ناقشت الدكتورة غزلان بن دريس، المحاضِرة في علم الأحياء في وايل كورنيل للطب – قطر، أحدث طرق علاج الأمراض المستهدفة للكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الأمعاء البشرية.
وتحدثت الدكتورة بن دريس ضمن سلسلة المحاضرات المتخصصة التي ينظمها قسم التعليم الطبي المستمر، فتناولت أحدث البحوث الطبية التي أُجريت عن طرق علاجية تتمحور حول ميكروبات الأمعاء البشرية لأمراض تشمل على سبيل المثال لا الحصر داء السكري، السمنة، التهاب كلوستريديوم ديفيسيل المزمن وأمراض الأمعاء الالتهابية. وتطرقت المحاضِرة أيضاً إلى العلاقة المحتملة بين ميكروبات المعدة والتوحد.
تتألف الأمعاء البشرية من تريليونات الكائنات الحية الدقيقة، بما في ذلك البكتيريا والفيروسات والعتائق (البكتيريا المتقادمة) والفطريات. ولهذه الكائنات الحية الدقيقة أهمية حيوية في صحة الإنسان لدورها المهم في تنظيم كل من الاستقلاب والمناعة والوظائف الدماغية. ويقول العلماء إن كل إنسان يستضيف جميعة فريدة تتألف من قرابة 100 تريليون خلية ميكروبية، ويفوق هذا العدد بكثير عدد الخلايا البشرية عند الإنسان.
ويتسبّب اختلال التوازن بين الكائنات الحية الدقيقة المفيدة والضارة بحالة تُعرف باسم “ديسبيوسيس”، وتتسم هذه الحالة في العادة باستجابة مناعية التهابية. وأظهرت البحوث رصد هذه الحالة في معظم الأمراض والاضطرابات، ما جعل الأطباء والعلماء يفترضون أن التدخل لاستعادة التوازن السليم بين مجهريات المعدة قد يعطينا علاجاً فعالاً لعدد من الحالات المرضيّة.
وقالت الدكتورة بن دريس إن بحوثاً أُجريت مؤخراً على الفئران أظهرت أن الأمعاء البشرية تقوم بدور مهم في التسبّب بالسمنة كما يبدو، مشيرة إلى أن زراعة البراز تستخدم حالياً في الولايات المتحدة كعلاج شرعي لالتهابات كلوستريديوم ديفيسيل. وقد أظهرت بعض الدراسات أن زراعة البراز يمكن أن تساعد في علاج عدة أمراض أخرى. جدير بالذكر أن الدكتورة بن دريس تقود حالياً دراسة بعنوان “دور ميكروبات الأمعاء البشرية في اضطرابات طيف التوحد وأمراض الأمعاء الالتهابية”.
وقالت الدكتورة بن دريس، في سياق شرحها للصلة بين مجهريات المعدة والدماغ: “تقوم بكتيريا الأمعاء بدور في معالجة الطعام، وبفعل معالجة الطعام تتكون المستقلبات مثل الأحماض الأمينية قصيرة السلسلة وغيرها. وتستحث هذه المستقلبات إطلاق الهرمونات، وبعض تلك الهرمونات تؤثر في الدماغ، إذ يمكنها أن تؤثر في أشياء مثل الشعور بالشبع على سبيل المثال. كما يمكن لتلك المستقلبات أن تطلق هرمونات تؤثر في البنكرياس، ما يؤثر في إفراز الأنسولين، وقد يشير ذلك إلى صلة ما بين مجهريات المعدة وداء السكري”.
وأضافت قائلة: “يحتضن جسم الإنسان أكثر من 100 تريليون من الكائنات الحية الدقيقة، أي ما يفوق عدد الخلايا البشرية، ولنا أن نتخيّل دورها المؤثر على الصعد الفسيولوجية والاستقلابية والمناعية والمرضيّة. لذا يستحق هذا المجال المزيد من الدراسة لما له من إمكانات هائلة محتملة لتحسين صحة الإنسان بطرق شتى”.
نالت المحاضرة الاعتمادَين اللازمين من إدارة الاعتماد في المجلس القطري للتخصصات الصحية في قطر ومجلس اعتماد التعليم الطبي المستمر في الولايات المتحدة.