عندما يتعلم الأطفال عن دورة حياة المياه على كوكب الأرض، فإنهم يدرسون مفهوماً بسيطاً، وهو أن غلافنا الجوي يمتلئ ببخار الماء الذي يتبخر من المسطحات المائية السائلة التي نراها حولنا، وعندما تنخفض درجة حرارة البخار بما فيه الكفاية، فإنه يتكثف ويتحول مرة أخرى إلى المياه.
إن وجود ذلك البخار يصبح واضحاً بشكل خاص في فصل الصيف، عندما تتجمع قطرات الماء عى أكواب المياه المثلجة وعندما تبدأ وحدات تكييف الهواء بتسريب قطرات المياه على المارة في الطرقات.
استناداً على هذا المفهوم، بدأت شركة تدعى (Water-Gen) بالتفكير في هذا الماء الناتج عن التكثيف كشيء أكبر من مجرد منتج ثانوي للتبريد، ولذلك، قامت ببناء آلة مصممة خصيصاً لخلق وتجميع أكبر قدر ممكن من التكثيف، فباستخدام نظام يستخدم مجموعة من “الأوراق” البلاستيكية التي توجه الهواء في الاتجاهات المختلفة، تمكّن الفريق من تطوير مولّدات مياه استطاعت في نهاية المطاف توليد مياه شرب نقية من لا شيء.
بحسب المؤسس والمدير التنفيذي المشارك للشركة (اري كوهافي)، فإن الهدف هو استخراج المياه من الهواء باستخدام الحد الأدنى من الطاقة، وأضاف “نحن نعتقد بأن حلنا يمكن أن يحل مشكلة المياه على المستوى الدولي، فهو حل فوري، ولن يكون على الحكومات انفاق عشرات السنين في إنشاء المشاريع الكبيرة”.
تقدر شركة (Water-Gen) بأنه وعتماداً على أسعار الطاقة الحالية، فإن المياه الناتجة ستكلف أقل من عشرة سنتات للجالون.
يتطلع فريق (Water-Gen) لإيصال هذه التكنولوجيا الحديثة التي ابتكروها إلى نوعين من الأماكن، وهي المناطق التي لا تمتلك مياه صنبور صالحة للشرب، والمواقع التي تعتبر حارة ورطبة.
تبعاً لتفسير (كوهافي)، فإنه كلما كان جو المنطقة أكثر حرارة أو أكثر رطوبة، كانت كمية المياه التي ينتجها النظام أكبر من المتوسط، في حين أنه كلما كان الجو أكثر برودة وجفافاً قل إنتاج النظام، ولكن بشكل عام فطالما أن درجات الحرارة مرتفعة بما فيه الكفاية، فسيكون هناك ما يكفي من الماء في الهواء لكي تعمل الآلة بشكل جيد بغض النظر عن مستويات الرطوبة.
لحسن الحظ، فإن هاتين الحالتين الجويتين غالباً ما تكونان مترافقتان، فالأماكن التي لا تمتلك مياه للشرب عادة ما تكون حارة ورطبة، كما هو الحال في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، لذلك، فإن هاتين القاعدتين تعتبران متساويتين تقريباً.
تقوم شركة (Water-Gen) حالياً بإجراء اختبارات ميدانية لمنتجاتها في مدن مثل مومباي وشنغهاي ومكسيكو سيتي، وكذلك العديد من المناطق الريفية الأخرى، ومن المتوقع أن يكون منتج الشركة متاحة تجارياً بحلول نهاية العام المقبل.
بحسب (مكسيم ناسيك)، رئيس مجلس الإدارة في شركة (Water-Gen)، فإن مشكلة إمكانية الوصول إلى مياه الشرب أصبحت قضية ذات أهمية متزايدة بسبب تغير المناخ وتزايد عدد سكان العالم، وتأمل الشركة في أن تستطيع إيصال هذه التكنولوجيا بشكل مباشر للحكومات، لأن تنفيذها على نطاق واسع سيكون أرخص وأسرع، وأضاف (ناسيك) بأن الشركة بدأت بالفعل بإجراء المناقشات مع عدة حكومات.
هذا النوع من المفاوضات ليس جديداً بالنسبة لشركة (Water-Gen)، حيث أن الشركة كانت قد بدأت من خلال إنشاء معدات عسكرية للمساعدة في تأمين الماء للجنود في الخطوط الأمامية، واستطاعت بيع تلك التقنية إلى العديد من الجيوش بما في ذلك جيش الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فضلاً عن بلدان عربية لم يتم الكشف عنها.
بالإضافة إلى أجهزة توليد المياه، تعمل الشركة على تصنيع تنقيات لتصفية المياه، يمكن أن تعمل باستخدام البطاريات أو الألواح الشمسية، وتستطيع أن تقوم بتصفية جميع الطفيليات التي توجد في المياه من طفيليات الجيارديا أو المواد التي تسبب التسمم مثل السيانيد، ولكنها لا تستطيع تحلية الماء المالح، ولكن بحسب (كوهافي)، فإن تقنية توليد المياه من الهواء مخصصة للأماكن التي لا تمتلك أي مصدر للمياه لتصفيته.
قبل بضع سنوات، قررت شركة (Water-Gen) تحويل اهتمامها إلى التطبيقات المدنية لتكنولوجياتها، وكانت آلات توليد المياه من الهواء نتاج لذلك، وذلك بالإضافة إلى تقنية التجفيف التي يتم استخدامها الآن في مجففات الملابس التي تباع من قبل شركة سيمنز وبيكو.
لكن بحسب (ناسيك) فإن تلك التطبيقات التجارية ليست المحور الرئيسي لاهتمام الشركة، فالشركة تريد إيصال مياه الشرب لجميع البلدان، والحلول التي يتم إنشاؤها لصالح الجيوش ليست سوى قضايا ثانوية، فما هو مهم بالنسبة للشركة هو إيصال المياه إلى جميع الأشخاص، فهذا حق أساسي من حقوق الإنسان.