قيد الحياة، نحن بحاجة إلى ما يقارب من 2.4 لتر يومياً في المتوسط، يأتينا بعض منه من الطعام.
ولكن ماذا يحدث إذا أصيب أحد ما بحساسية من الماء؟ هذا هو الحال بالنسبة لقلة نادرة من الأشخاص الذين يعانون من حالة تسمى بالشرى المائي (aquagenic urticarial)، ومن بين هؤلاء الأشخاص كان هناك مراهقة أمريكية تدعى (الكسندرا ألين) تم تشخيص حالتها بالشرى المائي في عام 2013، وهذه الحساسية تجاه الماء جعلتها تحد من مدة استحمامها لتقتصر على أخذ حمام لا يتجاوز الـ5 دقائق بالماء البارد مرتين في الأسبوع، وقص شعرها ليصبح قصيراً والتحول لتصبح نباتية من أجل أن ينخفض فرز جسمها للزيوت.
بحسب (ألين): “قيل لي أنه في يوم من الأيام، ستتورم حنجرتي عندما أشرب الماء، ولكن إذا كان هناك شيء واحد قد تعلمته منذ تشخيص حالتي بهذا المرض هو أننا جميعاً نمتلك أشياء للتعامل معها في الحياة”، فالأشخاص الذين يعانون من حالة مماثلة لحالتها عادة ما يقتصر غذائهم على بعض الأنواع من الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من المياه، وغالباً ما يختارون شرب المشروبات الغازية المخصصة للحميات بدلاً من الشاي أو القهوة أو العصير.
بالإضافة إلى مراقبة الحمية الغذائية، يجب على أي شخص يعاني من الشرى المائي أن ينتبه إلى عدد من العوامل البيولوجية الطبيعية، مثل العرق والدموع، بالإضافة إلى إبقاء تعرضهم للظروف الطبيعية مثل المطر والرطوبة في أدنى حد ممكن له، لتجنب الإصابة بالشرى والتورم والألم، وكما يمكنكم أن تتخيلوا، يجب عليهم السيطرة على ردود أفعالهم العاطفية – لا دموع – إلى جانب أن آثار ممارسة الرياضة يمكن أن تشكل تحدياً هائلاً بالنسبة لهم أيضاً.
يرجع أول توثيق لحالة الشرى المائي لعام 1963، عندما أصيبت فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً بالقروح بعد ممارستها للتزحلق على الماء، وقد عُرف لاحقاً بأنها تعاني من حساسية شديدة للماء، تجلت من خلال الإصابة بالشرى المرافق للحكة على بشرتها المكشوفة في غضون دقائق.
يبدو بأن الحالة تكون أكثر شيوعاً بين النساء، ومن المرجح أنها تتطور خلال فترة البلوغ، نتيجة خلل وراثي على الأرجح، وندرته تعني أنه غالباً ما يتم تشخيصه خطأً على أنه حساسية من المواد الكيميائية التي تكون موجودة في المياه مثل الكلور أو الملح، كما ويمكن أن تستمر الالتهابات الناجمة عنه لمدة ساعة أو أكثر، ويمكن أن يؤدي إلى تطوير المرضى لحالة من الرهاب من الاستحمام في الماء، ولكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي لحدوث صدمة حساسية.
إذا ما نظرنا إلى الأبحاث الطبية، سنجد بأن هناك أقل من مائة حالة تم دراستها فقط حول الموضوع، غالباً ما كانت معظم هذه الدراسات تركز على علاقة الحالة بظروف خطيرة أخرى مثل سرطان الغدد الليمفاوية والتهاب الكبد C والتهابات الخلايا التائية اللمفاوية، وقد أدت قلة الأبحاث إلى عدم وجود بحوث حول الحالة وسبل علاجها وتشخيصها مما أسفر بالنتيجة عن صعوبة بالغة في تحديد الحالة، ولكن أثبتت مضادات الهستامين بأنها يمكن أن تكون مفيدة بالنسبة لبعض الأشخاص، ولحسن الحظ، فإنه يبدو بأن تأثير الحالة ينحسر في شدته كلما تقدم المريض من السن.
إحدى الطرق التي يمكن من خلالها التعامل مع هذه الحالة هي تعلم كيفية ممارسة الإدارة الذاتية والحصول على الدعم العاطفي، حيث تشير (ألين) بأنها تأمل بأن يساعد التحدث عن هذا المرض الغريب المريضة التالية التي لن تتعدى عند الإصابة بهذا المرض سن الـ12 عام والتي ستفزع عندما تعلم بأنها لن يكون بمقدورها أن تكون حورية البحر.