اكتشف عالم الآثار البريطاني هاوارد كارتر عام 1925م مقبرة الملك الفرعوني المصري توت عنخ آمون، كما عثر كارتر داخل لفائف المومياء الكتانية على خنجرين للملك أحدهما مصنوع من الحديد الذي لم يصدأ حتى الآن!
وتعد مقبرة الملك توت عنخ آمون من المقابر النادرة التي اكتشفت كاملة دون أن يسرق منها شئ أو يعثر عليها أحد اللصوص من قبل، وكانت المقبرة مليئة بآلاف القطع الأثرية الذهبية المزخرفة، والأثاث الجميل بالإضافة إلى مومياء الملك توت عنخ آمون وقناعه الذهبي.
خنجر مصنوع من نيزك!
وفي عام 2016، في دراسة تابعة لمجلة علوم النيازك والكواكب. أكد فريق من الباحثين الإيطاليين أن التركيب الكيميائي للخنجر يوضح أن المادة المكونة له جاءت من خارج كوكب الأرض. لكنهم لم يتمكنوا من معرفة كيفية إنتاجه ولا المادة المصنوع منها.
فحص الباحثون المصريون والإيطاليون الخنجر بالأشعة السينية؛ لمعرفة التركيب الكيميائي لمادة الخنجر دون الإضرار بجسم الخنجر. وللكشف عن نسبة النيكل والكوبلت والكلور والمنجنيز فيه. وأشارت النتائج إلى أن تركيبة هذا المعدن ليست نفس تركيبة عنصر الحديد الموجود على سطح الأرض؛ لذا يحتمل أنه صنع من نيزك سقط على الأرض!
قارن الباحثون الخنجر مع نيازك أخرى معروفة سقطت في محيط 2000 كيلومتر على ساحل البحر الأحمر. أحدها كان على بعد 150 كيلومتر غرب مدينة الإسكندرية، ويحتوي على نسب مشابهة من النيكل والكوبلت.
أكد الباحثون أن المصريين القدماء كانوا على علم بسقوط نيازك من السماء في القرن 13 قبل الميلاد. وقبل معرفة الغرب بها بحوالي 2000 عام تقريباً.
أين صُنع الخنجر؟
حير العلماء نوع حديد ذلك الخنجر على مدى قرن من الزمان؛ لأن هذه الحرفية المتقنة للحديد كانت نادرة في مصر آنذاك. ومن غير المألوف في ذلك الوقت صنع هذا الخنجر بهذه الدقة والحرفية. إذ لم يعرف المصريون القدماء صهر الحديد إلا بعد موت الملك توت عنخ آمون بحوالي 500 عام تقريباً.
لكن توصل فريق من الباحثين بمعهد تشيبا باليابان إلى أنه ربما صنع هذا الخنجر خارج مصر.
أظهر الباحثون أن مقبض الخنجر المصنوع من الذهب استخدمت فيه مادة لاصقة تعرف باسم “الجص الجيري”، والذي لم يكن يستخدم في مصر في هذا الوقت. لكنه في نفس الوقت كان يستخدم في أجزاء أخرى من العالم.
وتشير التحليلات أن هذه القطعة الأثرية استخدمت فيها تقنية الحرارة المنخفضة، إذ يسخن فيها المعدن إلى درجة حرارة لا تزيد عن 950 درجة مئوية؛ لذا يعتقد أن أصله أجنبي وليس مصرياً، وربما جاء من مملكة ميتاني بالأناضول.
الجدير بالذكر أن ملك مملكة ميتاني بالأناضول قد أهدى الملك الفرعوني أمنحتب الثالث، جد توت عنخ آمون خنجراً حديدياً بمقبض ذهبي. كما ذكر في السجلات المصرية القديمة، ويعتقد أن هذا الخنجر قد تناقلته العائلة. حتى ورثه الملك توت عنخ آمون عن جده.
ويشير العلماء أن تكنولوجيا معالجة الحديد واستخدام الجير اللاصق كانت بالفعل سائدة في مملكة ميتاني في ذلك الوقت.
يذكر أن الملك توت عنخ آمون تولى الحكم عند الثامنة من عمره وتوفي دون العشرين من عمره. وحتى الآن لم تعرف طريقة وفاته، هل توفي بسبب إصابة أثناء الصيد أم اغتيل. وقد توفي قبل 1300 عام قبل الميلاد.
ويتميز الخنجر بمقبض ذهبي مزين بكريستال صخري على شكل دائرة، يغلفه غمد ذهبي مزين بالزخارف. كما أن البقع السوداء الموجودة على حوافه نتيجة الترويلايت (وهو معدن شائع الوجود في النيازك الحديدية).
وكانت تلك القطع الحديدية نادرة آنذاك؛ لذا كانت أكثر قيمة من الذهب في ذلك الوقت. ولا زالت طريقة تصنيع هذه المشغولات اليدوية إحدى الألغاز العظيمة التي تحيط بمقبرة الملك توت عنخ آمون حتى يومنا هذا.
المصدر: