هندسة الأنسجة ومستقبل الطب
يرى البعض أن هندسة الأنسجة هي مستقبل الطب، فقد استطاع الباحثون في مختبر بيتر، بجامعة بيترسبورج متعددة الفنون (Peter the Great St. Petersburg Polytechnic University (SPbPU)) إنشاء مواد بوليميرية فريدة من نوعها لأهداف طبية، حيث تقوم هذه المواد بمعالجة وإصلاح الأعضاء البشرية المجروحة أو التالفة. وتمكن الخبراء في المعمل من انتاج مادة مسامية ثلاثية الأبعاد مصنوعة من كولاجين (بروتين) وكيتوزان، وهي مواد حيوية موجودة في أنسجة العظام نفسها. وباستخدام هذه المواد أصبح من الممكن استعادة أجزاء من العظام التي فُقدت بسبب جرح أو مرض معين. يُطلق على هذه المواد اسم “المواد المقلدة” mimicking materials، لأنها تقوم بخداع الجسم، وتوهمه بأنها مواد حيوية وليست غريبة عن الجسم. مازال هذا المصطلح غير منتشر وغير معروف. ولكن الباحثون يرون أن استخدام هذه المواد يُدخل الطب حقبة جديدة في أرجاء العالم بأسره.
كيف تعمل هذه المواد؟
يتم زرع قالب بوليمري في الأنسجة التالفة بالكبد، أو العظام، أو الشرايين، ويكون هذا القالب مشبع بخلايا العضو الذي سوف يتم زرعه فيه. وحيث أن هذه المواد مصنوعة من مكونات حيوية (كولاجين، كيتوزان)، فإن الجسم ينخدع بها ولا يقوم بمقاومتها. وبعد فترة من الزمن يتفكك القالب البوليميري، وتُستبدل الأنسجة المُصنعة بأنسجة أخرى طبيعية.
يقول رئيس المختبر فلاديمير يودين Vladimir Yudin ” نحن لا نحتال على طبيعة الجسم، ولكن فقط نساعده على التغلب على المشاكل الطبية. توجد الآن مناقشات جادة بين الخبراء حول أفضلية استخدام زراعة الأعضاء أم استعادتها. فالشخص الذي يمتلك عضو صناعي يجب عليه أن يأخذ الدواء طوال حياته لكي يمنع الجسم من مقاومة هذا العضو الاصطناعي. ولكن هذا لا يحدث في حالة استعادة الأنسجة من الخلايا البشرية.”
زراعة الأعضاء، استعادة الأعضاء أيهما أفضل؟
في الحقيقة إن التطوير من زراعة الأعضاء الاصطناعية هو أمر ضروري ومُلِح بالنسبة للطب المعاصر. ولكن نجاح هذا التطوير يعتمد على تصنيع مواد بوليمرية لها قدرة توافقية حيوية وقابلة للارتشاف الحيوي. فالعلماء في جامعة بتسبرج لم يتمكنوا من خلق مواد لها القدرة على التوافق الحيوي وتعوض الأنسجة الطبيعية فحسب، بل تمكنوا أيضاً من تنظيم وقت الارتشاف لهذه المواد، لأنه و من المهم جداً أن يتم التحكم في المواد المزروعة لضمان عدم انحلالها قبل تكوين الأنسجة الجديدة.
نتائج مبشرة
نتائج هذه الدراسات أظهرت أنه بعد فترة من الزمن، فإنه يتم تغطية هذه المواد الإسفنجية ثلاثية الأبعاد بواسطة أنسجة العظام الطبيعية، بينما تبدأ هذه المواد المزروعة بالتحلل. وبالإضافة لهذه الدراسات، فقد تم دراسة استخدام الكولاجين الاسفنجي على أنسجة كل من الكبد والعضلات. وقد تم نشر أخر نتائج هذا البحث في مقال نُشر في جريدة الخلايا والأنسجة البيولوجية Cell and Tissue Biology تحت عنوان ” قدرة المواد المسامية ثلاثية الأبعاد على الارتشاف الحيوي تعتمد على الكولاجين في أنسجة الكبد والعضلات.”
طور الباحثون كذلك أغطية الجروح، وبدائل الشرايين، والخيوط المستخدمة في الجراحة. وقاموا بتجربة هذه المواد على الأعضاء الحية. وأثبتت النتائج فعاليتها. وتم اقتراح هذه المواد للاستفادة منها في هندسة الأنسجة وزراعة الأعضاء.