حاول الباحثون بمعهد سانفورد بورنهام للعلوم الطبية الوصول لبداية الخيط الذي يفسر حدوث الزهايمر في مرضى متلازمة داون، لماذا يحدث؟
متلازمة داون هي متلازمة تنتج عن تغيير في الكروموسومات حيث توجد في حالة الإصابة بتلك المتلازمة نسخة زائدة من كروموسوم 21، وهو نوع من شذوذ الكروموسومات الأكثر شيوعاً لدى البشر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، فإن طفلاً من كل 700 طفل يصاب بتلك المتلازمة، وعادة ما ترتبط بإعاقة ذهنية خفيفة قد تصل إلى المتوسطة.
وبعد ارتفاع متوسط العمر للمصابين بهذا المرض بسبب ارتفاع العناية الطبية، لوحظ ارتباط هذه المتلازمة بحدوث الزهايمر، لذلك وجب التعمق في فهم هذا الأمر لتحسين حياة هؤلاء المرضى ما أمكن.
ففي سن ال 40، ما يقرب من 100% من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون يصابون بتغييرات في المخ والتي عادة ما تكون مرتبطة بمرض الزهايمر.
“فهدفنا الآن أصبح أن نفهم كيف تتسبب هذه النسخة الاضافية من كروموسوم 21 وجيناتها في زيادة الخطر بالإصابة بالزهايمر والخرف لدى مرضى متلازمة داون.” يقول الدكتور هواشي هو الأستاذ في برنامج الأمراض التنكسية في سانفورد بورنهام، والمؤلف الرئيسي للبحث.
“فدراستنا الجديدة تكشف كيف أن بروتين يسمى SNX27 يقوم بتوليد بيتا أميلويد والأميلويد هو مادة بروتينية تتكون في الجسم في الظروف غير الطبيعية وتترسب في أنحاء مختلفة من الجسم مثل المخ، وهي مادة سمّية للأعصاب، لذلك تكون مع الأعصاب التي ماتت بسببها مزيجاً مكونة لويحات مترسبة في المخ، وهي الصفة المميزة لمرض الزهايمر”
وجد الفريق أن هذا البروتين المسمى SNX27 يتناسب عكسياً مع مستويات البيتا أميلويد الضار في الجسم، فهو يعمل على تثبيط الإنزيم الذي ينتجه، لذلك فحين ينخفض هذا البروتين لسبب من الأسباب فإن البيتا أميلويد يزيد في الجسم.
وجد شو وفريقه قبلاً أن الفئران التي كان لديها نقص البروتين SNX27 لديها صفات متلازمة داون، وأن البشر المصابين بمتلازمة داون لديهم نقص فيه، ووجدوا أن وظيفة هذا البروتين المكتشَف في المخ هو تعزيز مستقبلات الخلايا اللازمة لإثارة الأعصاب وعملها بشكل جيد، وعندما يحدث نقص فيه يسبب خللاً في وظائف الأعصاب مسبباً مشاكل في التعلم وفقدان الذاكرة.
كما وجد العلماء أنه بتعويض الفئران المصابة بما يشبه متلازمة داون بنسخ بديلة من هذا البروتين فإن مشكلة ذاكرتها يتم إصلاحها.
لكن لماذا حدث نقص في هذا البروتين SNX27؟
يوجد في كل خلية DNA يحمل شفرة وهو يشبه المعلومات الموجودة في نظام الكمبيوتر، يتم ترجمته إلى m-RNA الرسول، وهي تشبه رسالة مشفرة إلى الطابعة مثلاً لطبعها إلى أوراق، والورق المطبوع الناتج هنا يشبه البروتين، وهذا ما يحدث في أي خلية.
لكن هنا، ما يحدث هو أن الرسالة المشفرة miRNA-155 التي ترسل إلى الطابعة ليس لها أي معنى، لأنها ناتجة من الكروموسوم الزائد، لذلك لا تترجم إلى أي بروتين، لكن هذه الرسالة التي لا تحمل معنى تثبط البروتين المهم SNX27، محدثة الآثار التي ذكرناها.
وقال شو إن تتبع هذه العملية كان معقداً حقاً، لكنهم استطاعوا الوصول إلى بداية خيط المشكلة، وإيجاد إجابة للسؤال: “لماذا يصاب مرضى داون بالزهايمر؟”
فالزهايمر سببه الأميلويد، والأميلويد سببه نقص البروتين SNX27، وهذا النقص سببه الرسالة المشفرة المثبطة التي لا تحمل معنى miRNA-155 ، وهذه الرسالة عديمة المعنى بسبب الشفرة التي يحملها الكروموسوم الزائد، وهذا الكروموسوم الزائد بسبب حالة داون.
ويقول الفريق أن الخطوة القادمة هي محاولة تطوير اختبار كاشف للتعرف على جزيئات تستطيع التأثير على هذه السلسلة منذ بدايتها، وإيقاف تطور الزهايمر في مرضى داون.